طبيب تسكنه المستشفى
بسام أبو الرب
يسعى دائما وراء المعرفة، وكل ما هو جديد في عالم الطب، والانسانية، فهو لا يعرف للنهار، أو الليل معنى، والوقت بالنسبة له ساعات، يقضيها بين المرضى، يداوي جراحهم، ويخفف من آلامهم، ويبذل المزيد من اجل توفير الأفضل لهم، بعد حياة أكاديمية أعطته فرصة للحصول على أعلى درجات العلم في البروفيسوراة من جامعة "بريستول" البريطانية، ولينضم إلى ثلاثة أطباء، من الأشهر عالميا، يملكون ذات اللقب والمنصب في بريطانيا.
الرئيس التنفيذي للمستشفى النجاح الوطني الجامعي البروفيسور سليم حاج يحيى، الذي حصل مؤخرا على درجة(Chair) ، وهي أعلى درجات البروفيسوراة في بريطانيا، ليصبح أول جراح قلب من خارج المملكة المتحدة يحظى بهذا المنصب، وواحدا من الأطباء الأصغر عمرا، الحاصلين على هذا اللقب في مجال جراحة، وزراعة القلب، والرئتين في بريطانيا.
وجاء تتويج البروفسور بهذا لمنصب، للاستفادة من دوره الريادي في زراعه القلب، والرئتين، وتطوير البحث العلمي في بريستول، والمملكة المتحدة، وهو الثاني على المستوى العربي عقب البروفيسور مجدي يعقوب المتقاعد حاليا .
في مقابلة مع وكالة "وفا"، أكد البروفيسور حاج يحيى، أن العمل الأكاديمي، والبحث عن الحقيقة يعتبر أهم الأمور في تطور الانسانية، موضحا أن التدرج العلمي في الجامعات، ذو درجات مختلفة، وقد حصلت على هذه الدرجة، بعد عمل بحثي، ونشر في مجلات محكمة، وعطاء علمي، يخدم الطب، والانسانية.
ويسعى إلى تطوير فيما يسمى "الطب العائلي"، الذي يعمل على توفير خدمات الرعاية الصحية الشاملة للناس من كافة الأعمار، وهو قسم الرعاية الصحية الأولية، الذي يقدم بشكل مستمر وشامل للرعاية الصحية للفرد، والأسرة في جميع الأعمار من الجنسين، في إطار العائلة، والمجتمع.
ودعا حاج يحيى وزارة الصحة إلى العمل، من أجل توفير طب العائلة، كمبدأ البريطاني، حيث يتلقى 80% من البريطانيين علاجهم، ويعودون الى منازلهم، موضحا أهمية بناء المستوصفات في كل قرية، ويكون فيها أكثر من طبيب عائلة، فهي أفضل طريقة لخدمة الشعب مشتت، من ناحية الحركة، واهم ما يحتاجه بعد الحرية الصحة، والتعليم.
وقال "انه قام بتأسيس جمعية تعنى بموضوع الطب العائلي وتحمل اسم" International Development of Family Medicine in Palestine "، ويشارك فيها نخبة من أفضل الاساتذة في بريطانيا، ووزارة الصحة الفلسطينية كانت متعاونة في هذا الاطار".
حاج يحيى الذي يبذل جهده لترسيخ وتفعيل فكرة "الطب العائلي" بالشكل المطلوب، لا يملك الوقت لرؤية عائلته، وأطفاله الثلاثة، فهو لا يوازن بين العائلة، والعمل- على حد تعبيره، قائلا " لحد كبير ضحيت بعائلتي من أجل العمل، لا أراهم، ولهذا أحمل صورهم دائما، خاصة انني أعمل منذ الثامنة صباحا، حتى الثانية من فجر اليوم الثاني. "
وأضاف: علي العمل على مدار الساعة، محاولا التوفيق بين العمل الاداري، واجراء العمليات الجراحية، التي غالبا تبدأ بعد الساعة الرابعة مساء، حتى الحادي عشر ليلا، بعدها مراجعة كل المراسلات، والوثائق، وكثير من الأحيان أسافر، ولا أحد من العائلة يعلم، عندما يكون هناك طارئ أو طلب لإجراء عملية في إحدى الدول، كوني فعال في الاستشارات الدولية، بمجال زراعة القلب، والرئتين".
وأشار حاج يحيى إلى أن أطول عملية جراحية قام بها امتدت لـ 36 ساعة متواصلة، حيث كانت عبارة عن زراعة قلب في بريطانيا، وكان يتحتم عليه الطيران من بلد إلى آخر من اجل استئصال القلب، والعودة به من أجل زراعته وكل هذا بسرعة، وبسرعة ضد عقارب الساعة.
ويؤمن حاج يحيى بقاعدة التعاون بين الأطراف، خاصة بين الجامعات، وهذا ما يساعد فيه المنصب الجديد في القدرة على تعزيز التعاون، والتطوير في مجال البحث العلمي بين جامعة النجاح الوطنية، والمستشفى الوطني الجامعي، والجامعات الأخرى: مثل "بريستول"، والمساعدة على ابتعاث اطباء فلسطينيين إلى بريطانيا، وتبادل الطلاب.
وأوضح "أن المنصب الذي حصل عليه (Chair) ، هو أعلى الدرجات العليمة في المملكة المتحدة، ويعتبر مهما أكاديميا وعلميا، والأهم انه انجاز يسجل لفلسطين، بأن يؤخذ طبيب غير مقيم في بريطانيا هذا اللقب المحدود عدده تاريخيا، من ناحية العلماء، كل حسب تخصصه.
وقال "نحن نملك ما نعطيه لهذه الجامعات، حتى في الأشياء الضعيفة هناك قوة، وممكن أن تفيد في أي مكان، خاصة أن لدينا المستشفى الجامعي، الذي له علاقات متشعبة، وميزانيات، لتطوير البحث العلمي، ويملك الكفاءات، والطاقات، التي يمكن الاستفادة منها، ويمكن اعتبارهم نجوم صاعدة، بمجرد اعطائهم البيئة السليمة في الجامعتين، حتى ينطلقوا".
ولفت الى أهمية العلاقات الدولية في العالم، خاصة أن إحدى المشاكل في فلسطين: الحصار، والانقطاع عن العالم، في ظل ثورة المعلومات، والسرعة، بحيث يمكن التنقل من دولة إلى أخرى، خلال ساعات دون مشقة، وهنا تبادل المعلومات أسهل، اضافة إلى أهمية انعكاس التنقل من حضارة إلى أخرى .
وقال "إن تبادل المعلومات لا يكفي عن طريق التلفون، بل يجب أن يكون نوع من الاختلاط، والدمج الثقافي، الذي نحن بحاجة له، من أجل بناء جسور مع الجامعات العريقة، وهذا الانجاز ليس شخصي، وهو يفيد العلاقة بين المستشفى، والجامعات الغربية، أو عربية عريقة".
ولا يتفق مع النظريات التي تحد من الابداع، ولا تشجع عليه، خاصة في ظل الظروف التي يعيشوها الفلسطينيون، حيث أن الانسان يمكن أن يحقق طموحه، ويبدع، حتى داخل وطنه، وليس بالضرورة السفر، أو الهجرة إلى البلدان الأخرى.
ودعا حاج يحيى المغتربين إلى العودة الى وطنهم، من أجل العطاء فيها بتواضع، وتفهم عقلية الجميع، كونها الطريقة الأمثل والأنجع في إطار النضال من داخل أرض الوطن، قائلا " عشت في بريطانيا سنوات طويلة، وأعرف الكثير عن المجتمعات الغربية، فأنا أجد أن مجتمعا الفلسطيني أفضل، وأبسط، وفيه الإخوة، والكثير من العادات والتقاليد التي يجب أن نفتخر بها، ونشدد على قضية الفخر الوطني، والثقة بالنفس".
البروفيسور حاج يحيي إضافة إلى كونه رئيسا تنفيذيا للمستشفى النجاح الجامعي، واستشاري جراحة وزراعة القلب والرئة، أستاذ وجرّاح شرف وعضو "مميز مضاف" في الجمعية الملكية للجراحين في انجلترا، والجمعية الملكية للجراحين في غلاسكو، وهي عضوية خاصّة، يكرم بها "جراحين خدموا الإنسانية وأضافوا إضافة نوعية للعلوم الطبية".
كما شغل في السابق رئيسا، ومؤسسا، لوحدة زراعة القلب الصناعيّ في مستشفى "ألجولدن جوبيلي"، وجامعة "جلاسكو" العريقة في اسكتلندا، وأسس العديد من مراكز القلب الصناعيّ في العديد من دول العالم، وخاصة الشرق الأوسط، وأوروبا، وشغل منصب استشاري كبير لوزارة الصحة البريطانية، ولاحقا للحكومة الأسكتلندية، في مجال نقل وزراعة القلب، والرئتين، باعتباره من الرواد عالميا في هذا المجال.
ويعتبر حصول بروفيسور الحاج يحيى على هذا اللقب، بمثابة سابقه وإنجاز فلسطيني أكاديمي، حيث يطمح باستثمار هذا المنصب، الرفيع والمؤثر عالميا في رفع المؤشر العالمي للمستشفى الجامعي، ولربط شبكة علاقات تصب في تطوير البحث العلمي وتدريب الأطباء، والحصول على المنح الدراسية، والبحثية، والاستمرار بمسيرة البروفيسور سليم الخيرية، والتي استمرت 20 عاما، في تدريب الأطباء، وخاصة الفلسطينيين في بريطانيا، وتبادل الطلاب، والحصول على المنح الدراسية، حيث كان شرطه الوحيد التزام الأطباء بالرجوع الى فلسطين، وخدمتها، وشعبها .