انقلاب "حماس".. النكبة الثانية التي حلت بشعبنا قبيل 10 سنوات
مواطنو غزة ما زالوا يتجرعون صنوف العذاب والقهر بفعل سياسات "حماس"
غزة - بعد مرور عشر سنوات على انقلاب حركة "حماس، وسيطرتها بالقوة العسكرية على قطاع غزة في الرابع عشر من حزيران/يونيو2007، ما زال أهالي القطاع يتجرعون صنوفا من القهر، والإذلال، والبؤس، والحرمان، بفعل سياسات "أجهزة أمن" حماس ضدهم.
عشر سنوات مرت، جلبت لأهالي القطاع الحصار الإسرائيلي المشدد، برا، وبحرا، على كافة الأصعدة، وتركت آثارا مدمرة للبنى التحتية، وللقطاعات الحيوية، والخدماتية، والصحة، والبيئة، والمياه والكهرباء، إضافة إلى تدمير القطاع الصناعي، والتضييق على القطاع الخاص لصالح فئات متنفذة في حماس، سيطرت بالقوة على مقدرات شعبنا من أراض حكومية، وممتلكات عامة، وأراضٍ زراعية كانت أخلتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي خلال انسحابها من القطاع عام2005، حولتها حماس لمشاريع استثمارية، تدر عليها المال لذاتها، ولقياداتها، ومسؤوليها على حساب أبناء شعبنا المحاصر في القطاع، الذين يتضورون الجوع ليل نهار.
حولت "حماس" قطاع غزة بفعل سياساتها إلى جحيم لا يطاق، أزمات متفاقمة، ومعاناة متواصلة بسيطرتها على المعابر، وعلى محطة توليد الكهرباء الوحيدة التي تزود غزة بالطاقة، ونهب الأموال من المواطنين العاديين، والبسطاء ثمنا للكهرباء، فيما أعضاؤها وعناصرها لا يدفعون فاتورة الكهرباء، ولا تحول الأموال المجبية من المواطنين العاديين إلى خزين ومالية السلطة الوطنية، بل تجبيها لصالحها، دون أن يستفيد أي مواطن عادي منها.
كما أن البلديات التي تسيطر عليها "حماس" في غزة، أرهقت المواطنين بالضرائب، التي تقدر بملايين الدولارات شهرياً، إضافةً إلى معاناة القطاع الخاص، وقطاع المقاولات، والتجارة، والصناعة، بفعل هذه الضرائب.
ويعاني القطاع الصحي من كوارث متلاحقة، بفعل سيطرة "حماس" على شاحنات الأدوية المرسلة من مخازن وزارة الصحة في رام الله إلى مستشفيات غزة، ونهب المساعدات الطبية والإنسانية القادمة إلى مرضى غزة، لصالح مستشفيات وعيادات خاصة بحركة حماس، وبجمعيات "خيرية" تديرها الحركة في غزة، تنفق من خلالها على عناصرها، وموظفيها المدنيين والعسكريين على حساب المواطن المغلوب على أمره في القطاع، والذي يعاني الأمرين من سياسات "حماس" الممنهجة.
يقول المواطن (حاتم.ن) البالغ من العمر (47 عاما) أحد كوادر جهاز الأمن الوطني، والذي أصيب برصاص عناصر من "حماس"، خلال هجومها على موقع الإدارة المدنية شرق بلدة جباليا شمال قطاع غزة، وتسبب له بشلل نصفي، "هذا يوم أسود في تاريخ شعبنا، حين أجرمت حركة حماس ضد المواطنين العزل، واستباحت دماء أبناء شعبنا وقتلت المئات، دون وجه حق، أو وازع ديني، أو أخلاقي".
وأضاف لـ"وفا" :عشر سنوات مرت وكأنها لحظة وبرهة...ما زلت أتذكر وحشية القتل، والعنف الذي مارسته "حماس"، وما زالت ضد أبناء الأجهزة الأمنية، والمواطنين العاديين، الذين لا ينتمون لحماس، قتل، وتعذيب دون رحمة، أو شفقة تحت ستار الدين، والإسلام منهم براء".
وتابع حاتم :"أتمنى أن يأتي الفرج من عند الله سبحانه وتعالى، ولا نرى وحشية وعنف ودموية حماس، التي تستبيح كل شيء في غزة، بحجج وذرائع واهية من (فقهاء الجريمة) فيها".
من جهته، اعتبر المواطن (نضال.م) البالغ من العمر (45 عاما)، أن مرور عشر سنوات على انقلاب حماس على الشرعية، بمثابة نقطة سوداء في تاريخ النضال الوطني، قائلاً: "حماس كسرت كل معادلات الأخلاق، ودمرت النسيج الاجتماعي لدى شعبنا، خصوصا في قطاع غزة، ونفذت سياسة إما معنا، أو علينا، ويجب قتل من هو ليس معنا...سياسة عنصرية ما زالت تمارسها ضد أبناء الفصائل الوطنية، وحتى من الجهاد الإسلامي في غزة".
ويستذكر نضال، يوم الثاني عشر من حزيران/يونيو2007، حينما أصيب برصاصات عناصر حماس في منطقة التوام شمال غرب مدينة غزة، الذين شنوا هجوماً مفاجئاً على أفراد موقع التوام، وقتلوا، وأصابوا من في المكان، مضيفاً "أصبت في الكتف والصدر، وكانت حالتي خطيرة، لكن عناية الله أنقذتني من الموت، ولا زلت أعاني من الإصابة، طوال هذه السنين".
أما المواطن (محمد.غ) البالغ من العمر( 35 عاما) أحد أفراد جهاز الأمن الوقائي، قال لـ"وفا": حماس لا تعرف إلا القتل، والتدمير ضد شعبنا، ولا يهمها إلا نفسها، دمرت المبنى الرئيسي للجهاز على من فيه من أفراد، وقتلت العشرات داخله، وقامت باعتقال وتعذيب أبناء الجهاز ونفذت جرائم بحق شعبنا، كما جلبت لنا على مدار السنوات الماضية ثلاثة حروب مدمرة حصدت أرواح آلاف الضحايا والجرحى على يد آلة التدمير الإسرائيلي، وما زالت تعبث بأمن وقوت أبناء شعبنا في غزة، ولا يهمها وضع الناس البائس، والظروف المعيشية، والمادية الصعبة".
يقول أحد المحللين السياسيين إنه "منذ اليوم الأول لسيطرة حماس على غزة، والمواطنون في القطاع يعيشون وضعا مأساويا بدأ بممارسة قمع دموي سقط فيه مئات القتلى والمصابين، الذين جزء منهم تعرض لتنكيل لم يسبق له مثيل، أدى إلى تحول قسم كبير من الإصابات إلى إعاقات جدية، وهذا القمع والتنكيل شكل سابقة خطيرة في العلاقات، والخلافات الفلسطينية-الفلسطينية".
وأضاف "لم يقتصر الأمر على ذلك بل كانت حماس سببا في الشروط الكارثية التي عاش في ظلها أبناء قطاع غزة، وهذا لا يتعلق فقط بقمع، ومصادرة الحريات، وفرض نمط معين من القوانين، والأنظمة على المواطنين، بل كانت كذلك السبب في الحصار الذي خضع له قطاع غزة لمدة عشر سنوات متواصلة، وسببا مباشرا في الحروب التي شنتها إسرائيل على غزة، والتي حصدت مئات الضحايا بين شهيد وجريح، هذا عدا عن الدمار الذي لحق بالقطاع، والذي ما يزال شاهدا على هذه الكارثة".
وأردف أنه "نتيجة لهذه الظروف القاهرة، ما يزال المواطنون في قطاع غزة يعانون من الحصار والإغلاق، وتحول قطاع غزة إلى سجن كبير، يفتقر إلى أدنى مقومات الحياة، مثل: الماء، والكهرباء، وحرية الحركة، ناهيكم عن غياب الحريات، وعلى رأسها حرية التعبير عن الرأي، ولعل مشكلة انقطاع الكهرباء من أكثر المشاكل إلحاحا في غزة، خاصة بعد أن اعتاد الناس على جدول الكهرباء، الذي في أفضل حالاته يشمل الحصول على الخدمة 4 ساعات في اليوم".
وقال "نعيش في لحظة مصيرية تتطلب من حماس أن تراجع مواقفها، وخياراتها لتقف على الأقل مرة منذ نشأتها مع الشعب، وتعمل لصالح قضيته الوطنية، ومحاولة إلقاء التهمة على أطراف أُخرى لم تعد مجدية، فما يحصل في القطاع هو مسؤولية حماس المباشرة".
ووصف محلل آخر، ما قامت به حماس من انقلاب عسكري منذ عشر سنوات في غزة، بأنه يمثل نكبة ثانية حلت بشعبنا، ودمرت مقومات المشروع الوطني، وأغرقت غزة بأزمات متتالية لا حصر لها، عل أبرزها أزمة الكهرباء والمعابر الحدودية.
وأكد أن المخرج من هذه الأزمات هو تسليم حماس زمام أمور، ومسؤوليات الوزارات، والمؤسسات إلى حكومة الوفاق الوطني، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، وإجراء انتخابات عامة، لقطع الطريق على ما يحاك ضد القضية الفلسطينية من مؤامرات.