إجراءات الاحتلال في القدس تنذر بانتكاسة اقتصادية
راسم عبد الواحد
فجأة.. وجد تجار القدس أسواقهم ومحالهم مهجورة، وبلا متسوقين، وهم الذين يعتمدون في مثل هذه الأيام، التي تسبق عيد الفطر، على تسوّق الزبائن الوافدين من مدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية.
الإجراءات المشددة وغير المسبوقة التي يواصل فرضها الاحتلال بمدينة القدس، لليوم الخامس على التوالي، ألحقت خسائر كبيرة بتجار المدينة المقدسة، وتسببت بكساد أسواقها التي كانت تستقبل عشرات الآلاف من المتسوقين في حركة تجارية نشطة تتميز عن سائر أيام السنة.
وكان الاحتلال أعلن عقب مقتل مجندة إسرائيلية، واستشهاد ثلاثة شبان وسط القدس مساء الجمعة الفائت، عن سلسلة من العقوبات الجماعية بحق الفلسطينيين، منها سحب نحو 250 ألف تصريح كان منحها لأهالي الضفة الغربية، بهدف زيارة مدينة القدس وأراضي 1948، ما تسبب بكساد كبير في أسواق القدس.
ومن اجراءات الاحتلال العقابية، استمرار فرض حصار عسكري وسط القدس، خاصة في المنطقة الممتدة من باب العمود (أحد أشهر أبواب القدس القديمة)، ومنطقة المُصرارة التجارية وشارع نابلس، مروراً بشارع السلطان سليمان ومغارة "الكتان"، وصولاً الى منطقة باب الساهرة وشارع صلاح الدين.
وكان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، أعلن باب العمود منطقة عسكرية مغلقة؛ يحظر التنقل أو الاقتراب منها، أو فتح المحال التجارية المتاخمة لها.
كما أوعز نتنياهو لأجهزة الاحتلال الأمنية بتشديد الحراسة الأمنية في القدس، خاصة منطقة باب العمود بحيث يمنع دخولها إلا بعد تفتيش دقيق.
وكان من شأن اجراءات الاحتلال شلّ حركة المواطنين من وإلى القدس القديمة ومقدساتها ومسجدها الأقصى، وحاراتها وأسواقها التاريخية، وعادة ما تكون في ذروتها في الأيام العشرة الأخيرة من شهر رمضان واستعدادا لإحياء ليلة القدر والتسوق لعيد الفطر، وذلك بفرض حصار عسكري محكم حول المنطقة، ونصب متاريس حديدية على بابي العمود والساهرة، ونشر دوريات راجلة ومحمولة وخيالة فيها، وتوقيف الشبان والنساء وحتى الأطفال واخضاعهم لتفتيش مُهين واستفزازية بواسطة كلاب بوليسية؛ الأمر الذي أصاب الأجواء الرمضانية والتعبّدية والحركة التجارية بما يشبه "الكارثة" في المدينة المقدسة.
وكانت قوات الاحتلال استباحت يوم أول من أمس المسجد الاقصى، واعتدت على المصلين والمعتكفين بداخله، وحطمت وأتلفت أبواب وشبابيك الجامع القبلي الأثرية، وأطلقت القنابل الغازية السامة، واعتقلت عددا من المصلين، ومنعت دخول المواطنين الذين تقل أعمارهم عن الثلاثين عاما، الى المسجد الأقصى، في الوقت الذي وفّرت فيه الحراسة والحماية لعصابات المستوطنين في اقتحاماتها الجدية للمسجد المبارك وسط حالة من التوتر الشديد والفوضى العارمة.
من جانبه، ناشد مدير المسجد الاقصى الشيخ عمر الكسواني، جموع المواطنين ممن يستطيع الوصول الى القدس بضرورة شد الرحال والتواجد في المسجد الأقصى للتعبد والصلاة والاعتكاف برحابه الطاهرة وللذود عن حرمته.
ورغم اجراءات الاحتلال في القدس، الا أن آلاف المواطنين من مختلف منطق القدس وداخل أراضي الـ48 حرصوا في الليالي السابقة، على أداء صلاتي العشاء وقيام الليل "التراويح" في المسجد الأقصى، كما يشارك آلاف من المواطنين في صلوات الفجر رغم كل الإجراءات.
إجراءات الاحتلال خلقت حالة من التوتر الشديد وسط مدينة القدس، التي حولها الاحتلال الى ثكنة عسكرية، تطغى فيها المظاهر العسكرية على المظاهر الرمضانية والحياة الطبيعية في المدينة.
وفي خطوة تتعلق بعملية الجمعة، شرع الاحتلال أمس الاثنين بإزالة الأشجار من "بستان سليمان" بشارع السلطان سليمان بين بابي العمود والساهرة، وزرع المزيد من كاميرات المراقبة الحساسة في المنطقة.
وكان تجار المدينة المقدسة، خاصة في القدس القديمة ومحيطها قد استعدوا مبكرا لفترة عيد الفطر، وباتوا الآن يضربون كفاً بكف خشية من انتكاسة اقتصادية وتجارية تصل حد الكارثة قد تحل بهم في حال استمر حصار المنطقة وفرض الاجراءات العسكرية عليها.