الأول في فلسطين.. كهرباء من المياه العادمة
بسام أبو الرب
إلى الغرب من مدينة نابلس، وعلى مساحة 110 دونمات، تختلف الصورة عن المتعارف عليه، فعند الحديث عن محطة تنقية لمياه الصرف الصحي، المشهد مغاير، بسبب المساحات الخضراء التي تحيط بها، والأشجار بمختلف أنواعها، والمحاصيل العلفية تحيط بالمكان.
هذه المساحات الشاسعة التي تعالج فيها المياه العادمة، الناتجة عن الجهة الغربية لمدينة نابلس، اضافة الى خمس قرى في المنطقة، تستوعب يوميا نحو 10 آلاف متر مكعب من هذه المياه، والتي يتم استخدام الغالبية العظمي منها في ري الاشجار والحقول، ولكن مؤخرا عمدت بلدية نابلس على استغلال المحطة لإنتاج الكهرباء، من خلال غاز الميثان، الناتج عن عملية تكرير المياه.
اليوم، افتتحت بلدية نابلس المشروع بشكل رسمي عقب تسلمه، الذي فاق التوقعات حسب خبراء ألمان، حيث أصبحت المحطة تنتج ما تحتاجه من الكهرباء، التي تفي لغرض تشغيلها، وبتكاليف أقل، وبطاقة مستدامة.
سليمان أبو غوش مدير محطات التنقية والمشاريع الالمانية في بلدية نابلس، قال إن مشروع انتاج الكهرباء من خلال غاز الميثان الناتج عن المياه العادمة في محطة التنقية غربي نابلس، سيوفر طاقة التشغيل للمحطة بقدرة تصل الى 7 ميغا واط يوميا، الامر الذي يعني الاستغناء عن استيراد الكهرباء من الشركة القطرية.
وأضاف في حديث لـ"وفا"، ان المشروع طرح مع بدايات انشاء محطة التنقية، ولكن كانت منهجية العمل تقتضي السير خطوة بخطوة، وفحص كمية الغاز الناتجة، وبناء عليه قررنا المباشرة في المرحلة الثانية، من خلال استغلال غاز الميثان، الخارج من الأحواض اللاهوائية، وتحويلها الى غاز، واستغلالها لإنتاج الكهرباء.
على الطرف الجنوبي للمحطة تجد خزانا كبيرا لاحتواء الغاز الناتج عن البكتيريا المعالجة بالطريقة اللاهوائية، فيما يمكنك مشاهدة محاصيل البرسيم التي يتم استغلالها كغذاء للمواشي.
وأشار أبو غوش إلى أن ربط المحطة بالمولد بقدرة تصل الى 400 كيلو واط بالساعة؛ بمعنى انه يكفي لتغطية استهلاك محطة التنقية من الطاقة الكهربائية تقريبا 7 آلاف كيلو واط يوميا، وهو كم هائل من الكهرباء، وهو ما يوفر 1000 يورو يوميا على البلدية.
وأكد ان هذا انجاز يسجل للبلدية؛ كونه مصدر طاقة مستدامة وبديلة، والتي تعتمد على مياه الصرف الصحي، والحرارة الناتجة عن البكتيريا المترسبة التي تعالج لا هوائيا، بالتالي تؤدي الى انتاج غاز الميثان، الذي يصل الى 4 أطنان يوميا ، موضحا أن تكلفة المشروع وحدة تحويل الغاز يصل إلى 700 ألف يورو.
وبين أبو غوش أن هذا المشروع الأول من نوعه، والذي نفذ بتمويل الحكومة الألمانية، ومن خلال بنك التنمية الألماني بنسبة 90%، وبمساهمة مشتركة مع البلدية المسؤولة عن تشغيل المشروع بواقع 10%. موضحا انه جرى استلام المشروع نهاية الشهر الماضي، والنتائج كانت ممتازة.
وذكر أن المشروع سيوفر على البلدية والمواطنين، بقوله: استهلاك المحطة من كهرباء الشركة القطرية سيذهب للقرى المجاورة، وفي حال كان هناك فائض عن حاجة المحطة، سيتم تحويله إلى المحطة القطرية الإسرائيلية، مشيرا إلى مشروع آخر من أجل توليد الطاقة عبر الخلايا الشمسية بقدرة 70 كيلو واط، وبتمويل من الحكومة الألمانية من خلال بلدية نورمبيرغ.
وقال: استيعاب المحطة من المياه العادمة 10 آلاف متر مكعب يوميا، موضحا أنه من المقرر أن يتم اقامة محطة تنقية في سهل وادي عزموط شرق نابلس، بعد قرار مجلس الوزراء بتنفيذها.
وبلغت تكلفة انشاء المحطة حوالي 40 مليون يورو، فيما بلغ ثمن الأرض المقامة عليها 3 ملايين دولار، وتصل تكلفة تشغيل المحطة الى 5 ملايين شيقل سنويا.
رئيس بلدية نابلس عدلي يعيش، وقف وسط الساحة العامة، وبالقرب من إحدى نوافير المياه، وقال "أحسد العاملين في هذا المكان، للطبيعة الخلابة والهدوء، ولا يمكنك ان تشتم الرائحة الناتجة عن مياه الصرف الصحي".
وأشار يعيش إلى أن أهمية هذا المشروع تكمن في إطار الخطة المنشودة، من أجل التخلص من التبعية للاحتلال، والتحرر الاقتصادي، بالاعتماد على المصادر الذاتية.
وبين أن المشروع سيحقق نهضة على عدة مستويات منها الخدماتي، والزراعي، والاقتصادي، معربا عن أمله بأن يتم المباشرة في تنفيذ محطة التنقية من الجهة الشرقية للمدينة، بعد تذليل كافة العقبات.
ويطمح القائمون على المشروع، الذي بني بسواعد فلسطينية، وبمساعدة خبراء ألمان، الى زيادة قدرة انتاج الكهرباء، من أجل بيعها لمحطة الكهرباء القطرية الإسرائيلية.