"الاستقلال" من يافا إلى نابلس
بدوية السامري
على أطراف شارع حطين، وسط مدينة نابلس، تقع أقدم مؤسسة فندقية، يجد فيها بعض الزائرين خاصة القادمين لأغراض التجارة والعلاج من قطاع غزة، وباقي المدن الفلسطينية، الراحة لزيارة سريعة، حتى قضاء الحاجات من المدينة، ومغادرتها، بأسعار تناسبهم.
مدير "البنسيون" حاليا وابن مؤسسه فيصل عيران يشير إلى أن بنسيون "الاستقلال" الأقدم في نابلس، هو فندق شعبي، يعتبر بناء تراثيا قديما، قام باستئجاره والده ابراهيم عيران عام 1948، ليحوله إلى فندق، يستقبل فيه الزوار والسياح، مثلما كان يعمل في فندقه "الاستقلال" في مدينته يافا.
ابراهيم آثر الا أن يبقى في مجال عمله، فأنشأ "البنسيون"، وأطلق عليه ذات الاسم، تيمّنا باسم فندقه "الاستقلال" في يافا، بعد أن هجر منها، فقام باستئجار منزلين متجاورين لعائلة العمد الشهيرة في نابلس، وأقام فيهما البنسيون.
وقبل أن يهجر عيران من مدينته يافا، كان مسؤولا ويملك عددا من الفنادق، كما يقول ابنه فيصل، منها "الاستقلال" بجانب سوق الدير، في يافا، وفندق "زهرة الشام"، وفندق "الاتحاد"، في حيفا، وثلاثتها ما زالت قائمة لكنها بالطبع مغلقة، ولدى العائلة أوراق طابو خاصة بها، ولم يستطع أحد وضع اليد عليها، لكن الاحتلال سجلها على أنها أملاك غائبين.
ويضم "البنسيون" حاليا 6 غرف تحوي 25 سريرا من الحديد فوق أرضية من البلاط البلدي القديم، تطل على حديقة خاصة به، وتعلو أصوات أصحاب المحال والتجار وأصوات السيارات، فهو يقع في وسط المدينة، ويعتبر قريبا على كافة المرافق فيها، وهو الذي ما زال قائما في نابلس/ ويستقبل الزوار، بينما أغلقت فنادق صغيرة عدة في المدينة، لظروف مختلفة.
ويقول عيران: منذ نعومة أظفاري كنت أجلس بجانب والدي هنا، كبرت، واستلمت أنا إدارة الفندق، كنا نستقبل جنسيات عدة.
ويضيف: أذكر في فترة الستينات كنت صغيرا، وأجلس بجانب والدي، نستمع الى روايات وأحاديث متبادلة لسياح قدموا من مصر، والمغرب، وتركيا، وغيرها من البلدان، يتبادلون الآراء والأحاديث، كنت صغيرا، لكني كنت أستمع اليهم بشغف، كان حديثهم ممتعاً جداً.
ويضيف: الآن أغلب الزوار من قطاع غزة، وبعض المدن الأخرى قدموا لنابلس لأغراض التجارة، أو للعلاج، ويقيمون في "البنسيون" لأن أسعاره مناسبة لهم، حيث يتقاضى من 30 الى 40 شيكلا لليلة الواحدة، وهناك ليالٍ تمر دون أن يكون أي نزيل في البنسيون خاصة في شهري كانون الثاني، وشباط في فصل الشتاء.
هشام سعد أحد نزلاء الفندق وهو من قطاع غزة قال "في كل مرة يزور فيها نابلس، يقيم في هذا البنسيون".
ويرفض عيران اغلاق البنسيون، مع انه لا يوفر عائدا مادياً يغطي احتياجاته، فهو وصية والده، ويكفي أنه الأقدم، وما زال قائما الى الآن، ويقول: كأغلب المباني في المدينة، أخذ "البنسيون" نصيبه من اقتحامات قوات الاحتلال، حيث احتله جنود الاحتلال مرات عدة، وأقاموا فيه لمدة أسبوعين عام 1967، وعاثوا به حينها خرابا.
وفي انتفاضة الأقصى أقمت فيه مع عائلتي، لكي لا يقوم الجنود باحتلاله.
ويشير عيران أن نابلس مدينة سياحية، وهي تحوي الكثير من المناطق التي تشد السائح لزيارتها، لكن هناك تقصير بتأهيل بعض الأماكن السياحية التي تشد السائح.
من جهتها، قالت مديرة مكتب وزارة السياحة في نابلس عهود لبادة "أن هناك فنادق صغيرة و"بنسيونات" أغلقت، بينما سجل خلال الثلاثة سنوات الأخيرة افتتاح ثلاثة فنادق جيدة في المدينة"،
موضحة أن هناك ارتفاعا ملحوظا في عدد زوار المدينة، والسائحين، خلال السنوات الأخيرة، وتحوي المدينة الآن 12 فندقا و"بنسيونا".
وأشارت لبادة إلى أن عدد السياح والزائرين الذين يبيتون في فنادق المدينة في تزايد مستمر، حسب الاحصائيات الموجودة في وزارة السياحة، وكان آخرها خلال العامين الأخيرين، حيث سجل عدد النزلاء في فنادق المدينة خلال العام 2016 (2960) نزيلا، في حين ومع بداية هذا العام 2017 حتى الآن دخل فنادق المدينة للإقامة 4320 نزيلا، بينما كان قبل عشر سنوات 681 نزيلا.
وتابعت: الاستثمار السياحي ناجح وفي تقدم في المدينة، وهذا ما أشارت إليه الأرقام المتوفرة لدينا من ارتفاع لعدد الزائرين، والسياح، في الفنادق، والمطاعم.