مكرمة خادم الحرمين تخفف حزن والدي الشهيد رامي ريان
لم يدر بخلد الشاب والمصور الصحفي رامي فتحي ريان (26 عاماً) أن هوايته، التي تعلق بها شغفا ستكون يوماً ما سبباً مباشراً لاستشهاده على يد الاحتلال الإسرائيلي خلال العدوان الأخير على قطاع غزة، ليأتي اليوم الذي وُجد فيه شهيداً بجانب الكاميرا، وقد تحطمت واختلطت دماؤه مع قطع العدسات المتناثرة.
يقول الأب المكلوم الحاج فتحي ريان من الخيمة في مشعر منى، بعد أن منّ الله عليه بأداء فريضة الحج: "أنا من سكان مدينة غزة، وعمري 68 عاماً، تزوجت ولم يرزقني الله بالمولود الأول رامي إلا بعد 14 عاماً من العقم، وظللنا فرحين به حتى راح ضحية في الحرب الإسرائيلية على غزة وبقي هذا الجرح لا يندمل بسبب حاجتنا الماسة له في مواجهة ظروف الحياة، خصوصا أنني زوّجته في سن مبكرة وأنجب ولدين وبنتين".
وبوجع الفقد، يروي الحاج فتحي قصة ابنه الإعلامي رامي، قائلاً: ينتسب ابني لمؤسسة صحفية في مدينة غزة، وكانت والدته تحاول ثنيه عن هذه الهواية التي أصبحت مهنته فيما بعد، إلا أنه كان يردد كل مرّه: يجب أن نكشف للعالم جرائم الاحتلال الإسرائيلي. لن نسكت عن ممارساتهم.
ويضيف: ظل الابن يتنقل بكاميراته التي تتطور عاما بعد عام حتى أصبحت ملحقاتها كثيرة، وبدأ يرصد قصصاً متنوعة لبطولات أبناء فلسطين، وشاهدنا تصويره يتصدر وكالات الأنباء العالمية والقنوات الفضائية والصحف طيلة عمره الصحفي، وأصبح هدفاً لجنود الاحتلال الإسرائيلي بعد أن حاولوا حجب الصوت والصورة بقتل الإعلاميين وترويعهم في الضفة الغربية وقطاع غزة.
ويصف الحاج فتحي اليوم الذي قصم ظهره بعد أن "بلغ من الكبر عتيا"، وتحديدا قبل ثلاث سنوات إبان القصف الإسرائيلي العنيف ومجزرة حي الشجاعية شرق مدينة غزة، حيث خرج رامي مودعا والديه وأبناءه لرصد آثار القصف الإسرائيلي على الحي، مستغلا هدنة الـ3 ساعات، التي حددها الاحتلال ليتسوق الناس، إلا أنها كانت هدنة الغدر، حيث أغار الاحتلال بكل عتاده على الناس، وكان الابن يرصد آثار الدمار، وأثناء مرحلة التوثيق جرى الهجوم عليه بقذيفة مباشرة مع ثلاثة من زملائه، وسقط أرضاً يجانب الكاميرات، التي كان يحملها، فيما هرب الأهالي لمنازلهم وتم نقله إلى المستشفى فوراً.
وعن معرفته بنبأ استشهاد ابنه، قال الحاج فتحي: كنت جالسا في البيت، وزوجتي تسمع الأخبار من الراديو، وأخبرتني أن هناك مجزرة في الشجاعية، قلت لها: "اغلقي الموجة بلاش يرتفع علي الضغط والسكر"، وفي هذه الأثناء اتصل بي إخوتي الذين يشاهدون التلفزيون، ليطمئنوا علي لأني وحيد وولدي دائماً في الميدان، وفجأة خرجت للشارع ووجدت الجيران أمام بيتي، وأخبروني أن رامي مصاب في قدمه.
وتابع الحاج فتحي بدموع تزاحم ألم الذكريات، "توجهت للمستشفى وفي الطريق استوقفني مواطن يعرفني، وقال: "البقية في حياتك.. ابنك استشهد"، حينها فقدت الوعي، ووجدت نفسي بالمستشفى والأطباء حولي، وهناك تأكدت من استشهاد ابني، وأظلم منزلنا مجدداً، وأصيبت زوجتي بالضغط والسكر، وأصبح الألم هو حالنا منذ ثلاث سنوات.
وتابع: اليوم ينتزع خادم الحرمين الشريفين شيئاً من ذلك الحزن العميق، بعد أن ساهم في حجنا أنا وزوجتي لأول مرهة وفي الحج لا تغيب دعواتنا للملك سلمان وإبننا الشهيد الذي راح فداء للأقصى.
وكان 16 صحفياً استشهدوا في الحرب الأخيرة على غزة، وأصيب نحو خمسين آخرين أثناء تغطيتهم للحرب، وفقاً لمركز غزة للإعلام.
ha