حلم "الجبل الابيض "
بسام أبو الرب
تراود الشابة رغد بزاري (23 عاما) ذكريات رحلتها قبل عام بعد تسلقها قمة جبل "شامبغيه" أحد جبال الألب في الجنوب الفرنسي فرنسا، والتي يصل ارتفاعها الى 2500 متر، فيما يقف حلم تسلق جبل مون بلان ومعناه (الجبل الابيض)، امام ناظريها حتى يصبح الحلم حقيقة.
بزاري طالبة تحمل ماجستير تربية رياضية في جامعة النجاح الوطنية، وهي مدربة سباحة دولية وتنحدر من محافظة قلقيلية شمال الضفة الغربية المعروفة بطبيعتها الجغرافية السهلية، والتي ترتفع 60 إلى 75 مترا عن مستوى سطح البحر، كان التسلق هاجسا لها منذ الطفولة، فالأشجار واسطح المنازل قصة تحاكي رغبتها في الوصول إلى القمة.
احد عشر فلسطينيا تسلقوا جبل "شامبغيه"؛ تسعة شباب وبزاري ورفيقة أخرى لها ضمن هذا الفريق، بعد رحلة استغرقت حوالي عشرين يوما للحصول على رخصة التسلق والوصول إلى عدد من القمم ثم الانطلاق الى تحدي الطبيعة وركوب المصاعب، والتغلب على المخاطر وصولا إلى قمة جبل "شامبغيه" خلال يومين .
"القوة بالعقل لا بالعضلات فقط، والامنية ان اعود ثانية اذا سنحت لي الفرصة لتسلق الجبال خاصة مون بلان (الجبل الابيض)، على الحدود بين فرنسا وايطاليا، وهو اعلى قمة جبلية في جبال الالب، ويبلغ ارتفاعها ما يقارب 4000 متر"، تقول بزاري.
الاحساس عند بلوغ القمة، هاجس يلاحق الشابة بزاري ليكون حافزا لها لإعادة التجربة رغم المخاطرة والخوف في بداية مشوار التسلق.
قمة "الجبل الابيض" حلم كل متسلق، تؤكد بزاري.
تروي بزاري طبيعة وتفاصيل رحلة تسلق جبل "شامبغيه"، التي كانت تبدأ من السادسة صباحا، مع حمولة من الاكل والماء قدر المستطاع، ومسير على الأقدام يصل إلى ست ساعات متواصلة في ظروف صعبة، احيانا يحاول فيها المتسلق التأقلم مع البيئة المحيطة من تدني درجات الحرارة، ونقص الاكسجين، وانخفاض الضغط الجوي على ارتفاع 2500 متر، والخوف من التعرض لما يعرف بمرض الجبال .
وتصف التجربة بـ"الجنون الرائع" بالنسبة لها، بسبب المخاطر التي قد يتعرض لها المتسلق، والتحدي للطبيعة التي تصل إلى مراحل يمكن فيها الاستلام لها وتذكرك انها الاقوى، في ظل سيطرة الخوف والرهبة على الانسان.
"الاندماج مع الطبيعة والاحساس بها والاستماع لمكنوناتها تجربة اخرى"، تقول بزاري.
"الصبر والهدوء عاملان اساسيان تعلمتهما للتعامل مع حالات الخطر في لحظات التسلق والاستماع الى الطبيعة والاحساس بها"، تضيف بزاري.
الجغرافيا ودرس الخرائط، درسان كانت بزاري تنفر منهما أيام الدراسة، إلا أنهما من أساسيات البقاء والعيش في حياة المتسلق، فهما ضروريان لمعرفة خريطة الجبال وتحديد الجهات وتحديد الموقع والارتفاع.
تجربة تسلق الجبال في فلسطين لم تظهر على السطح كرياضة عالمية، الا انها بقيب محسورة بمجموعات صغيرة وتجارب لأشخاص كما حدث مع ياسمين النجار التي تعاني من اعاقة جسدية، حيث وصلت الى أعلى قمة في جبال إفريقيا، جبل كلمنجارو.
وترى بزاري ان العائق الاساسي في الحد من ممارسة رياضة التسلق هو سيطرة الاحتلال على اكثر الجبال جودة وجمالا في فلسطين، رغم وجود محاولات من قبل بعض المحترفين في الضفة، ومن هنا جاءت الفكرة من قبل المسؤول عن نادي الالب الفرنسي الذي كان في زيارة لفلسطين مع مجموعة من الفرنسيين الداعمين للقضية الفلسطينية، فقرر تطوير مهارات الشباب وإعطاءهم فرصة لقيادة تسلق الجبال الفرنسية .
"في كل إنسان قمة عليه أن يصعدها وإلا بقي في القاع مهما صعد من قمم"، هذه أحد مقاطع رواية "أرواح كلمنجارو" لكاتبها الفلسطيني إبراهيم نصر الله، الذي استلهم احداثها خلال مرافقته الشابة ياسمين النجار أثناء تسلقها جبل كلمنجارو.
ــــــــــــ