مستعمرون يقطعون عشرات الأشجار جنوب نابلس ويهاجمون منازل في بلدة بيت فوريك    نائب سويسري: جلسة مرتقبة للبرلمان للمطالبة بوقف الحرب على الشعب الفلسطيني    الأمم المتحدة: الاحتلال منع وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لقطاع غزة الأسبوع الماضي    الاحتلال ينذر بإخلاء مناطق في ضاحية بيروت الجنوبية    بيروت: شهداء وجرحى في غارة إسرائيلية على عمارة سكنية    الاحتلال يقتحم عددا من قرى الكفريات جنوب طولكرم    شهداء ومصابون في قصف للاحتلال على مناطق متفرقة من قطاع غزة    "فتح" تنعى المناضل محمد صبري صيدم    شهيد و3 جرحى في قصف الاحتلال وسط بيروت    أبو ردينة: نحمل الإدارة الأميركية مسؤولية مجازر غزة وبيت لاهيا    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 43,846 والإصابات إلى 103,740 منذ بدء العدوان    الاحتلال يحكم بالسجن وغرامة مالية بحق الزميلة رشا حرز الله    اللجنة الاستشارية للأونروا تبدأ أعمالها غدا وسط تحذيرات دولية من مخاطر تشريعات الاحتلال    الاحتلال ينذر بإخلاء 15 بلدة في جنوب لبنان    شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات  

شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات

الآن

معاليه أدوميم تعتقل خربة المرصرص!

الخان الأحمر -  أسامة العيسة : سيجد المرء صعوبة، في تخيل الفضاء الصحراوي، الذي سيطر على المشهد، طوال قرون، في منطقة الخان الأحمر، الممتد حتى صحراء البحر الميت، قبل غزوه بالاستيطان اليهودي، واقامة مستوطنة (معالية ادوميم) الضخمة، التي تعتبرها سلطات الاحتلال، حدودا شرقية للقدس المحتلة.

 هذا الفضاء الصحراوي، لم يكن فارغا خلال التاريخ الفلسطيني، حيث انتشرت الأديرة والصوامع خصوصا في العصر البيزنطي، وقد تم تسجيل نحو 80 موقعا شهدت نشاطا تنسكيا في صحراء البحر الميت، ولكن الأمر اختلف بشكل جذري، مع التدمير الممنهج للجغرافيا الفلسطينية، الذي رافق المشاريع الاستيطانية اليهودية المدمرة، مثل (معاليه ادوميم) التي اقيمت في عام 1976، وتمددت لتفرخ مستوطنات أصغر ومناطق صناعية استيطانية، وغيرها.
 وتحتجز (معاليه ادوميم) التي يعيش فيها 20 الف مستوطن، موقعا اثريا مهما، عُرف باسم (خربة المرصرص)، لا يسمح للفلسطينيين بالوصول اليه، وقد أصابه التدمير، ونقلت سلطات الاحتلال موجوداته ومن بينها أرضيات فسيفسائية مميزة، الى موقع السامري الطيب، على طريق القدس-اريحا، الذي حولته هذه السلطات من مكان يرمز الى ذكرى مرور السيد المسيح من اريحا الى القدس، الى متحف وضعت فيه ما سرقته من قطع فسيفسائية من الضفة الغربية وقطاع غزة.
 (خربة المرصرص) تضم واحدا من أكبر الأديرة القديمة، والأكثر اهمية وتفصيلا في الأراضي المقدسة، وينسب للراهب (مارتيريوس) الذي جاء الى فلسطين من كابادوكيا في الأناضول (تركيا المعاصرة). وبنى ديره في البرية، على بعد اربعة اميال الى الشرق من القدس، ويمكن ملاحظة كيف حفظت الذاكرة الجمعية الفلسطينية اسم الراهب من خلال التحوير الى (خربة المرصرص).
 لم تكتف سلطات الاحتلال باحتجاز الموقع داخل (معالية ادوميم) ولكنها نقبت فيه، بقيادة اسحق ماجن، ما بين عامي (1981-1984)، وكشفت عن الكنيسة في الدير، وغرفة الطعام، واسطبلات، وبعض من اجمل لوحات الفسيفساء المكتشفة في فلسطين.
 وتصور هذه اللوحات الفسيفسائية، الغزلان والطيور، والأرانب المحاطة بأشجار الكرمة، والمؤطرة بالزهور، والتشكيلات الفنية الرائعة الأخرى.

 وكشفت الحفريات عن جدران الدير، التي كانت بارتفاع مترين، والبوابة الرئيسة في الجهة الشرقية، وعن العديد من الصهاريج والقنوات لجمع مياه الأمطار، ومخزن، وحمام، ونزل للحجاج.
 وفي الجانب الشمالي من المجمع، عثر على كهف يحوي هياكل عظمية عدة، ويعتقد بان هذه المغارة هي التي عاش فيها (مارتيريوس) في البدء، وقبل بناء ديره ثم صعوده درجات سلم الكهنوتية ليصبح بطريرك الكنيسة في القدس، في وقت شهد فيه العالم الأرثوذكسي آنذاك صراعات داخلية حول قضايا لاهوتية وفلسفية مثل طبيعة السيد المسيح. كان لمارتيريوس موقفه المبدئي منها، كما اعتقد. والتي ما زالت تترك اثارها على العالم المسيحي حتى اليوم.
 وتم العثور في غرفة الطعام المحاطة بمقاعد حجرية مقسومة الى صفين، على مئات من أواني الفخار، والسيراميك، وكؤوس النبيذ.
 (خربة المرصرص) مبنية على تلة تطل على طريق القدس-اريحا التاريخي، وحافظت على مكانتها رغم تبدل الظروف والاحتلالات المتعاقبة، وتعرض الدير الى اضرار في اثناء الغزو الفارسي لفلسطين في عام 614م، والذي راقبه العرب في الجزيرة العربية، بقيادة النبي محمد (ص)، بعناية، وتنبأت سورة الروم في القران الكريم، بانتصار الروم على الفرس، ثم بهزيمة الروم، وهو ما حدث بانتصار العرب ودخولهم فلسطين في القرن السابع.
 تاريخ (خربة المرصرص) هذا يتوارى الآن، ولا تظهر "الخربة" ابدا بين الكتل الاسمنتية، التي تشكل مستوطنة (معاليه ادوميم)، التي تكتب بلغة الجرافات تاريخا جديدا للمنطقة، لا يشكل فيه دير (مارتيريوس)، الا نتفا في الدراسات الاثرية الاسرائيلية، المعتمدة على قوة الاحتلال.
 

 

 

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024