"الثقافة": تجربة سميح القاسم علامة فارقة في مسيرة الثقافة الفلسطينية
شددت وزارة الثقافة، على ضرورة استلهام تجربة الشاعر الراحل سميح القاسم، التي تشكل علامة فارقة في مسيرة الثقافة الفلسطينية، واستحضارها بما تحمله من معاني الصمود، والإرادة والمقامة بالثقافة.
وقالت الوزارة في بيان صحفي اليوم الأحد، لمناسبة الذكرى الثالثة لرحيل الشاعر الكبير سميح القاسم، إنه حرّك بشعره ولا يزال أجيالاً وأجيالا في سبيل الإصرار على الحق الفلسطيني في مواجهة الاحتلال الغاصب المحتل.
وأشار وزير الثقافة إيهاب بسيسو إلى ان الشاعر سميح القاسم برز كأحد أهم قامات الإبداع الفلسطيني، وشكلت قصائده علامة بارزة في الشعر الحديث، وحضورا مميزا في الثقافة الفلسطينية والعربية، وقدرته الإبداعية وتميزه الشعري جعله في مقدمة القامات الأدبية، التي اتخذت من الأرض والانسان شعاراً للحياة، وعنوانا لنضال الثقافة بتثبيت الرواية الفلسطينية والابداع الفلسطيني، أمام كل محاولات الطمس والإبادة الثقافية والتهجير والاقتلاع.
وأكد أن شعر سميح القاسم لم ينفصل عن دوره النضالي، بل شكل حالة فلسطينية ملهمة لأجيال لاحقة تناضل بالإبداع والقصيدة، ففي سيرته الابداعية والوطنية من المواقف والدروس، التي جعلت من فلسطين مساحة لنضال انساني يتجاوز سياسات عزل الجغرافيا عن محيطها وعمقها الثقافي، ليواجه عنف المستعمر وغطرسة الاستعمار.
وبين ان تجربة سميح القاسم الشعرية شكلت إضافة تكاملية لشعر المقاومة في مرحلة ما بعد النكبة، الى جانب محمود درويش، وتوفيق زياد، وراشد حسين، ومعين بسيسو، وغيرهم من فرسان القصيدة على امتداد التاريخ الفلسطيني، الذين كرسوا قصيدة المقاومة في الأدبيات النقدية والإبداعية كإحدى ركائز النضال الوطني الفلسطيني.
ولد القاسم في مدينة الزرقاء الأردنية في 11 أيار 1939 لعائلة فلسطينية من قرية الرامة القريبة من مدينة عكا، ودرس في الرامة والناصرة واعتقلته سلطات الاحتلال الإسرائيلي عدة مرات وفرضت عليه الاقامة الجبرية لمواقفه المعارضة لسياسة الحكومة الاسرائيلية كما قاوم التجنيد الذي فرضته اسرائيل على الطائفة الدرزية التي ينتمي اليها.
وتنوعت اعمال الراحل الكبير بين الشعر والنثر والمسرحيات ووصلت لأكثر من سبعين عملا، وصدرت أعماله الناجزة في سبعة مجلدات عن دور نشر عدّة في القدس وبيروت والقاهرة، تُرجم عدد كبير من قصائده إلى الإنكليزية والفرنسية والتركية والروسية والألمانية واليابانية والإسبانية واليونانية والإيطالية والتشيكية والفيتنامية والفارسية والعبرية واللغات الأخرى.
وسجن القاسم أكثر من مرة كما وضع رهن الإقامة الجبرية وتعرض للكثير من التضييق بسبب قصائده الشعرية ومنها (تقدموا) التي اعتبرت تحريضا ضد السلطات الإسرائيلية وتسببت في أزمة داخل إسرائيل بعد تحولها إلى ما يشبه البيان الشعري السياسي.
وأسهم القاسم في تحرير "الغد" و"الاتحاد" ثم رَئِسَ تحرير جريدة "هذا العالم" العام 1966، ثُمَّ عادَ للعمل مُحرراً أدبياً في "الاتحاد" وآمين عام تحرير "الجديد" ثمَّ رئيس تحريرها وأسَّسَ منشورات "عربسك" في حيفا، مع الكاتب عصام خوري العام 1973، وأدارَ فيما بعد "المؤسسة الشعبية للفنون" في حيفا وترأس الاتحاد العام للكتاب العرب الفلسطينيين، وترأس اتحاد الكتاب العرب، وترأس تحرير الفصلية الثقافية "إضاءات"، التي أصدرها بالتعاون مع الكاتب الدكتور نبيه القاسم.
وللقاسم قصائد حظيت بشهرة في عموم العالم العربي ومنها "منتصب القامة أمشي" التي غناها الفنان اللبناني مرسيل خليفة وتحولت إلى ما يشبه النشيد الشعبي الفلسطيني.
وحظي القاسم بتقدير المثقفين في العالم العربي وخارجه، ونال كثيرا من الجوائز من إسبانيا وفرنسا وآخر تكريماته حصوله عام 2006 من القاهرة على جائزة نجيب محفوظ التي يمنحها الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، و"غاز الشعر" من إسبانيا، وعلى جائزتين من فرنسا، وجائزة البابطين" الشهيرة، وجائزة "وسام القدس للثقافة" و"جائزة السلام" و"جائزة الشعر" الفلسطينية.