مستعمرون يقطعون عشرات الأشجار جنوب نابلس ويهاجمون منازل في بلدة بيت فوريك    نائب سويسري: جلسة مرتقبة للبرلمان للمطالبة بوقف الحرب على الشعب الفلسطيني    الأمم المتحدة: الاحتلال منع وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لقطاع غزة الأسبوع الماضي    الاحتلال ينذر بإخلاء مناطق في ضاحية بيروت الجنوبية    بيروت: شهداء وجرحى في غارة إسرائيلية على عمارة سكنية    الاحتلال يقتحم عددا من قرى الكفريات جنوب طولكرم    شهداء ومصابون في قصف للاحتلال على مناطق متفرقة من قطاع غزة    "فتح" تنعى المناضل محمد صبري صيدم    شهيد و3 جرحى في قصف الاحتلال وسط بيروت    أبو ردينة: نحمل الإدارة الأميركية مسؤولية مجازر غزة وبيت لاهيا    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 43,846 والإصابات إلى 103,740 منذ بدء العدوان    الاحتلال يحكم بالسجن وغرامة مالية بحق الزميلة رشا حرز الله    اللجنة الاستشارية للأونروا تبدأ أعمالها غدا وسط تحذيرات دولية من مخاطر تشريعات الاحتلال    الاحتلال ينذر بإخلاء 15 بلدة في جنوب لبنان    شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات  

شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات

الآن

ساحة المهد.. أمهات يردن اولادهن

يامن نوباني

إنها ساحة طفولة معظمهم، لعبهم وبيعهم للمسليات أو المشروبات الباردة والساخنة، ساحة شبابهم حيث لا يكاد فلسطيني لم يمشها، فكيف حين يكون تلحميا، إنها ساحة المهد.

فيها ألقى آباؤهم وربما بعضهم الحجارة والزجاجات الفارغة والحارقة على جنود الاحتلال وجيباته العسكرية، خلال سنوات السبعينيات والثمانينيات حتى بداية التسعينيات وخاصة فترة الانتفاضة الأولى (1987-1993).

هنا سقط أشقاؤهم وأقاربهم وأصدقاؤهم، شهداء. هنا اشتبكوا وأطلقوا رصاصهم وصرخوا الله أكبر، وحوصروا بعدما ضاقت بهم المخابئ والمتاريس، في حصار المهد الذي امتد ل39 يوما (2-4-2002 / 10-5-2002) 250 مناضلا اضافة إلى أطفال التجأوا معهم إلى المهد، سقط من بينهم 9 شهداء وأصيب نحو 40 وأبعد 26 إلى غزة و 13 إلى دول أوروبية، وهنا تجلس أمهاتهم، يناجين الرب والضمائر الحية ليعودوا سالمين.

لكل أم أسير لوعتها الحارقة ودموعها الظاهرة والمخفية، غير أن ما تُمنحه من الوقت في برنامج "عمالقة الصبر" الذي تبثه شاشة تلفزيون فلسطين، هو ما بين النصف دقيقة والدقيقة لتقول شوقا وقهرا عمره اليوم سنوات طويلة، لكنها تكتفي بالدعاء لله أن تحتضن ابنها قبل موتها، فلا الزمان الذي صنعه الأبناء ولا التفاصيل التي بحاجة لتسردها الأمهات، يقدر برنامج تلفزيوني أو مقابلة اذاعية أو مكتوبة على أن تُروى الحكاية.

78 أسيرا من قدامي الأسرى أفرج عنهم الاحتلال، خلال العام 2013 فيما تراجع عن اطلاق سراح الدفعة الرابعة التي كان من المقرر ان تتم في اذار/مارس 2014،  ضمن 104 من الأسرى القدامى (قبل اوسلو 1994)  قرر الاحتلال الافراج عنهم.

تقول أم الأسير ناصر أبو سرور: كان من المفترض أن يخرج ابني ناصر ضمن الدفعة الثالثة من افراجات ما قبل أوسلو، قلبي بوجعني وبتمنى ليل نهار الفرج لابني ولجميع الاسرى، يا رب يطلع ناصر وانا عايشة وطيبة ع وجه الدنيا وأتملى منه، الي 25 سنة بستنى.

ابن عمه محمود ابو سرور توفي والداه وهما ينتظرانه، أمه تعرضت لجلطة بعدما تم استثناءه من افراجات ما قبل اوسلو، تقول أم ناصر: ام محمود انجلطت يوم ما طلع اسمه وانا اليوم حامل همهم الاثنين وامهم الاثنين، بقعد في الخيمة والله ما بشرب شربة المي وبروح على الدار وبعذب فحالي ع شربة المي وبقول سامحني يما يا ناصر هيني اشربت مي، والله بوكل لقمة الاكل عشان اوخذ الدوا وبقول سامحني يما يا ناصر، لأنه وصاني: كُلي وديري بالك على حالك واترضى علي يا يما.

يشار إلى أن الأسيرين ناصر حسن عبدالحميد ابو سرور (47 عاما)، ومحمود جميل حسن ابو سرور (46 عاما)، من مخيم عايدة شمال مدينة بيت لحم معتقلان منذ 5/1/1993 ، ومحكومان بالسجن المؤبد مدى الحياة بعد ان اتهمهما الاحتلال بالمشاركة في عملية قتل ضابط جهاز الشاباك "حاييم نحمانى" برفقه ابن عمهما الشهيد ماهر ابو سرور في ذلك العام.

ينتقل الصوت إلى أم اسماعيل حمامرة المحكوم بالسجن سبع سنوات، فتكون الكلمة الأولى هي البكاء. ثم تضيف: انا مضربة مع ابني اسماعيل من أول يوم أعلن فيه اضرابه.

إلى أم علي أبو هليل ابن بلدة الدوحة والمحكوم بأربعة مؤبدات، إلى أم منتصر زعول من حوسان والمحكوم ثماني سنوات، إلى أم الأسير علي عبيات المحكوم بالمؤبد، إلى أم الأسيرين ناصر صلاح والمحكوم مؤبد وخمس سنوات، وخالد صلاح المحكوم 10 سنوات، قالت: ولادنا دم ولحم وبذوبوا في السجون مثل الشمع.

الصوت مرة أخرى إلى والدة الأسير عرفات ابو شعيرة من مخيم العزة، والمحكوم ب28 سنة، بعد أن نجا من محاولة اغتيال في عام 2006 استشهد خلالها الشهيدان دانييل حمامة من بيت لحم واحمد مصلح من مخيم الدهيشة، التي اختصرت حديثها بالقول: احنا راميين حملنا على رب العالمين.

إلى أم الأسير سليمان ردايدة من العبيدية والمحكوم مدى الحياة ومعتقل منذ العام 2005، التي قالت خلال تعريفها بنفسها: أنا أم الأسير سليمان الذي لا يهاب الموت والأضراب، لا نريد لأولادنا أن يخرجوا على الحمالات، نريدهم أن يخرجوا كما دخلوا شبابا.

ينتقل الصوت إلى زوجة الأسير خالد صلاحات المعتقل منذ العام 2006 والمحكوم بالسجن 25 عاما، الاسير صلاحات كان برفقة الشهيد حسين عبيات لحظة اغتياله فأصيب ب47 شظية، إلى صوت والدة الأسير جواد جواريش المحكوم بمؤبد و30 عاما، ومعتقل منذ العام 2002، تقول: اولادنا لا يطالبون إلا بتهوية جيدة ومطبخ يديرونه ويأكلون فيه لقمة هنية.

تنتقل الصورة إلى أم عيسى البطاط، المحكوم ثلاثة مؤبدات وأربعين عاما، وتحمل إلى جانب صورته صورة حفيدها الذي يبلغ من العمر 17 عاما، ومعتقل منذ عام ومضرب عن الطعام، تقول عيسى أمضى 22 عاما في سجون الاحتلال وآخر اعتقال والمستمر الى الان مر عليه 14 عاما. ثم أم الشهيد محمد علان المحكوم 12 مؤبدا، تقول: أولادنا قدموا زهرة شبابهم من أجل الوطن، الله يوقف معهم ويحقق مطالبهم.

"قرب رمضان والناس فيه بتضبضب، أما أنا فبقعد لحالي لأنه ما في عندي غيره وأخوه الثاني مسافر!" تقول والدة الاسير محمد فارس حمامرة المحكوم بعشر سنوات ونصف، وتضيف: أملنا في الله كبير، هو الذي يطعمهم من جوع ويأمنهم من خوف. ينتقل الصوت إلى أم رياض العمور، المحكوم مدى الحياة، تقول: ابني مريض وحالته الصحية سيئة لكنه أصر على الاضراب وأريد أن أراه قبل أن يصيبه مكروه، اريده حيا.

شقيق الاسير علي عبيات، يحيى عبيات (18 عاما)، برغم من وضعه الصحي (يعاني من متلازمة دوان) فهو شبه مقيم في خيمة التضامن، صعوبة بالغة في النطق لم تكن عائقا أمام فهم شعوره الوطني والأصيل، وكان دمعه شاهدا حيا على مدى تؤثره بإضراب شقيقه علي المحكوم مدى الحياة والمعتقل منذ العام 2003.

"أنا هيام العزة خالة الأسير أحمد العزة 40 عاما، محكوم 21 مؤبدا معتقل منذ عام 2003، أمه توفيت في العام 2009، أما والده فتوفي حين كان عمره 5 سنوات، وله شقيقة وضعها الصحي لا يسمح لها بالقدوم إلى الخيمة". تقول: أنا الوحيدة التي يسمح لها بزيارته، أمه قالت لي وهي على سرير الموت: يختي وصاتك احمد انت الك ابن وخلي احمد ابنك الثاني.

هكذا تمضي الأمهات نهارهن في خيمة "المهد"، وليلهن في الدعاء إلى الله، ينظرن بقلوب ترى البعيد البعيد أولادهن قادمون.

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024