2011 الفلسطيني: المبادرة والتمرد
جميل ضبابات
قلب العام الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة، المشهد العربي رأسا على عقب، فانهارت أنظمة سياسية في أعقاب ما أطلق عليه الربيع العربي، لكن الفلسطينيين الذين تجاوز عددهم 11 مليونا هذا العام عاشوا فيه لحظة التحدي: ذهابهم إلى مجلس الأمن لنزع الاعتراف بدولة مستقلة.
فخطاب الفلسطينيين السياسي شكل هذا العام الحدث الأبرز. ورغم تشكيك بعض مراكز القوى السياسية الفلسطينية والعربية ومعارضة قوى دولية مثل الولايات المتحدة لتوجه القيادة إلى مجلس الأمن إلا أن ذلك حصل وفاجأ الكثيرين.
لكن قيادات سياسية فلسطينية تعتبر متشددة في حركة فتح مثل عضو لجنتها المركزية جمال محيسن، لا تفضل مفردة " التحدي"، معتبرة أن أهم ما ميز تحرك الفلسطينيين على الصعيد السياسي هو المبادرة.
وظل الفلسطينيون طوال السنوات الماضية بعد 18 عاما على توقيع اتفاقات أوسلو يعتمدون على "انتظار" ما قد تفعله القوى الدولية والرباعية لإلزام إسرائيل باحترام تعهداتها ضمن تلك الاتفاقات الموقعة. لكن عمليا لم يحصل أي تقدم يشير إلى فكفكة في عقد حبل عملية السلام الطويل.
2011 عام المبادرة. بادرنا بالانتقال من ردود الأفعال إلى الفعل. كنا ننتظر جهود الرباعية والولايات المتحدة. لكننا امتلكنا إرادتنا وعدنا بالقضية الفلسطينية إلى المؤسسات الدولية".
وعارضت الولايات الأمريكية -راعي عملية السلام الرئيسي- توجه القيادة الفلسطينية إلى مجلس الأمن. وهددت باستخدام الفيتو ضد قرار دولي يتخذ بهذا الشأن".
وعلى الصعيد المحلي باستثناء حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" انحازت كل فصائل وقوى العمل الوطني الفلسطيني إلى خيار السلطة الوطنية في التوجه إلى الأمم المتحدة لنيل الاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود العام 1967.
وفي هذا العام رفع العلم الفلسطيني لأول مرة أمام مقر منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو" في باريس.
ويقول الفلسطينيون إن ذلك دلالة كبيرة على انتصار دبلوماسي كبير رغم معارضة الولايات المتحدة وإسرائيل القوية.
وشارك الرئيس محمود عباس ذاته في مراسم رفع العلم وعزف السلام الوطني الفلسطيني.
وقال محيسن، "ذلك كشف مدى الدعم الذي تتلقاه القضية الفلسطينية في الساحة الدولية".
وكانت المنظمة قد قبلت عضوية فلسطين الكاملة في 31 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي بعد تصويت وافق فيه مندوبو الدول الأعضاء على القرار بأغلبية 107 أصوات مقابل اعتراض 14 صوتا، لتكون فلسطين بذلك هي الدولة الخامسة والتسعون بعد المائة في اليونسكو، التي أصبحت أيضا أول منظمة تابعة للأمم المتحدة تتخذ مثل هذه الخطوة.
وقال محيسن، "أهم ما في هذا العام هو الذهاب إلى المؤسسات الدولية. هذا تحدٍ للرغبة الأميركية والإسرائيلية ومقايضة المال بالسياسة".
وقد يكون عام التمرد:
قال القيادي الفتحاوي محمود العالول، "هذا العام حدثت تغيرات كثيرة. هناك حالة من التمرد على الواقع القائم والخروج من حالة الدوامة القائمة وهو العام الذي شهد محاولة إعادة القضية إلى حضن العالم والخروج من وصاية الولايات المتحدة الأميركية".
ومحطة تقديم الرئيس طلب العضوية الكاملة في الأمم المتحدة لم تكن سوى خطوة ضمن مساع مختلفة لإيجاد حل لهذه القضية التاريخية.فمسار المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية شهد محطات عدة ومطبات كبيرة، كلها لم تفض حتى الآن إلى حل لهذا الصراع.
وقال العالول، "بسبب عدم قدرة الولايات المتحدة على صناعة أي شيء وتعثر المفاوضات. عام 2011 تجلى عن موقف فلسطيني سياسي صلب وعليه إجماع فلسطيني. هذا العام قال الرئيس إن الأولوية لمصالح الشعب الفلسطيني ومن أجل ذلك قال لا. قال لا لأحد لا يجرؤ أحد أن يقول له لا".
وليس بعيدا عن تشابك القضايا السياسية مع الأمنية. عام 2011 أطلق سراح الجندي الإسرائيلي المخطوف في غزة بعد سنوات من أسره وقيام إسرائيل بفرض حصار على القطاع، ضمن ما يسمى صفقة شاليط التي أطلقت إسرائيل مقابلها مئات من الأسرى الفلسطينيين على دفعتين.
وشهد العام ذاته حراكا فلسطينيا لإنهاء ملف المصالحة بعد التوقيع عليها في القاهرة. وثمة ما حمله الشهر الأخير الجاري من أخبار عن صياغة لإنهاء بنود الاتفاق وتنفيذها.
لكن هناك رغم تأكيده أيضا على أن العام كان "متميزا بدليل ظهور بدايات وعي سياسي فلسطيني لدى الفلسطينيين بضرورة تغيير المسار الذي كان قائما منذ توقيع اتفاق أوسلو"، كما يرى المحلل السياسي خليل شاهين، الذي قال، "العام شهد تغييرا إلا أنه لم ينته كما يريد الشعب الفلسطيني".
وأضاف، "ظلت السياسة الفلسطينية حتى الآن تقف على الأبواب بانتظار تطورات قد لا تأتي. ما زال الفلسطينيون يقفون على أبواب المفاوضات، وأبواب المصالحة وأبواب الأمم المتحدة، وأبواب المقاومة الشعبية. يجب الدخول إلى هذه المجالات لما يترتب عليها من اشتباك سياسي وميداني مع قوة الاحتلال".
ماذا يحمل 2012 سياسيا؟ يرى شاهين انه "يجب فتح هذه الأبواب ونقل ملف القضية الفلسطينية بالكامل إلى الأمم المتحدة".
قلب العام الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة، المشهد العربي رأسا على عقب، فانهارت أنظمة سياسية في أعقاب ما أطلق عليه الربيع العربي، لكن الفلسطينيين الذين تجاوز عددهم 11 مليونا هذا العام عاشوا فيه لحظة التحدي: ذهابهم إلى مجلس الأمن لنزع الاعتراف بدولة مستقلة.
فخطاب الفلسطينيين السياسي شكل هذا العام الحدث الأبرز. ورغم تشكيك بعض مراكز القوى السياسية الفلسطينية والعربية ومعارضة قوى دولية مثل الولايات المتحدة لتوجه القيادة إلى مجلس الأمن إلا أن ذلك حصل وفاجأ الكثيرين.
لكن قيادات سياسية فلسطينية تعتبر متشددة في حركة فتح مثل عضو لجنتها المركزية جمال محيسن، لا تفضل مفردة " التحدي"، معتبرة أن أهم ما ميز تحرك الفلسطينيين على الصعيد السياسي هو المبادرة.
وظل الفلسطينيون طوال السنوات الماضية بعد 18 عاما على توقيع اتفاقات أوسلو يعتمدون على "انتظار" ما قد تفعله القوى الدولية والرباعية لإلزام إسرائيل باحترام تعهداتها ضمن تلك الاتفاقات الموقعة. لكن عمليا لم يحصل أي تقدم يشير إلى فكفكة في عقد حبل عملية السلام الطويل.
2011 عام المبادرة. بادرنا بالانتقال من ردود الأفعال إلى الفعل. كنا ننتظر جهود الرباعية والولايات المتحدة. لكننا امتلكنا إرادتنا وعدنا بالقضية الفلسطينية إلى المؤسسات الدولية".
وعارضت الولايات الأمريكية -راعي عملية السلام الرئيسي- توجه القيادة الفلسطينية إلى مجلس الأمن. وهددت باستخدام الفيتو ضد قرار دولي يتخذ بهذا الشأن".
وعلى الصعيد المحلي باستثناء حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" انحازت كل فصائل وقوى العمل الوطني الفلسطيني إلى خيار السلطة الوطنية في التوجه إلى الأمم المتحدة لنيل الاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود العام 1967.
وفي هذا العام رفع العلم الفلسطيني لأول مرة أمام مقر منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو" في باريس.
ويقول الفلسطينيون إن ذلك دلالة كبيرة على انتصار دبلوماسي كبير رغم معارضة الولايات المتحدة وإسرائيل القوية.
وشارك الرئيس محمود عباس ذاته في مراسم رفع العلم وعزف السلام الوطني الفلسطيني.
وقال محيسن، "ذلك كشف مدى الدعم الذي تتلقاه القضية الفلسطينية في الساحة الدولية".
وكانت المنظمة قد قبلت عضوية فلسطين الكاملة في 31 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي بعد تصويت وافق فيه مندوبو الدول الأعضاء على القرار بأغلبية 107 أصوات مقابل اعتراض 14 صوتا، لتكون فلسطين بذلك هي الدولة الخامسة والتسعون بعد المائة في اليونسكو، التي أصبحت أيضا أول منظمة تابعة للأمم المتحدة تتخذ مثل هذه الخطوة.
وقال محيسن، "أهم ما في هذا العام هو الذهاب إلى المؤسسات الدولية. هذا تحدٍ للرغبة الأميركية والإسرائيلية ومقايضة المال بالسياسة".
وقد يكون عام التمرد:
قال القيادي الفتحاوي محمود العالول، "هذا العام حدثت تغيرات كثيرة. هناك حالة من التمرد على الواقع القائم والخروج من حالة الدوامة القائمة وهو العام الذي شهد محاولة إعادة القضية إلى حضن العالم والخروج من وصاية الولايات المتحدة الأميركية".
ومحطة تقديم الرئيس طلب العضوية الكاملة في الأمم المتحدة لم تكن سوى خطوة ضمن مساع مختلفة لإيجاد حل لهذه القضية التاريخية.فمسار المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية شهد محطات عدة ومطبات كبيرة، كلها لم تفض حتى الآن إلى حل لهذا الصراع.
وقال العالول، "بسبب عدم قدرة الولايات المتحدة على صناعة أي شيء وتعثر المفاوضات. عام 2011 تجلى عن موقف فلسطيني سياسي صلب وعليه إجماع فلسطيني. هذا العام قال الرئيس إن الأولوية لمصالح الشعب الفلسطيني ومن أجل ذلك قال لا. قال لا لأحد لا يجرؤ أحد أن يقول له لا".
وليس بعيدا عن تشابك القضايا السياسية مع الأمنية. عام 2011 أطلق سراح الجندي الإسرائيلي المخطوف في غزة بعد سنوات من أسره وقيام إسرائيل بفرض حصار على القطاع، ضمن ما يسمى صفقة شاليط التي أطلقت إسرائيل مقابلها مئات من الأسرى الفلسطينيين على دفعتين.
وشهد العام ذاته حراكا فلسطينيا لإنهاء ملف المصالحة بعد التوقيع عليها في القاهرة. وثمة ما حمله الشهر الأخير الجاري من أخبار عن صياغة لإنهاء بنود الاتفاق وتنفيذها.
لكن هناك رغم تأكيده أيضا على أن العام كان "متميزا بدليل ظهور بدايات وعي سياسي فلسطيني لدى الفلسطينيين بضرورة تغيير المسار الذي كان قائما منذ توقيع اتفاق أوسلو"، كما يرى المحلل السياسي خليل شاهين، الذي قال، "العام شهد تغييرا إلا أنه لم ينته كما يريد الشعب الفلسطيني".
وأضاف، "ظلت السياسة الفلسطينية حتى الآن تقف على الأبواب بانتظار تطورات قد لا تأتي. ما زال الفلسطينيون يقفون على أبواب المفاوضات، وأبواب المصالحة وأبواب الأمم المتحدة، وأبواب المقاومة الشعبية. يجب الدخول إلى هذه المجالات لما يترتب عليها من اشتباك سياسي وميداني مع قوة الاحتلال".
ماذا يحمل 2012 سياسيا؟ يرى شاهين انه "يجب فتح هذه الأبواب ونقل ملف القضية الفلسطينية بالكامل إلى الأمم المتحدة".