شباب الخير ..
- عُلا موقدي
في الأعوام الأخيرة، انتشرت المجموعات الشبابية التطوعية في قرى محافظة سلفيت بشكل لافت، تأسست غالبيتها بمبادرات شبابية ذاتية، سعت لتحقيق التنمية والعطاء في المجتمع المحلي، وعملت وفق آلية ونظام مؤسساتي بشفافية عالية، وموضوعية تامة، حيث التقارير المالية الشهرية، والإنجاز الملموس على أرض الواقع.
أنشئت هذه المجموعات لمساعدة المحتاجين، والأيتام، وأهالي الأسرى والشهداء، واتخذت أسماء قريبة، ومحببة للنفس، مثل: قلوب دافئة، وأهل الخير، وسلفيت الخير، ورافات تجمعنا.
داوود عبد الله عضو مجموعة أهل الخير يقول لـ"وفا": تأسست مجموعتنا منذ أربع سنوات، يتكون طاقم أهل الخير من شباب قرى: دير بلوط، ومردة، وبديا، وسكاكا من محافظة سلفيت، ومن قرية كفر قدوم في محافظة قلقيلية، هدفنا الأساسي هو مساعدة المحتاجين، والفقراء، حيث نعمل على توفير طرود غذائية، ونقود للأسر المحتاجة، وترميم بيوت، وتقديم أدوات كهربائية، وجلب منح جامعية للطلبة المحتاجين.
ويضيف: لا يتوقف عملنا طوال العام، لكن يزداد التركيز على هذه الأسر في شهر رمضان، حيث يتم توزيع مواد تموينية أساسية، وكسوة العيد على الأطفال، وفي العام الماضي قمنا بجمع طرود، ونقود، ولحوم، وأدوات كهربائية بقيمة (121.410) شيكل، تم تجميعها من تجار رام الله، ونابلس، والمحال التجارية بسلفيت.
وأكد عبد الله، أن عدد الأسر المستفيدة يصل الى ما يقارب 500 أسرة، يتم زيارتهم، وتقدير حالتهم، ثم مساعدتهم حسب احتياجاتهم، ويعتمد الطاقم على قاعدة بيانات بأسماء الأسر المحتاجة يتم تحديثها سنويا من خلال البلديات، والمؤسسات، والمعارف.
تتمثل النشاطات التطوعية التي تقوم بها هذه الجمعيات: بتوزيع سلات غذائيه في رمضان، وكسوة عيد للأطفال، وتوزيع التمر، والقهوة في المساجد في رمضان، ويوم العيد، وتنظيف المقابر، والمساجد قبل العيد، وتزيين الشوارع بالرسومات، والزينة مع بداية شهر الخير، كما تتمثل آليات التبرع بالمواد العينية، والأموال النقدية، وكوبونات شراء ملابس، وطرود غذائية، وتغطيه شحن كهرباء، وماء، وحملات فصل الشتاء.
في العام 2015، أسست جمعية "سلفيت الخير"، بعد أن قام الشاب عماد الأمين بمبادرة عبر "الفيس بوك" بجمع التبرعات، لترميم أحد البيوت لعائلة فقيرة في البلدة القديمة بمدينة سلفيت، وكان التجاوب سريعا من قبل فاعلي الخير، والمتبرعين، ثم تحولت الفكرة الى واقع، حيث تجمع عدد من الشباب والشابات، وتم تأسيس مجموعة متطوعي سلفيت الخير.
يقول الأمين، "هدفنا كجمعية العمل الخيري، والتطوعي، والوصول للمهمشين، ومساعدتهم، وتمكين بعض الأسر مادياً، والتنسيق مع الجهات المعنية في المدينة، والمحافظة على عمل الأعمال التطوعية، لاستغلال طاقات الشباب في الأعمال الخيرية، والتحسين من الوضع المعيشي للأسر الفقيرة، والنهوض بالمجتمع وتوعيته".
وأشار إلى "أنه كل فكرة يتم طرحها نحاول تطبيقها على أرض الواقع، في البداية كان عددنا خمسة أشخاص، وحاليا نحن 48 متطوع ومتطوعة، وتم ترخيصها من وزارة الداخلية كجمعية خيرية، وبموافقة وزارة الشؤون الاجتماعية".
مدير التنمية المستدامة في محافظة سلفيت عمر السلخي، أوضح "أن هناك تراجعا واضحا في المساعدات التي تصل بلدات المحافظة من الجهات الرسمية، والجمعيات التي تعمل على مستوى الوطن، أو الجمعيات الدولية الداعمة، بالإضافة إلى التراجع الواضح جدا في أداء الجمعيات التي يقارب عددها الستين جمعية خيرية مرخصة في محافظة سلفيت، ولكن نشاطها في الميدان وعلى الأرض في جانب العمل الخيري يكاد لا يذكر، ولأن الطبيعة لا تقبل الفراغ، برزت المجموعات الشبابية المتطوعة التي اعتمدت على التبرعات المحلية، من رجال الأعمال، والمحال التجارية والمتبرعين من أهل الخير، ليساهموا بجهودهم، وطاقتهم الإيجابية في التحفيز، والتشجيع على التبرعات، والوصول الى العائلات المعوزة، وبالتالي كسب ثقة الجمهور الذي أصبح يثق بهم مرحليا، ما جعل عملهم مستداما يتعدى شهر رمضان، خاصة وأن هذه المجموعات استطاعت أن تستثمر منصات التواصل الاجتماعي، وخاصة "الفيسبوك" في عرض الواقع الصعب الذي تعيشه بعض العائلات، ما يؤثر في الجمهور، ويحفزه للمساهمة في التخفيف عنهم، كذلك تقديم التقارير المالية، والقبول بالتبرعات العينية، وتصوير وصولها لمستحقيها، مع الحفاظ على اسم المتبرع، والمتبرع له، الأمر الذي عزز ثقة الجميع بهم.
تسعى هذه المجموعات لتكون الملجأ والأمان أمام الظروف المعيشية الصعبة التي تعاني منها هذه الأسر، وتوفير الحياة، وأسس المعيشة الكريمة، وتوسيع عملها عاما بعد عام.
وبحسب جهاز المركز الاحصائي، فإن نسبة الفقر في محافظة سلفيت بلغت 22.8% لعام 2009، فيما بلغت 14.2% في العام 2010، وفي العام 2011 وصلت إلى 17.4%.
إضافة إلى أن إجراءات الاحتلال العنصرية تحد من فرص التنمية الحقيقية، والتطوير الاقتصادي في المحافظة، فهي من جهة تصادر الأراضي، وتحرم المواطنين من استغلالها، والاستفادة منها، ومن جهة أخرى تحاصر القرى بالمستوطنات، وتمنع التوسع السكاني، والعمراني الطبيعي.