عيد باهت في غزة
زكريا المدهون
حرارة مرتفعة.. شوارع خالية لم تجرِ بها دماء الأضاحي ككل عام.. أطفال يلعبون، بعضهم بملابس جديدة والآخر بملابس قديمة، هذا هو حال العيد في قطاع غزة المحاصر منذ أكثر من عقد من الزمن.
في أول أيام عيد الأضحى المبارك دبت الحركة في شوارع غزة بعدما أصبحت الشمس في كبد السماء، الكل يعتقد أن الغزيين منشغلون بأضاحيهم، لكن الشوارع النظيفة التي لم تغرق بالدماء وبفرحة الأطفال الذين لم يطاردوا العجول والمواشي، دحضت تلك التوقعات.
رغم انخفاض أسعار الأضاحي إلا أن الإقبال عليها كان ضعيفا جدا، بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية والخوف من فساد اللحوم جرّاء انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة عن منازل الغزيين.
في غزة، اقتصر العيد على الشعائر الدينية وصلة الأرحام التي اضطر الكثير إلى الاستدانة لصلتها، وهناك آخرون قطعوها مرغمين.
لكن في غزة لا ننسى أن هناك أماكن للهو والترف والسهر لا يدخلها الفقراء وأصحاب الدخل المحدود، كذلك شاطئ البحر المجاني حرموا منه بسبب تلوثه بمياه الصرف الصحي.
ألعاب الأعياد في مخيمات اللاجئين والأحياء الشعبية في محافظات غزة، هي عبارة عن أراجيح قديمة نصبها أصحابها للاسترزاق منها، كحال الشاب عبد الله (25 عاماً) في مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة.
يعّد العيد بالنسبة لعبد الله فرصة للعمل وتحصيل بعض الأموال، رغم قساوة العمل الذي يقوم من دفع للأرجوحة طوال اليوم وفي ظل شدة الحرارة.
يقول عبد الله إنه عاطل عن العمل ويريد مساعدة أسرته.
شاب آخر يستخدم دراجة هوائية بثلاث عجلات "توك توك" لتحميل الأطفال عليها مقابل نصف شيقل عن الشخص الواحد، ويدور بهم في شوارع المخيم وسط غناء وصيحات الأطفال، رغم خطورة هذا العمل والمتمثل بانقلاب الدراجة أحياناً.
الطفل يوسف سلمان (8 أعوام) عبّر عن سعادته وهو يركب إحدى الأراجيح، وقال:" "أنا فرحان على المرجيحة كل يوم باجي أنا وأخواتي وأولاد عمي نلعب".
بدوره، لخص الخبير الاقتصادي ماهر الطبّاع أحوال الغزيين خلال العيد بالقول: يأتي عيد الأضحى المبارك للعام الحادي عشر على التوالي في ظل أسوأ أوضاع اقتصادية ومعيشية تمر بالقطاع منذ عدة عقود، بسبب الحصار الإسرائيلي والانقسام الفلسطيني.
وأكد الطبّاع لـ "وفا"، ارتفاع معدلات البطالة (44%)، وبلغ عدد العاطلين عن العمل حوالي 216 ألف شخص خلال الربع الثاني من العام الجاري.
وتفرض إسرائيل منذ العام 2006 حصارا مشددا على الشريط الساحلي، أدى الى شلل تام في جميع مناحي الحياة، إضافة الى تعرضه لثلاثة حروب.
وقال الطباع: كل هذا أدى إلى ركود غير مسبوق في أسواق قطاع غزة، خصوصا في ظل مواسم ومناسبات تتضاعف فيها المصاريف، لافتاً الى أن أزمة الكهرباء الطاحنة التي تضرب قطاع غزة أدت إلى ضعف القدرة الشرائية وامتناع الكثير من المواطنين القادرين عن شراء الأضاحي، خوفا من تلفها بسبب انقطاع الكهرباء لساعات طويلة، رغم انخفاض أسعار الأضاحي عن الأعوام السابقة.
ha