لغة المصالحة
كتب: رئيس تحرير صحيفة "الحياة الجديدة"
للمصالحة لغة لا ينبغي أن تتجاوز المصالح الوطنية العليا، طالما أنها لخدمة هذه المصالح، وهي بالتأكيد كذلك، ومن أبرز المصالح الوطنية العليا ان يكون قرار الحرب والسلم، قرارا وطنيا مركزيا لا قرارا فصائليا ولا بأي حال من الأحوال، وهذا يعني أن على سلاح المقاومة (كلما وجد وأينما وجد) أن يكون منضبطا لهذا القرار، والأهم ألا تستغل أحاديث سلاح المقاومة لحرف المصالحة الوطنية عن مسارها الصحيح، وألا يتم الغمز بأن المصالحة قد جاءت على حساب المقاومة (...!! ) وهي التي تسعى لتنظيم هذه المقاومة على نحو أكثر فاعلية، حين التزامها بالقرار الوطني المركزي في هذا الاطار، وهو اليوم قرار المقاومة الشعبية السلمية، التي اثبتت فاعليتها تماما خاصة في ملحمة الدفاع عن الأقصى، ثم انه لا يجوز مع الوحدة الوطنية التلاعب بالخيارات الاستراتيجية كل في مرحلتها، والهدف الوطني المركزي هو دحر الاحتلال، وعلى نحو خاص في هذه المرحلة، بمواجهة المخطط الاستعماري الاستيطاني الإسرائيلي، واسقاط هذا المخطط، لصالح حل الدولتين الذي ما زال يحظى بإجماع دولي.
ولغة المصالحة ليست لغة تقاسم "نفوذ" تحت عناوين الشراكة بتوصيفات مطلقة..!! بقدر ما ينبغي ان تكون تحت عنوان واحد فحسب: هو الوحدة الوطنية، وفي إطارها، اطار منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، بقيادتها الشرعية، وللمنظمة برنامج سياسي قد أقرّ في أطرها، وهذه الأطر وحدها هي من يقرر مصير هذا البرنامج، لغة المصالحة هي تماما لغة الوحدة الوطنية، التي تكرس سلطة القانون الواحدة، والإدارة الواحدة، والسلاح الواحد في الضفة وغزة.
وإنه لأمر حسن ان يعترف الأخوة في حماس بعد عشر سنوات ان الانقسام كان من أصعب "المحطات" الفلسطينية، لكن هذا الاعتراف بحاجة إلى أشجع المواجهات النقدية، كي نثق تماما أننا ماضون نحو إنهاء الانقسام بصورة حاسمة، وبضمانات الوحدة الوطنية، التي لن تسمح له ان يكون مرة أخرى، ولا بأي شكل من الأشكال.
عاد رئيس الحكومة من غزة وقد أنجز ووعد، لكن عادت "داخلية " حماس تتحدث عن إنجاز أمني لها، كأن حكومة التوافق لم تدخل وزارة الداخلية هناك بعد (..!!!) ونائب رئيس المكتب السياسي لحماس في غزة، يضع برنامجا للشراكة في إطاره العام، قبل ان يلتقي الفتحاويون والحمساويون في القاهرة ..!!
ليست هذه الملاحظات، ملاحظات تشكيك بالنوايا الحمساوية، بقدر ماهي ملاحظات مخاوف مشروعة ان تتعثر المصالحة بمواقف تعود بنا ثانية إلى حوار الطرشان..!!
طريق المصالحة بالوساطة المصرية، والدور الأردني الايجابي، واضحة المعالم، وكلام العقول المتفتحة على التفاهم والنوايا الطيبة، هو كلام الخطوة خطوة في هذه الطريق، لاعادة بناء الوحدة الوطنية على أمتن الأسس وأصوبها ولا بد ان نواصل هذه الطريق على هذا النحو البليغ، بمسار الوحدة الذي نعرف كما أكد الرئيس أبو مازن، بلغة المصالحة الصريحة والشجاعة، نعرف بدايته ونهايته، لتحقيق المصالحة على أكمل وجه، حيث لا انقسام ولا منقسمين، والأمر اليوم أمر لغة المصالحة ان تكون هي اللغة الوطنية بشجاعتها وصراحتها دون أي التباس وبعيدا عن كل غمز ولمز.