69 عاما على استشهاد الشاعر المناضل عبد الرحيم محمود
محمود خلوف
......
تحل اليوم الخميس، الذكرى الـ69 لاستشهاد الشاعر المناضل عبد الرحيم محمود، الذي كرس حياته لخدمة قضية شعبه وأمته، ومناصرة الطبقة العاملة والمستضعفين.
ففي يوم 13 تموز/يوليو 1948 استشهد المناضل عبد الرحيم محمود في معركة الشجرة، بعد أن كرس جل أشعاره للقصيدة الحماسية الوطنية والقومية الملتزمة.
والشاعر الشهيد بالرغم من استشهاده في سن مبكرة عن عمر يناهز (35 عاماً)، يعد واحداً من ألمع شعراء فلسطين في العصر الحديث، فهو إضافة إلى تمجيده بالشخصيات الوطنية وتصديه للاستعمار وتغزله بالوطن، فإن قصائده لم تخل من البعد الاجتماعي.
ويعد هذا الشاعر ممن سخروا سلاحهم وكلماتهم لدعم المقاومة والجهاد في مواجهة الانتداب الإنجليزي والجماعات الصهيونية، وكلماته الحماسية العميقة تعد تعبيرا صادقا عن عقيدته ونهجه القيادي الصادق، دون أن يكتف في الجهاد في فلسطين، بل اشترك في ثورة الكيلاني بالعراق.
ولد الشاعر محمود في بلدة عنبتا قضاء طولكرم عام 1913، وتلقى علومه الابتدائية والثانوية، في طولكرم ونابلس، والشرطية في بيت لحم، والعسكرية في بغداد ودمشق، ثم عمل في التدريس مدرساً في كلية النجاح في مدينة نابلس، ثم التحق بالثورة العربية الكبرى عام 1937، وقاد أحد الفصائل وجرح في إحدى المعارك ضد البريطانيين.
وعندما طاردته قوات الانتداب البريطاني، لجأ إلى العراق عام 1939، واشترك في حركة رشيد عالي الكيلاني، ثم عاد إلى فلسطين بعد إخفاق الحركة المذكورة، والتحق بجيش الإنقاذ، حيث تولى قيادة سرية من سرايا فوج حطين وخطط وقاد عدة عمليات عسكرية ناجحة وجريئة ضد قوات الاحتلال الانكليزي في مرج بن عامر.
وبعد انتقال فوج حطين إلى الجليل عُين عبد الرحيم محمود مساعداً لقائد الفوج، وأثناء الهجوم على قرية الشجرة في قضاء طبرية، قامت العصابات الصهيونية في كفر سبت بقصف مواقع جيش الإنقاذ بكثافة نيران عالية، ما أدى إلى سقوط عدد من الشهداء والجرحى وإصابة مساعد قائد الفوج بقذيفة أدت إلى استشهاده، وهكذا ودعت فلسطين علماً من أعلامها وقائداً مناضلاً دفع حياته ثمناً لكرامة وطنه وشعبه.
......
الشاعر محمود بنظر الأدباء والمؤرخين:.....
وسبق أن تحدث الأديب د. محمود غنايم في ندوة بمدينة الناصرة داخل أراضي عام 1948 عن مناقب هذا الراحل الكبير بقوله: إن الشهيد عبد الرحيم محمود الذي أمضى فترة من حياته في مدينة الناصرة حيث يرقد في ضريحه اليوم، قد وظف شعره للدفاع عن العمال والفلاحين المستضعفين، ومنه قصيدة "عامل" التي حض فيها أولئك على تبني القوة من أجل تخليص حقوقهم.
وأضاف: إن هناك مسحة من الرومانسية في قصائد الشهيد عبد الرحيم محمود، نتيجة ميله للانتقال في آخر سنواته من المدرسة الكلاسيكية إلى المدرسة الحديثة، التي تعنى بالمشاعر والشكوى والإبداع الذاتي.
وأشار غنايم إلى قدرة الشهيد على الإبداع بالسليقة في التعبير عن الأحاسيس إلى حد مناجاة الحجر كما فعل حينما كان عائداً من العراق إلى فلسطين عام 1941.
من جانبه، قال المؤرخ د. مصطفى كبها في ندوة أقيمت سابقا لإحياء ذكرى الشهيد محمود إن هناك محطات مفصلية في سيرة الشاعر الشهيد، الذي نذر قصائده وروحه للدفاع عن الوطن فأسمى ديوانه "روحي على راحتي" من وحي قصيدته الشهيرة:
- سأحمل روحي على راحتي . . . وألقي بها في مهاوي الردى
- فإما حياة تسّر الصديق . . . وإما ممات يغيظ العدى
وأشار كبها إلى أن الراحل عمل مسؤولاً عن الشؤون الإعلامية وكتابة البيانات في مقر قيادة القائد عبد الرحيم الحاج محمد، القائد العسكري العام لثورة 1936 -1939.
وأضاف أنه عندما شكلت الجامعة العربية جيش الإنقاذ على إثر قرار التقسيم عام 1947 انضم محمود لهذا الجيش برتبة ضابط، وكذلك تطوع لفترة ما في جيش الجهاد المقدس، وشارك في بعض المعارك في منطقة الوسط إلى جانب القائد حسن سلامة.
وأوضح كبها، أن الشاعر محمود، تخرج من الكلية الحربية في بغداد برتبة ملازم سوية مع عبد القادر الحسيني، وشارك في ثورة رشيد عالي الكيلاني، في أيار 1941.
ونوه إلى أن الشهيد الراحل محمود، ترك بصماته الشعرية والتاريخية في الذاكرة الجماعية الفلسطينية، لافتاً إلى قصيدة "نجم السعود" التي ألقاها وهو في الثانية والعشرين من عمره أمام الأمير سعود آل سعود، الذي كان بصحبة المفتي الحاج أمين الحسيني، وفي طريقهما إلى طولكرم عرّجا على عنبتا، بلدة الشاعر عبد الرحيم محمود.
وأضاف أن بعض الشهود رأوا بأم أعينهم، الأمير سعود وقد اغرورقت عيناه بالدموع لسماعه بيتا من الشعر الذي ينذر بضياع الأقصى من جديد" وهو المسجد الأقصى أجئت تزوره...أم جئت من قبل الضياع تودعه؟، واعتبر هذه القصيدة بمثابة نبوءة، استشعر الراحل بها بوحي الأحداث التي عصفت آنذاك بالأراضي المقدسة.
وأكد المؤرخ كبها أن الشهيد عبد الرحيم محمود، ترك بصماته الشعرية والتاريخية في الذاكرة الجماعية الفلسطينية.
ha