القرارات الإسرائيلية والاستيطان.. غطرسة متواصلة لتهويد الخليل
- جويد التميمي
القرار الإسرائيلي بإنشاء سلطة محلية في البلدة القديمة وسط مدينة الخليل، يتساوق مع حملات تحريض واعتداءات الاحتلال المتواصلة.
نهب.. سرقة.. ترويع، ممارسات يومية يمارسها مستوطنون متطرفون مدججون بالسلاح استولوا على أراضي وممتلكات المواطنين في البلدة القديمة بالقوة، وشرّعوا ذلك في محاكمهم الإسرائيلية، التي تدعي العدل، والانصاف أمام عالم بات يرى ما يرى الاحتلال، ليس الا.
وكالعادة خلف قرارات الاحتلال، وسائل اعلام تنعق لتروج للعالم ما يبث، ويصدر عن حكومتهم الإسرائيلية اليمينية التي لم تؤمن بالسلام يوما، بل اتخذت الاستيطان سبيلا في كافة أرجاء فلسطين، قضمت الأرض عبر المصادرة ووضع اليد بحجج مختلفة، وتقاسمت "أدوات العنف" والسيادة مع مستوطنيها، وتحولت إلى أداة من أجل تبييض خروج مستوطنيها عن القانون الذي سنّته هي، في إشارة إلى حجم القوة التي يتمتع بها هؤلاء في تسيير وجهة ما يسمونها "الدولة".
محمد منتصر أبو رجب أحد المواطنين العزل الذين يئنون ويعانون في مواجهة هذا "السرطان الإسرائيلي"، الذي يتفشى في أزقة وحارات مدينة الخليل العتيقة أكد لــ"وفا" تمسكه بمنزله الذي يقع في منطقة اشبه ما تكون "ثكنة عسكرية" ليلا نهارا، بحجة حماية عشرات المستوطنين الذين ينعمون بإقامتهم في منازل الفلسطينيين، ومنها شقتان في بنايتهم الواقعة قرب مدرستي الفيحاء والإبراهيمية القريبتين من الحرم الإبراهيمي في البلدة القديمة، وسط المدينة.
وأضاف أبو رجب: المستوطنون يقتحمون منازلنا، وهم مدججون بالسلاح "لا حول لنا.. ولا قوة" والشرطة والجيش الإسرائيلي يتابعون تحركات مستوطنيهم، لحمايتهم، وقبل أيام أصيبت والدتي هالة ابو رجب (55 عاما) جراء رشقها بالحجارة، أثناء تواجدها على شرفة منزلنا، ما أدى لإصابتها بارتجاج في الرأس، وجروح قرب عينيها، كادت ان تحرمها البصر، وعلى الفور نقلناها الى مستشفى الخليل الحكومي، لتلقي العلاج.
ويتابع: المئات من مستوطني البؤر الاستيطانية والمستوطنات المقامة عنوة على أراضي المواطنين في محافظة الخليل، المدججون بالسلاح، هاجموا منزلنا غير مرة، وأطلقوا عبارات تهديد وسيل من الشتائم علينا، الأمر الذي تسبب بحالة من الرعب لدى عائلتنا، خاصة أطفالنا، نحن مرغمون أن نلتزم الصمت في كثير من الأحيان، لأننا عزل، وليس لدينا الا ارادتنا التي لا تلين.
وأضاف ان قرار حكومة الاحتلال إنشاء سلطة محلية في البلدة القديمة بالخليل سيزيد الامر داخل البلدة تعقيدا، وهو ينذر بوقوع كارثة، لأنه لا معنى للخليل، ولا ثقل لها في جميع المحافل الدولية إن جردت من حرمها، وبلدتها العتيقة.
والدة منتصر الحاجة هالة ابو رجب (55 عاما) تؤكد لــ"وفا"، أن اعتداءات الاحتلال ومستوطنيه لن تزيدنا إلا قوة في مواجهة هذه الغطرسة الاستيطانية الهمجية، التي لا تستهدف المواطنين فقط، بل كل ما هو فلسطيني من شجر، وحجر، وحتى الحضارة، والتاريخ، والاصالة التي نتحلى بها في مدينة الخليل.
وأكدت أن الاحتلال من خلال قراره انشاء سلطة محلية يحاول طمس معالم البلدة القديمة برمتها، إلا أن ذلك لن يكون، ونوهت إلى أن حكومة الاحتلال عملت منذ عدة أشهر وقبل اصدارها القرار المذكور، على تغيير أسماء الشوارع، والأزقة، لصبغ البلدة القديمة باليهودية، وترحيل المواطنين الأصليين منها، لصالح توسيع رقعة الاستيطان فيها.
وأضافت: اعلامهم يروج ويبث للعالم ما يشاء، ومن يتطلع للوصول الى الحقائق والوقوف عليها فليأتِ للخليل لينظر ماذا تفعل هذه الدولة ومحاكمها العنصرية بمواطنين عزل، متشبثين بمنازلهم، وأراضيهم التي ورثوها عن آبائهم، وأجدادهم قبل قيام اسرائيل، ويعيشون فيها منذ مئات السنين..
وتتابع: بأم عيني شاهدت المستوطنين وصحفيين جلبوهم لتزييف الواقع كانوا يقدمون لهم الصيغة الاعلامية التي تتوافق مع غطرستهم، ولا يستطيع الصحفي الخروج عن النص المدبر من قبلهم ولو بكلمة، وبحرقه قالت "نحن نعيش المأساة يا ولدي وعلى الجهات الفلسطينية تعزيز صمودنا كي نبقى هنا".
بدوره، قال محافظ الخليل كامل حميد لــ"وفا": "القرار الاسرائيلي بإنشاء سلطة محلية في البلدة القديمة وسط مدينة الخليل سيمرر الاحتلال من خلاله مشروعا سياسيا لان المستوطنين ليسوا بحاجة الى خدمات، بل تعرقل سلطات الاحتلال وصول الخدمات لمواطنينا في البلدة القديمة وتعيق عمل طواقم البلدية في كثير من الاحيان عندما يحدث خلل ما في البلدة القديمة، وحسب اتفاقية الخليل الجهة الوحيدة المخولة لتقديم الخدمات في كافة أرجاء المدينة، هي بلدية الخليل، وبصدور هذا القرار اصبحت الاتفاقية لاغية.
وتابع، "يندرج هذا القرار ضمن التصعيد الإسرائيلي، والإرهاب المنظم الذي يمارسه الاحتلال ومستوطنوه على ممتلكات المواطنين في كافة أنحاء الخليل، التي لها خصوصيتها، بعد القدس، من الناحيتين التاريخية، والدينية خاصة.
وأردف: قبل عدة أيام شرعت قوات الاحتلال الاسرائيلي ومستوطنوها، بوضع أسلاك شائكة على مساحات واسعة تبلغ مساحتها أكثر من 200 دونم، في مناطق جبلية في قرية ام الخير بمسافر يطا جنوب الخليل، تمهيدا للاستيلاء عليها، رغم وجود قرار من المحكمة العليا الإسرائيلية لوقف العمل في هذه الأراضي من قبل الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وهذا يؤكد أن المحاكم، والجيش، والمستوطنين، واعلامهم، وكل ما هو اسرائيلي يشنون حملة للاستيلاء على كل ما هو فلسطيني، ضاربين بعرض الحائط القوانين، والمواثيق، والشرعيات الدولية كافة.
وطالب حميد، المجتمع الدولي بالتحرك والضغط على إسرائيل من أجل وقف اعتداءاتها التي تحاول من خلالها فرض سياسة الأمر الواقع وتكريس الاحتلال، في وقت يتحدث فيه العالم كله عن إنهاء هذا الاحتلال والاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة.
واختتم قائلا: "شعبنا قادر على مواجهة هذه الاعتداءات، وهو متجذر في أرضه، ولن يستطيع الاحتلال النيل من إرادته، وعزيمته، ونحن متمسكون بخيار السلام العادل، الذي يضمن حقنا بإقامة دولتنا المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف".
ــ