"أستوديو القاهرة"
بدوية السامري
لعبة حصان ومقعد صغير من القش، أمام أوراق حائط قديمة بعضها لصور أشجار، وأخرى لورود وآلات موسيقية عمرها أكثر من خمسين عاماً، جلس عليها ووقف أمامها الكثيرون التقطوا صورا تذكارية لهم في استوديو "القاهرة" وهو من أقدم الاستوديوهات في مدينة نابلس.
ويقول صاحب الأستوديو محمد أبو حصيرة :"هنا في استوديو القاهرة، سجلنا أجمل اللحظات والذكريات للكثيرين".
وتحوي أغلب منازل مدينة نابلس والقرى المحيطة بعض الصور التي حملت في خلفيتها ختم استوديو القاهرة الذي سجل أجمل اللحظات في حياة الكثيرين من خطوبة وزفاف، وأخرى وهم يحملون أطفالهم.
وشكلت الصور التي تم التقاطها في استوديو القاهرة منذ تأسيسه عام 1957 في نابلس أرشيفا اجتماعيا للمجتمع الفلسطيني الذي عاش في المدينة ومحيطها.
وما زال حائط الأستوديو يحمل بعض الصور القديمة لأشخاص منهم من توفاه الله، ومنهم من كان صغيرا واصبح أكبر بالسن، ويزور الاستوديو للاطمئنان على صورته المعلقة التي تحمل أجمل ذكرياته.
صاحب الأستوديو محمد أبو حصيرة الذي تجاوز العقد السابع من العمر وعاصر التصوير من الصندوق الخشبي الى الكاميرا الديجيتال الحالية، كان يعطي زائري الاستوديو ارشادات منه حول وضعية الوجه، والجسم، واختيار الخلفية المناسبة لذلك، وتبعا لشخصية الشخص الذي سيلتقط الصورة له، يقرر من أي زاوية سيأخذها.
ويشير: تعلمت التصوير على أيدي الأرمن في القدس، منذ عمر صغير، وكنت أضيف بعض الرتوش وأتعامل بألوان الزيت أحيانا لإضافة شيء من اللمسات على الصورة.
ويشير إلى أن للمصور الصحفي الكثير من الأمور التي يجب أن تتوافر في شخصيته، وطريقة عمله، فالتصوير فن.
"مهنتي تراجعت اليوم، وغالبا انتهت" يقول أبو حصيرة، اصبح فيها الكثير من الدخلاء الذين لا علاقة لهم بالمهنة، ويشير الى ممر في الطابق الأول في الأستوديو قائلا، هناك كان يقف المرتادون مع عائلاتهم صفاً ينتظرون دورهم لالتقاط الصور التذكارية لهم، كان الأستوديو دائما يعج بالحركة والأصوات، والآن هو صامت ربما يدخل اليه شخصاً واحداً في الأسبوع لالتقاط صورة لبطاقة هوية أو جواز سفر.
ويضيف: الآن أصبح الناس يحفظون أجمل لحظاتهم بأجهزتهم الذكية وهواتفهم المحمولة، في عصر السرعة أصبح الناس يريدون الحصول على كل شيء بسرعة وتسجيل جميع لحظات حياتهم بسرعة، فقدوا جمال اللحظات بكثرة التصوير، فتدمرنا نحن أبناء الصنعة.
وعن سبب التسمية باستوديو القاهرة قال أبو حصيرة إن "شدة حب العائلة لشخصية جمال عبد الناصر ومصر اختاروا الاسم القاهرة على الأستوديو، حيث عملنا أنا وأخوتي داخل المحل لسنوات، حضر الينا خلالها شخصيات عدة وجنسيات عدة".
وآثر أبو حصيرة على حرق كل ما يحويه الأستوديو من مخزون الصور خلال العام 2006، لخصوصية هذه الصور كما يقول، وبأن ليس من حقه طبعها أو عرضها مرة أخرى حتى لو كان أصحابها قد توفوا.
ويقول: أتلفت جميع الصور التي كنت اصورها سواء خلال استخدامي التصوير في الصندوق، أو الكاميرات العادية، لأن ليس من حقي أن احتفظ بشيء منها.
"كان في الماضي عادة الذهاب الى الأستوديو تعتبر أمرا لا بد منه، لتسجيل اللحظات الجميلة، وتحمل متعة شخصية، وكان انتظار تجهيز الصورة التي ربما يضع المصور عليها بعض اللمسات لتصبح أكثر جمالا، حيث أنتجتها أيدي المصورين بحرفية، شيء فيه الكثير من المتعة، لكن الآن أصبحت الأجهزة الذكية تقوم بكل ذلك في لحظات، فلم يعد للأستوديو داعي"، أكد أبو حصيرة بأسى.