الخلايا الجذعية ... نافذة أمل للشفاء من الأمراض المستعصية
- تخزين خلايا الحبل السري بات متاحا في فلسطين
- شروق زيد
بات الاستثمار في تخزين الخلايا الجذعية من دم الحبل السري في بنك دم خاص، أمرًا ممكنًا في فلسطين قد يفتح نافذة أمل لشفاء المرضى المصابين بأمراض مستعصية كسرطان الدم، والسكري، وأمراض القلب، وغيرها.
ويعول العلماء على مستوى العالم على الخلايا الجذعية وأبحاثها كعلاج المستقبل للكثير من الأمراض، وذلك لخصائصها البيولوجية والتجددية.
ويشكل تخزين الخلايا الجذعية من دم الحبل السري تقنية قد تحمل أملا في علاج بعض الأمراض، وذلك بالرغم من تعرضها لبعض الانتقادات.
في هذا السياق نجح نخبة من الأطباء الفلسطينيين بتعاون مع شركة تأمين محلية، في تأسيس شركة "بيبي كورد فلسطين" الأولى من نوعها في الوطن، وإحدى الشركات القلائل التي تعمل في هذا المجال في الشرق الأوسط، وذلك بالتعاون مع بنك الخلايا الجذعية في الأردن.
تقنية عالمية
وتعتبر الخلايا الجذعية لبنة الجسم الخام، وهي خلايا تمتلك قدرة غير محدودة على الانقسام والتكاثر، كما تستطيع التمايز والتحول إلى أي نوع من الخلايا، كالعضلات أو الأعصاب أو نخاع العظم.
ويمثل تخزين الخلايا الجذعية من دم الحبل السري تقنية جديدة تقوم على أخذ الدم الموجود في الحبل السري للجنين وتخزينه في بنك، بحيث يتم استعمال الخلايا الجذعية التي فيه في المستقبل للأبحاث أو العلاج.
إمكانية تخزين الخلايا الجذية أصبح متاحا في فلسطين
مسؤولة الشركة الوليدة في فلسطين "بيبي كورد" سوسن أبو جودة، تؤكد بأن شركتها فتحت قنوات تواصل مع شركة "بيبي كورد" في الأردن لافتتاح فرع لهم في فلسطين وفق المواصفات الطبية والمهنية، وتم حصول الشركة على التراخيص اللازمة من وزارتي الاقتصاد والصحة، وتم التعاون مع وزارة الصحة للأشراف على العينات وسلامتها.
وتضيف أبو جودة بأن العينة تأخذ من الحبل السري للطفل حديث الولادة، ويتم تجميعها وتخزينها في عبوات محكمة الاغلاق وفق المواصفات الطبية ومن ثم ترسل لبنك الدم الخاص لها في الاردن في مدة زمنية لا تتجاوز الـ36 ساعة.
وترتكز العملية على استخلاص الخلايا الجذعية من دم الحبل السري للمولود عند ولادته، ومن ثم يتم حفظها وتجميدها لاحقًا بهدف علاج الأمراض مستقبلاً.
وحول ذلك يقول مستشار البيبي كورد في فلسطين ورئيس قسم الولادة في مستشفى الرعاية العربية التخصصي عدوان البرغوثي، تخزين الخلايا الجذعية يتم في بنك دم خاص من خلال تجميدها في حرارة النيتروجين (أي بدرجة 198 درجة مئوية تحت الصفر)، ويمكن أن تتجاوز مدة تخزينها ال 30 عاما".
وأضاف بأن "هذه العلمية ليس لها أي مضاعفات على الجنين أو الأم، حيث تعد تلك الدماء من المخلفات الطبية دماء الحبل السري والمشيمة والأنسجة" غير المرغوب فيها طبيا، ويتم التخلص منها عادةً ".
وبين البرغوثي أن هذه الخلايا هي أولية من الممكن تحويلها لخلايا وأنسجة أخرى متخصصة مثل الخلايا الدموية، العصبية، العضلية، الجلدية، العظمية، وغيرها، حيث أثبت الطب الحديث قدرتها على شفاء أكثر من 100 مرض، ومن ضمنها سرطان الدم "اللوكيميا"، عن طريق زراعة الخلايا الجذعية في نخاع العظم للطفل المصاب وتحويل خلايا الدم السرطانية إلى خلايا دموية فعالة، ومرض السكري عن طريق تحويل الخلايا الجذعية لخلايا في البنكرياس قادرة على انتاج الأنسولين، بالإضافة لأمراض القلب وعلاج الحروق التي تتطلب خلايا جلدية جديدة وكسور العظم، والأمراض العصبية مثل "الزهايمر" وغيرها العديد.
وتعد نسبة التطابق في الخلايا الجذعية عالية للطفل نفسه بنسبة 100%، ولوالديه وأشقائه بنسبة قد تصل إلى 50%، ما يعني أن هذه الخلايا يمكن أن تستفيد منها العائلة بشكل كامل.
ويقول البرغوثي إن " تقنية "البيبي كورد" قد تكون بديلاً عن زراعة الأعضاء حيث تتميز التقنية بنسبة تطابق كبيرة جداً، وستكون حلاً لعلاج الكثير من الأمراض للطفل ولأسرته".
تحديات تواجه المشروع
وعن التحديات التي قد تواجه "البي بي كورد" في فلسطين، أوضح البرغوثي، أن قلة الوعي لدى المواطنين حول أهمية وجود رصيد صحي للطفل ولأسرته، ومن ثم التكلفة العالية لهذه العملية التي تصل لـثلاثة آلاف دينار أردني، وآخر هذه التحديات قلة الامكانيات المتاحة والكوادر المتخصصة في فلسطين بشكل خاص وفي الشرق الأوسط بشكل عام، لتحويل الخلايا الجذعية الخام لخلايا متخصصة.
واختتم البرغوثي أنه بإمكان أي زوجين لديهما طفل يعاني من سرطان الدم أن يطلبوا الخدمة لأخد الخلايا الجذعية لشقيقه الجنين لعلاج اخيه المصاب.
وزارة الصحة ترحب بالمشروع
رحبت وزارة الصحة على لسان الناطق باسمها أسامة النجار بالموضوع، وبين أن دور الوزارة يتلخص في الإشراف على سلامة العينات وخلوها من الملوثات الفيروسية، عن طريق فحص تلك العينات بمختبرات موافق عليها من قبل الوزارة.
وأضاف أن الخلايا الجذعية هي أفضل الخلايا التي تستخدم للزراعة، وخاصة لهؤلاء الذين لا يتواجد لديهم تطابق من قبل الأقارب، موضحا أن العينة الطبية المأخوذة للزراعة تكلف وزارة الصحة ما يقارب 73 ألف شيقل، بينما تكلفتها محليا لا تشكل عبئا ماديا، فتلك الدماء تعد من المخلفات الطبية بعد الولادة، ولكنها بحاجة للمختبرات والتدريبات والتجهيزات اللازمة، وأن العقبة الأساسية هي توفير مكان الحفظ، حيث أن تجهيز بنك خاص لحفظ الخلايا الجذعية يحتاج لإمكانيات مادية هائلة.
وأعرب النجار عن أمله بتوفير تلك الامكانيات في القريب العاجل لمرضانا وابناء شعبنا.