خطاب الوثيقة
كتب رئيس تحرير صحيفة "الحياة الجديدة"
لا جديد في خطاب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الجديد اسماعيل هنية، اللغة ذاتها بالشعارات والادعاءات والتلفيقات ذاتها، وبالوعود التي لم تخلُ يوما في خطب حماس، من "سين التسويف" هذه "السين" التي يراها علماء النفس، علامة اضطرابات نفسية، وسبيلا للهروب من مواجهة الواقع والتصدي لتحدياته الحقيقية.!!
في السياسة لا شيء في خطاب هنية، خارج اطار ما سمي بالوثيقة السياسية الجديدة لحركة حماس، وربما الجديد الوحيد في هذا الخطاب، هو اعادة التأكيد على هذه الوثيقة بعد ان تنصل منها بعض قيادات حماس اثر اعلانها ..!!
ويصح لهذا السبب اعتبار خطاب هنية الأول بعد تسلمه لولاية حماس، خطاب هذه الوثيقة، التي لم تحمل هي الأخرى أي جديد حينها، بقدر ما كشفت عن حقيقة حركة حماس التساومية، حيث لا مقاومة، ولا حتى مسارات دعوية واصلاحية، ناهيكم عن خلوها من أي قيم وأهداف وطنية، بل واستعدادها للتعاطي مع المشاريع الاقليمية المشبوهة، الرامية لاقامة دويلة مسخ في قطاع غزة، لعلها تجهض بذلك المشروع الوطني الفلسطيني، مشروع دولة الحرية والاستقلال الناجز من رفح حتى جنين.
ولأن خطاب هنية هو هذا الخطاب، خطاب وثيقة المساومات المفتوحة أبوابها على مصراعيها، فان المصالحة الوطنية ظلت في اطار اعلانات حماس الدعائية والبلاغية، التي ومنذ ان بدأت حواراتها اثر الانقلاب قبل عشر سنوات، لم تتغير حتى اللحظة، نفس العبارات التي لم تترجم ابدا الى واقع ملموس، وما من جملة واحدة عن الانقسام البغيض، وما حقق حتى الآن من خسارات وعراقيل، في دروب النضال الوطني الفلسطيني الهادف الى الخلاص من الاحتلال، لا بل ان تمسكا بالانقسام تمظهر على نحو جلي في مرافعة الخطاب التزويرية عما يسمى باللجنة الادارية، وتوصيفها المخاتل بأنها لجنة "سد فراغ" الذي تسببت به حكومة الوفاق الوطني (..!!) الحكومة التي عطلت حماس عملها في قطاع غزة عن سابق عمد واصرار، وباجراءات تعسفية كان ابرزها احتجاز وزراء هذه الحكومة في احد فنادق غزة لمنعهم من اداء مهامهم الحكومية.
وعلى ما يبدو، لا بل انه بات من الواضح تماما، ان حركة حماس، وهذا هو حال خطاب ولايتها الجديدة، ليست بوارد التغيير ولا شيء في حساباتها عن انهاء الانقسام وتحقيق المصالحة الوطنية على نحو واقعي وسليم، ولا شيء في كل هذا الموقف خارج حسابات جماعة الاخوان المسلمين، التي تسمح لها اليوم في مواجهة الازمة العربية الراهنة، بموقف انتهازي يحاول ارضاء مصر دون قطيعة مع قطر ...!!
انها حسابات قصر النظر والراهن المؤقت، التي هي في اوراق حركة حماس حسابات الخطيئة والخطأ، بقدر ما تواصل هذا الابتعاد عن بيت الشرعية الفلسطينية الدستورية والوطنية النضالية، انها الحسابات التي تخدع بمستقبل غير ممكن، وهذا هو مأزق حركة حماس، شاءت ان تعترف بذلك أم لم تشأ.