حماس .. مصالح آنية ودون حسابات وطنية
كتب: رئيس تحرير صحيفة الحياة الجديدة
من الواضح جدا ان حماس ليست بوارد ان تتعلم أي شأن من شؤون السياسة الوطنية، بل والسياسة بصفة عامة، فهي لا تفقه شيئا من علمها، ولا تعرف انها فن الممكن من الموقف والرؤية والعمل، ولا يغلب على تفكير حماس سوى المصالح الآنية الضيقة، ودون اية حسابات وطنية، ولهذا نراها تتنقل من خندق الى خندق، وتلحق، بل وتتبع دائما مصادر التمويل حتى لو كانت على نقيض من طروحاتها واساساتها العقائدية، كما هي اليوم تحاول ان ترتمي باحضان طهران فتظاهراتها الشعبوية التي اخرجتها في غزة، لم تكن في الواقع رسالة تضامن مع قطر، بقدر ما كانت رسالة تودد وتقرب الى طهران بهتافاتها وشعاراتها المناهضة للمملكة العربية السعودية..!!
وفي كل حسابات حماس حتى اللحظة، لا حضور لفلسطين بالمعنى الواقعي والعملي للكلمة، لا حضور لمشروعها التحرري، ولا لقيمها ومفاهيمها ومبادئها السياسية والنضالية والوطنية والاخلاقية، القيم والمفاهيم والمبادئ التي تسعى خاصة فيما يتعلق بعلاقاتها العربية الشقيقة، ان تظل فلسطين هي جامعة العرب، ولأنها بحاجة الى العرب جميعا، في سبيل خلاصها من الاحتلال، دونما اي تمحور فئوي، ما يجعل الامن القومي ممكنا بسلامة سياساته وعلاقاته الشقيقة، واذا كنا اليوم جزءا من التحالف العربي ضد الارهاب لهزيمته، فلأن هذا هو دورنا الانساني النبيل وموقفنا وفعلنا القومي الصائب، لحماية المستقبل العربي من الضياع والعدمية، ولأننا نؤمن أن في هزيمة الارهاب، هزيمة لارهاب الاحتلال واستيطانه ومستوطنيه، ولطالما تأكدت صوابية وسلامة مفاهيم ومبادئ وقيم فلسطين النضالية، التي كرستها حركة التحرر الوطني الفلسطيني، والتي ما زالت تشدد انه لا يجوز الحيد او الابتعاد عنها، ولا بأي حال من الاحوال، من حيث انها اسس الرؤية الصائبة للنضال الوطني من اجل تحقيق كامل اهدافه العادلة، وانتزاع كامل حقوقه المشروعة، وبالقطع فان هذه الاسس هي ما جعلت وتجعل النضال الوطني الفلسطيني، لا يحرف البوصلة عن معركته الحقيقية، التي هي معركة الحرية والاستقلال، يخوضها ضد الاحتلال الاسرائيلي حتى دحره عن ارض دولته فلسطين.
لا تتعلم حماس ولا تريد ان تتعلم شيئا حتى من كيسها المليء بالتجارب الفاشلة والمكلفة، برغم انها ما زالت تخلف الامرين لاهلنا في قطاع غزة، جراء " تجربة " تدخلاتها الرعناء في الشؤون الداخلية المصرية، بعد هزيمة الاخوان المسلمين، وسقوطهم عن كرسي الحكم في مصر العروبة، وقبل ذلك لم تتعلم شيئا من "تجربتها السورية" التي خلفت مئات الضحايا من ابناء شعبنا في مخيم اليرموك، ودفعت باغلبيتهم الى مخيمات قاسية جديدة، وقبل ذلك ايضا لم تراجع اي شيء من "تجربتها الاردنية " التي ألقمتها حجر القانون والسلم الاهلي ..!! وهاهي اليوم في ليبيا مع هذا الفصيل ضد ذاك(..!!) لمزيد من الفوضى والتشرذم بل ولمزيد من الدم والعذابات لشعب ليبيا الشقيق، دون ان تنال فلسطين اي شيء على اقل تقدير ..!!
وفي الوقت الذي ما زال فيه بيت الشرعية الفلسطينية، الوطنية والدستورية، يبقي ابوابه مفتوحة لحماس كي تنجو من مصير العزلة والنهايات المأساوية، نراها في كل مرة تخطئ الطريق، بل وتتعامى عن الابواب المفتوحة لبيت الشرعية الفلسطينية، لتطرق ابوابا بعيدة كل البعد عن فلسطين ومشروعها التحرري، فالطريق الى فلسطين الدولة والحرية والكرامة، لا يمر من ليبيا وبالقطع لا يمر من طهران، ولا من اي مكان آخر، ولا طريق سالكة غير طريق فلسطين ذاتها بدأت بها وتمر منها وتنتهي فيها وحيث هي طريق المشروع الوطني، بالوحدة الوطنية الصلبة، واليوم بانهاء الانقسام القبيح اولا وقبل كل شيء.
ومن المؤسف حقا ان حماس في شهر التقوى، لا تبصر سبيل التقوى، تقوى الله في عباده فلا ترى مصالح ابناء شعبنا العاملين في دول الخليج العربي، وهي تدفع بهم بتظاهراتها الشعبوية، الى خنادق لا تخدم ايا من مصالحهم بل وتضر بها أيما ضرر..!! وقبل ذلك لا ترى ايا من المصالح الوطنية العليا، التي تحرم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية الشقيقة، بل وتحرم التطاول على ايقوناتها المركزية، والاهم التي ترى وتسعى ان يكون العرب جميعا حاضنتها. لا بل ان حماس لا تتق الله في نفسها، فتواصل تبعيتها المذلة لقرار جماعة "الاخوان المسلمين" القرار الذي مازال يدفعها كأداة لحماقات شعبوية لا طائل من ورائها، وبرغم عباءات المشيخة والتدين التي تلبسها فانها ما زالت لا تعرف ان من يتق الله جل جلاله، يجد له مخرجا ويجعل من امره يسرا، اتقوا الله في فلسطين وشعبها حق تقاته... اتقوا الله.