الرزق في المطابخ البيتية
عُلا موقدي
وجدت العديد من ربات المنازل فرص عملهن داخل البيوت على مدار العام، بحيث يعتمدن على المطابخ البيتية في صنع الطعام، وبيعه بمقابل مادي، ينافسن المطاعم الكبرى بالمذاق، والأسعار، كما يفضل العديد من الأشخاص الأكل المنزلي (التواصي)، بدلا من الطعام الجاهز.
النساء المتزوجات والموظفات هن الأكثر اعتمادا على التواصي، نظرا لضيق الوقت، وتفضيل الطعام المنزلي، تستعين النساء بهن للأكلات الشعبية كالمسخن، والمفتول، وورق العنب، والقدرة، والمنسف، والفوارغ، والطعام، الذي يتطلب جهدا ووقتا في اعداده، كالمخللات، وكعك العيد.
الخمسينية أم زياد تمتلك فرنا صغيرا بجانب بيتها، وجدت منه وسيلة للعيش، وتعليم الأبناء، بدأت العمل فيه، بعد وفاة زوجها، تقول: الوضع المادي هو الذي دفعني بالتفكير في العمل بكل شيء، بداية كنت أعمل في التطريز، والعكوب، وصنع رب البندورة، لكنها أعمال موسمية، ومصاريف المنزل بدأت تزداد، وكان هدفي الحصول على مصروف سنوي دائم.
وتضيف، بدأت بالخبز على الفرن العربي الصغير، وازداد الطلب حتى أصبحت أخبز في اليوم مرتين، لكن وضعي الصحي لم يسمح لي بالاستمرار على هذا الفرن، ما دفعني لبيع قطعة أرض، وشراء معدات الفرن، وبدأت بالخبز فيه، وطهي الطعام بمساعدة أولادي، وذلك منذ ثمان سنوات.
وبحسب أم زياد، ففي السنوات الأولى كان الطلب على وجبات الطعام بكميات جيدة، لكن اليوم يعتمد غالبية العمل في الفرن على بيع الخبز، أكثر من وجبات الطعام، بمعدل شوال من الطحين في يوم الجمعة، وباقي أيام الأسبوع نصف شوال.
تقول المواطنة آلاء المصري، "إنها تشتري معمول العيد من السيدات، اللاتي يقمن بإعداد الوجبات، فهي تثق في نظافتهن، وحسن معاملتهن، أعرف هذه المرأة، وأعرف مدى نظافتها، وأمانتها، فأكون مطمئنة، ومن جهة أخرى فهناك علاقة تكاملية فالنساء العاملات بحاجة الى وجبات صحية، ومتوفرة بنكهة المنزل، فهن يساندن بعضهن بعضا."
أم رامي زوجة الشهيد خالد ماضي تروي لـ"وفا": بعد استشهاد زوجي عام 2004، ازدادت حاجتي الى تربية أطفالي الأربعة، حيث كان أصغرهم طه، عمره 40 يوما فقط، فبدأت أعمل بمكتب وزارة شؤون الأسرى في سلفيت، وعند استقبالهم للوفود، أقوم بعمل المعجنات، والحلويات، ثم بدأت الموظفات في المكتب يطلبن بعض الوجبات، حتى بدأ المحيط يبدي اعجابه بالطعام.
مدير وحدة النوع الاجتماعي في محافظة سلفيت ميسون ماضي، توضح: النساء العاملات في هذا المجال وقعت تحت ظروف معيشية صعبة، وأصبحت معيلة لأسرتها بعيدا عن حاجتها للناس، وهناك سيدات ساعدن أزواجهن في توفير حياة أفضل للأسرة، فأثبتت جدارتها، وأبدعت في مجالها، وطورته لمشاريع حقيقية.
وتكمل، بدورنا كوحدة دعم وتمكين النساء اجتماعيا، واقتصاديا، نجد أنه في ظل قلة فرص العمل الموجودة، وفي ظل البطالة التي تأخذ المرأة الحصة الأكبر منها، ندعم هذا التوجه للسيدات، ونشجعها للعمل في بيتها، وتدعم دخلها.
وتذكر ماضي أن محافظة سلفيت بسيطة، ولا تتوفر فيها مشاريع ضخمة تلبي احتياجات السكان، فيجب أن تطور هذه السيدات مطابخهن إلى مشاريع أكبر، حتى تكون مصدر دخل حقيقي، ويعتمد عليه بالمستقبل، ونحن في المحافظة ندعم هذا التوجه للسيدات، ونتوجه اليهن عندما يكون هناك نشاطات، وورش عمل، من باب دعمهن، ومساندتهن.
وبحسب جهاز الإحصاء المركزي، فإن نسبة البطالة في محافظة سلفيت لعام 2016 بلغت (23.1)، فيما بلغت نسبة مشاركة المرأة في القوى العاملة في المحافظة إلى (15.5)، والفقر في محافظتي سلفيت وقلقيلية بلغت في العام 2011 (17.4).