اقرعوا أجراسكم غداً الجمعة من أجل الأقصى
بقلم عقل العويط
جريدة النهار اللبنانية
نداء إلى مسيحيي لبنان والشرق،
من أجل لبنان أولاً وأخيراً، من أجل فلسطين، ومن أجل العروبة الحضارية، أوجّه دعوة إلى مسيحيي لبنان خصوصاً، وعبرهم إلى مسيحيي العالم العربي والشرق كلّه، مقترحاً عليهم التحضير المنهجي ابتداء من هذه اللحظة، صباح يوم الخميس هذا، لقرع أجراس الكنائس والكاتدرائيات والمقار البطريركية الأنطاكية، غداً الجمعة، بالتزامن مع الصلاة التي يؤدّيها المسلمون في مثل هذا اليوم من الأسبوع.
إن ذلك يمثّل في رأيي المدني، ضرورة كيانية ووجودية لمعنى الإنسان مطلقاً، وخصوصاً لمعنى لبنان - الرحابة والتنوّع في هذا الشرق، ولمعنى الوجود المسيحي برمّته، انطلاقاً من أرض فلسطين إلى العالم.
إن من شأن ذلك أن يثبت لا وحدة المصير العربي فحسب، بل وحدة العقل الإنسانوي الخلاّق، الذي يفضح مرةً أخرى، العنصرية الإسرائيلية الصهيونية، وعنجهية الاحتلال التي تتخذ طابعاً دينياً غير مسبوق، فضلاً عن طابعه السياسي والعسكري.
أنا اللبناني العربي الإنسانوي المدني العلماني، يشرّفني أن أطلق هذا النداء، تعبيراً عن ذاتي الإنسانية التائقة إلى ترسيخ روح الحرية في هذا الشرق، الذي يعاني ما يعانيه من انتشار مفاهيم الظلام والتكفير والعنجهية والصلف والتعصب والاستبداد والإلغاء والمصادرة والعنصرية والطائفية والمذهبية.
بصفتي هذه، أنا معنيّ بجروح فلسطين الفلسطينية العربية الإنسانية.
وكم أنا معنيٌّ، تالياً، تركيزاً على صفتي المدنية المطلقة، بأوجاع الأقصى والإسراء والمعراج، كما بالدماء التي تنزف من كنيستي القيامة والمهد.
المسيحيون مدعوون كبارهم والصغار إلى التعبير المطلق عن هذه المعاني، لأن في ذلك مساهمة حضارية لإبراز المسؤولية الكونية حيال هذه المسألة، التي تتخطى الانتماءات الدينية بأشواط، وتضعها في سياقها القائم على الحقّ والعدل والحرية.
السكوت العالمي (الغرب، الأمم المتحدة...) يضرّ بأصحابه، بالقوة نفسها، وعلى قدم المساواة مع الإضرار بالمسألة ذاتها.
فلتبدأ الدعوة من هنا، من أرض الإنسان، هذه التي سُمّيت يوماً أرض البخور واللبان، لتعمّ المسكونة كلّها.
لعلّنا، بأثرٍ من هذه الدعوة المدنية الطابع، نسمع هبوب العلمانيين في كل الأنحاء، متناغماً مع صدى الأجراس آتياً إلينا من وادي النطرون والقسطنطينية ونهر الأردن ووادي النصارى وباب توما واليونان وأوروبا والفاتيكان والروسيا والأميركتين وأميركا اللاتينية، صادحاً مع دعوة المساجد إلى الفلاح.
غداً الجمعة، عند صلاة الظهر، فلتقرع في ساحة النجمة في بيروت، أجراس كاتدرائية مار جرجس للموارنة، وكاتدرائية القديس جاورجيوس للروم الأرثوذكس، وما يجاورهما من كاتدرائيات للروم الملكيين وسواهم، كما أجراس كنيستي الصرح البطريركي في بكركي والديمان، وكنيسة الصرح البطريركي الذي في البلمند. وهلمّ. من أجل أن لا تبقى صومعة لبنانية، ولا في عنايا، وقاديشا، وقنوبين، إلاّ وتقرع من أجل الأقصى.
هذه مسؤولية الساهرين على معنى الشرق العربي الكريم. أنا واحد متواضع من هؤلاء.