الأرض عطشى
الحارث الحصني........
لم يتضح حتى هذه اللحظة حجم التأثير الذي خلفه نقص المياه التي كانت تروي محاصيل المزارعين في قرية بردلة، بالأغوار الشمالية، بعد أن دمرت جرافات الاحتلال الإسرائيلي قبل أيام، خطوط مياه كانت تغذي تلك الأراضي الزراعية.
لكن بكل تأكيد، فإن هذا التدمير الذي لحق بخطوط مياه يبلغ طلها أربع كيلو مترات، سيرمي بظلاله السلبية على انتاج تلك المحاصيل.
وصحيح أن المزارعين على مدار سنين خلت، اعتادوا أن يكون فصل الصيف لديهم موسم استراحة، لكن باتوا في السنوات الماضية القليلة يزرعون محاصيل تحتاج المياه على مدار العام.
وهذه الأيام، يمكن مشاهدة عشرات الدونمات المزروعة بأشجار العنب والجوافا وغيرها.
وقرية بردلة واحدة من أكبر التجمعات الزراعية في الأغوار الشمالية، الواقعة ضمن التصنيف "ب".
مدير مديرية زراعة محافظة طوباس، المهندس مجدي عودة، يقول "خلال الأيام القادمة سيتضح بشكل كامل حجم الخسائر التي سببها تدمير الاحتلال لشبكات المياه... باعتقادي هناك خسائر تقترب من النصف".
"بدأت القصة في السابع والعشرين من نيسان الماضي، حين اقتحم حوالي أربعين جنديا وأربع جرافات القرية، وهدموا جزءا من الشبكة". قال رشيد الخضيري، وهو أحد المتضررين من الهدم.
ويأخذ موضوع الأغوار الشمالية بشكل عام حيزا كبير في تاريخ الصراع الفلسطيني –الإسرائيلي، ويرى الفلسطينيون أنه لا يمكن أن يكون حل في المنطقة دون هذه المنطقة ومواردها الطبيعية.
وبينما يمارس الاحتلال سياسة قتل آمال المزارعين الفلسطينيين في المنطقة الأكثر انتاجا للخضراوات في فلسطين، بالتضييق عليهم فيما يخص موضوع المياه، يروي المستوطنون مزارعهم ومواشيهم وكل شيء.
يقول ابراهيم صوافطة، وهو الآخر لحقه الضرر بسبب ما قامت به جرافات الاحتلال بتدمير الشبكات، "تعتبر هذه الأيام في الأغوار فصل الصيف، المحاصيل ذبلت بسبب نقص في المياه ودرجات حرارة الطقس العالية".
وللمفارقة، يظهر منظر آثار الدمار في خطوط المياه للفلسطينيين، بجانب بئر ضخ للجانب الاسرائيلي، صورة واضحة لسرقة الاحتلال لكل موارد تلك المنطقة.
وبهذه الطريقة يتعامل الاحتلال مع سكان المنطقة في كل جوانب الحياة.
يقول أحد الموظفين الإداريين في مجلس قروي بردلة، ضرار صوافطة، "عمل الاحتلال منذ سيطرته على قرية بردلة على تجفيف بئر المياه الوحيد الذي كان يغذي القرية، وتوعدت اسرائيل بتزويد سكان القرية بنفس الكمية التي كانت تخرجها تلك البئر".
" كانت الكمية 240 كوبا في الساعة، لكن مع تقدم السنين قلص الاحتلال تلك الكمية حتى أصبحت اليوم 120 كوبا"، قال صوافطة.
وبنظرة عامة على المحاصيل في تلك القرية، يلاحظ عليها علامات الظمأ، بعد تقليص الاحتلال لعدد ساعات المياه المخصصة للفلسطينيين، في المقابل تنعم محاصيل المستوطنين بمياه تفوق حاجتها الأساسية.
ولا يمكن أن تكون في تلك المناطق حياة دون ماء بكميات وافرة، تكفي الفلسطينيين ومزارعهم ومواشيهم.
قال ابراهيم صوافطة، "كنت أسقي محاصيلي الزراعية قبل تدمير خطوط المياه بـ300 كوب كل ثلاثة أيام، لكن حاليا صرت أسقيها في الاسبوع مرة بكمية مياه لا تتجاوز 150 كوبا".
"المستوطنون يرتوون ويروون مواشيهم ومزارعهم...، وهنا عندنا حرارة مرتفعة ونقص في المياه". قال خضيري.
مزارعون تجمعوا بالقرب من أحد خطوط المياه المدمرة، قالوا الشيء ذاته.
وخلال جولة حضرها رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، الوزير وليد عساف، تعهد بإعادة بناء وترميم ما دمرته جرافات الاحتلال لخطوط المياه في قرية بردلة.
ha