دير بلوط تحتفل بفقوسها
- عُلا موقدي
منذ خمس سنوات، تعتمد "ملكات السهل" في قرية دير بلوط غرب سلفيت، على مهرجان الفقوس الذي بات تقليدا سنوياً في القرية، في بيع منتوجات السهل الزراعية وتحسين أوضاعهن الاقتصادية وإبقاء الأرض حية.
200 طن من الفقوس والثوم والبصل ينتجه سهل دير بلوط سنوياً، يحتاج الى ترويج وسوق ضخم لبيع المنتج من المزارعات إلى المستهلك مباشرة، ويقدر العائد الاقتصادي السنوي للإنتاج الزراعي في دير بلوط بمليون ونصف المليون شيقل.
الناشط الشبابي داوود عبد الله، قال لـ"وفا": قبل خمس سنوات كانت مبادرة بالتعاون مع محافظة سلفيت ومديرية الزراعة، من خلال إطلاق دعوة الكترونية عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" لإقامة مهرجان تسوق زراعي في سهل دير بلوط، ولاقت الفكرة استحسان المتابعين ونجح النشاط وتوافدت العائلات للشراء المباشر، واستمرت هذه الفكرة حتى أصبح المهرجان تقليديا سنويا، تتخلله فعاليات ونشاطات فنية وترفيهية، بحضور عدد شخصيات اعتبارية.
وأضاف: تعمل في المرج حوالي 400 امرأة تتراوح أعمارهن ما بين 40 عاما و60 عاما، وبعضهن في سن الثمانين، يعملن بسبب تعلقهن بالسهل، ويعلن أسرهن، ويساهمن في تعليم أبنائهن.
وتابع: معظم الأسر تعتمد على الإنتاج الزراعي في سهل دير بلوط كمصدر وحيد للعيش،ورغم ميل الجيل الشاب الى التعليم والعمل بوظائف مريحة، إلا أنه لو توفرت لهم مشاريع زراعية صغيرة لعملوا فيها وتركوا الوظيفة، مشيرا إلى أن سعر كيلو الفقوس وصل هذا العام إلى عشرة شواقل، وهو أعلى معدل سنوي.
وعن المساعدات التي تقدم للنساء العاملات في السهل، قال عبد الله إن دور وزارة الزراعة إرشادي حسب إمكانياتها، لكن مزارعي المرج ينظرون إلى تطوير الزراعة وتحسين جودة البذور وتوفير مشاريع زراعية صغيرة لاستكمال الزراعة طيلة فصول السنة، وأن لا يقتصر على موسم واحد وعلى فصل الشتاء وحده، فالنساء على استعداد للزراعة طوال السنة، إذا توفرت الإمكانيات المناسبة.
وأوضح الحاج موسى مصطفى من دير بلوط لـ"وفا"، أن سهل دير بلوط يقع شرقي القرية، وكان يسمى "مرج الزعفران"، وكانت تنبت فيه أشجار عالية الارتفاع، كما كانت تفوح منه رائحة الزعفران، و تمتاز أرضه بالتربة السهلية الطينية وهو عبارة عن أرض منبسطة، وتقدر مساحته بــ 1000 دونم، كما يوجد ملحق للمرج وهو المريج ويقع شمال القرية وتقدر مساحته بــ 200 دونم.
وأضاف مصطفى: سابقاً كان يزرع التبغ كمحصول أساسي، وكان الإنتاج يسوّق في مدينة رام الله، التي تعد المركز التجاري الأول لقرية دير بلوط والقرى المجاورة، وقبل العام 1967م كان يزرع بالبطيخ والشمام والسمسم.
في المرج منخفض تتجمع فيه مياه الأمطار يسمى "البالوع"، وتبلغ مساحته نحو 60 دونما، وكان ارتفاع المياه يصل إلى متر وأكثر، وله قناة صغيرة تصب في وادي العين وتبقى فيه المياه حتى شهر أيار، ثم تتم زراعته بالحمص والبامية، وغيرها من المحاصيل.
وقالت الحاجة ابتسام موسى (50 عاما): بدأنا مؤخراً البحث عن الزراعات البديلة، ولاحظنا نجاح زراعة "الأفوغادو" في سهل دير بلوط وجدواها الاقتصادية، ولكن المشكلة الرئيسية هي نقص المياه وارتفاع أسعارها، ومع ذلك يوجد ثلاث قطع أراضٍ حالياً مزروعة به، بمساحة تصل إلى 8 دونمات تقريبا.
وأضافت أن المزارعين يتخوفون من عشبة الباذنجان البرية، حيث دمرت هذه العشبة المزروعات في المناطق المنتشرة فيها، وقد تصل الى أشجار الزيتون وتلحق الضرر فيها.
ودفع انتشار عشبة الباذنجان البري في سهل دير بلوط مؤخراً، إلى تفعيل ندوات توعوية بيئية حول مخاطرها وانتشارها وكيفية التخلص منها، باعتبارها عالمياً نبتة مسممة وضارة بالأرض والنبات والحيوان، وهي من أكثر الأعشاب ضرراً وانتشاراً في العالم، حيث تنافس المحاصيل الزراعية على الغذاء والماء والضوء، وتمتص المياه الموجودة في الأرض، وتتسبب بتسميم الماشية والمحاصيل الزراعية، وتعتبر مكافحتها صعبة بسبب قدرتها على التجديد والتكاثر.
وتنتشر نبتة الباذنجان البري في الحقول الزراعية وبشكل خاص في حقول القطن ومزارع القمح، ويعتبر الجنوب الغربي للولايات المتحدة الأميركية والشمال الشرقي للمكسيك، موطنها الأصلي، كما تنتشر في بلدان أخرى، مثل كندا واليونان وأستراليا والهند وروسيا والمغرب وإسبانيا ومصر وتونس وسوريا والعراق.
وأشارت الحاجة تمام عبد الله (45 عاما)، إلى أن لديها دونمين من الأرض تنتج محصولا جيدا من الفقوس، وقالت إنها تزرعها في بداية الشتاء بمحصول البصل والثوم، وخلال شهر آذار تزرعها بالفقوس، "أذهب الى أرضي من الساعة السادسة صباحاً وحتى الساعة الثانية عشر ظهرا، ثم أعود من بعد صلاة العصر حتى الغروب، والبركة من الله عز وجلّ".
وأضافت أن الخنازير تخرّب المزروعات خلال الليل، وتلحق الخسائر بالمزارعين.
وقال بهجت مصطفى، وهو أحد التجار الرئسيين الذين يشترون منتجات المرج من المزارعين ويسوقونها في رام الله، إن العاملين في المرج تاريخياً من النساء، ويطلق عليهن "ملكات السهل الأخضر"، ويزرعن المحاصيل البعلية مثل الثوم والبصل والبطاطا والفقوس والحمص والبندورة والبامية والذرة البيضاء والبازيلاء ودوار الشمس، بالإضافة الى الفول والقمح والشعير والبيقا.
وأضاف: نشتري منهن المحاصيل ونسوقها في رام الله، وخلال السنوات الخمس الأخيرة، لجأت النساء إلى تسويق منتوجاتهن الى المستهلك مباشرة، من خلال مهرجان الفقوس الذي يقام سنوياً.
وبين مدير الزراعة في محافظة سلفيت إبراهيم الحمد، أن مهرجان الفقوس يساعد في الترويج والتسويق والحفاظ على الأسعار وعدم خسارة المزارع، فمنذ الموسم الأولى للمهرجان أصبح المستهلك يشتري مباشرة من المزارع، فحافظ الفقوس وباقي المنتجات على السعر، وجلب المؤسسات الداعمة للمزارعين هناك، والحفاظ على الأرض ودعم صمود المزارعين، كما ساعد على تعريف الناس من المدن الأخرى على سهل دير بلوط ومحافظة سلفيت بشكل عام.
يقدر عدد سكان دير بلوط بـ4850 نسمة، وتبلغ مساحة أراضيها 13941 دونما، تطلّ على السهل الساحلي غرباً، وكانت أراضيها قبل العام 1948 تمتد حتى منطقة رأس العين. عزل الجدار 4950 دونما من أراضي القرية، واستولت مستوطنة "بدوئيل" على 740 دونما، ومستوطنة "علي زهاف" على 460 دونما.