الفتى دغلس: المستوطنون فكروني ميت فتركوني
زهران معالي
على سرير الشفاء في مستشفى رفيديا في مدينة نابلس، يرقد الفتى أسامة جميل دغلس (16 عاما) من بلدة برقة، شمالي مدينة نابلس، بعد أن اعتدى عليه مساء أمس الأربعاء، مجموعة من المستوطنين قرب مستوطنة "حومش" المخلاة منذ العام 2005.
الفتى دغلس لم يستطع رفع ظهره والجلوس بالوضع السليم من شدة الالم الذي لحق به، بعد أن نجا من محاولة قتله؛ فالخدوش والرضوض تملأ جسده.
انها محاولة قتل متعمد. "فكروني ميت، تركوني ورحلوا"، يقول الفتى دغلس.
دغلس خرج من منزل عائلته برفقة ابن عمه صلاح، للعب والاستجمام بمنطقة القصور الواقعة بين بلدته برقة والمستوطنة المخلاة، إلا أن أجواء الفرح والسعادة تلك التي كان يبحث عنها بالمنطقة، كادت أن تجعله ضحية جريمة قتل جديدة أبطالها عشرون من فتية المستوطنين.
وعادة، ما يتوجه أهالي برقة لمنطقة القصور المطلة على البلدة وسهولها، للتنزه والاستمتاع بمناظر الطبيعة، نتيجة حرمانهم من الوصول لأراضيهم التي أقيمت عليها مستوطنة "حومش" على سطح الجبل، وأخليت عام 2005، إلا أنها مازالت محرمة على الأهالي إثر اعتداءات المستوطنين المتواصلة.
ويقول دغلس لـ"وفا"، "أثناء تواجدنا للعب بمنطقة القصور، تفاجئنا بقدوم عشرين مستوطنا باتجاهنا من المستوطنة، استطاع صلاح مراوغتهم والهرب، لكن أنا لم استطع".
"تحلق المستوطنون العشرون حولي، شعرت بالخوف والتوتر، وبدأوا بإلقاء الحجارة اتجاهي فأصبت بأحدها برأسي وفقدت الوعي"، يضيف دغلس.
لم يكتف الغرباء بضرب دغلس بالحجارة، بل استمروا بركله بأقدامهم وتوجيه اللكمات على جسده، وسحله على ظهره فوق الشوك لمسافة تصل كيلومترا من منطقة القصور باتجاه المستوطنة أعلى الجبل بعد تمزيق ملابسه، ثم باشروا بدحرجته لأسفل الجبل باتجاه منطقة باب الواد.
ولم تنته حكاية الألم هنا، فبعد أن استعاد دغلس جزءا من وعيه حاول الوصول لمنزل عائلته الذي يبعد مئتي متر عن المكان، إلا أن المستوطنين باغتوه بإطلاق القنابل الصوتية نحوه أدت لارتطام رأسه بصخرة أفقدته الوعي من جديد.
لا يعلم الطفل أسامة ما جرى بعد ذلك، إلا أنه يؤكد أنه لم يرتكب جريمة بالذهاب لتلك المنطقة فهي أرض الشعب الفلسطيني والمستوطنون غرباء احتلوا الأرض، قائلا: غدا وكل يوم سأذهب لتلك المنطقة، فهي لنا، وسأكون جاهزا لصدهم هذه المرة.
والد أسامة، جميل دغلس أوضح لـ"وفا"، بأن أحد رعاة الأغنام بالمنطقة عثر على نجله فاقدا للوعي وممزق الملابس، ومنهارا عصبيا، حيث أخبر العائلة وجرى نقله لاحقا لمستشفى رفيديا لتلقي العلاج.
وأضاف أنه خلال العام الجاري سجل عدة اعتداءات للمستوطنين على أهالي البلدة والقرى المجاورة لمستوطنة "حومش" المخلاة"، من ضرب الحجارة وتكسير المنازل ومهاجمة رعاة الأغنام وتكسير المركبات.
من جهته، أوضح مدير قسم الطوارئ في مستشفى رفيديا د. عبدالكريم حشاش، أن الطفل دغلس وصل عصر أمس ويعاني من ضربات متعددة في الرأس والبطن والاطراف العلوية والسفلية، ومن فقدان في الوعي قبل الوصول للمستشفى، وتبين خلال الفحص الطبي وجود خدوش منطقة الظهر والأطراف العلوية والسفلية إثر الاعتداء عليه من المستوطنين.
وأضاف أنه جرى تم تقديم الإسعافات الأولية للمريض في قسم الطوارئ، إجراء الفحوصات اللازمة وتقديم العلاج المكثف له ووضعه تحت المراقبة، مشيرا إلى تحسن وضعه الصحي وتماثله للشفاء حيث سيخرج اليوم لمنزله.