"القائمة السوداء".. تعرية لوجه الاحتلال
معن الريماوي
في الوقت الذي حذرت فيه مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ما يقارب 150 شركة إسرائيلية وعالمية بوضعها على القائمة السوداء لتعاملها مع حكومة الاحتلال، سارعت الأخيرة للعمل من أجل منع إصدار مثل هذه القائمة، التي اعتبرتها صحيفة "يديعوت احرونوت" العبرية بالخطوة الخطيرة جدا، إذا ما تم فرض عقوبات دولية على جيش الاحتلال الإسرائيلي، وعقوبات اقتصادية كبيرة، في حال أدرجت في القائمة.
حالة من الذعر أصابت حكومة الاحتلال بعد هذه الخطوة، في أن تؤدي القائمة السوداء إلى سحب استثمارات أو تقليص أعمال الشركات الأجنبية في إسرائيل، خاصة وأن وزارة الاقتصاد الإسرائيلية تلقت تقارير تفيد بأن بعض الشركات العالمية التي حصلت على تحذير مفوض حقوق الإنسان، أوضحت أنها لا تنوي تجديد العقود القائمة أو توقيع عقود جديدة في إسرائيل.
وحسب صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، فإن أكثر من نصف الشركات التي تم تحذيرها هي إسرائيلية، والباقي من كافة دول العالم.
وكانت المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، أعلنت أنها أبلغت نحو 150 شركة عالمية تعمل بالمستوطنات، بإمكانية إضافة اسماءها إلى القائمة السوداء للشركات التي تحقق الربح من نشاطات مناهضة لحقوق الإنسان.
منسق اللجنة الوطنية لحركة المقاطعة الإسرائيلية محمود نواجعة، قال إن مثل هذه الشركات، سواء أكانت شركات إسرائيلية أو شركات دولية تتعامل مع حكومة الاحتلال وتقدم خدمات للمستوطنات، من خلال البنوك الإسرائيلية، والشركات التي تقوم بأعمال إنشائية في المستوطنات، وسرقة الموارد الطبيعية الفلسطينية، فضلا عن شركات يمكن أن يثبت تورطها في مد جيش الاحتلال بمعدات لها علاقة بالأمن أو الحواجز.
وأكد أن تلك الشركات تتورط في انتهاك حقوق الشعب الفلسطيني وتتورط في انتهاك القانون الدولي، لذلك يتم إدراجها ضمن القائمة السوداء للأمم المتحدة، وهو ما سيولد ضغطا كبيرا على هذه الشركة، الأمر الذي سيضر بسمعتها الاقتصادية وبالتالي ستتضرر اقتصاديا، وسيتم سحب استثماراتها، وسيكون من الصعب التعامل معها من قبل مستثمرين آخرين، بسبب انتهاكها للقانون الدولي وحقوق الشعب الفلسطيني وهذا ينطوي على خسارة اقتصادية كبيرة.
وتابع أنه "في حال تم إدراج هذه الشركات على القائمة السوداء، فسيتم استهدافها من قبل حركة المقاطعة عبر الضغط على حكومات هذه الشركات التي سجلت في أراضيها، ولكن تبقى مجرد خطوة، ولكنها مهمة وفي الاتجاه الصحيح".
وحول دور حركة المقاطعة، أكد نواجعة "دور الحركة في إعداد جزء من القائمة والتواصل مع الجهات المعنية في الأمم المتحدة من أجل إبرازها، بينما يتم الضغط حاليا على جهات أخرى من أجل الإبقاء على نشر هذه القائمة في وقتها المحدد، وفي الوقت ذاته مواجهة الخطوات التصعيدية من قبل حكومة الاحتلال لمنع إصدار مثل هذه القائمة، والتي نعلم جيدا أنها ستفشل فشلا ذريعا، وسيكون هناك إصدار لهذه القائمة لا سيما وأن الامم المتحدة قامت بإرسال أسماء هذه الشركات لوزارات خارجية عدة دول".
تبريرات عدة ومناورات ستلجأ لها كافة الشركات، أهمها إلقاء اللوم على جزء من الشركة أو فرع لها في دولة معينة، ولا علاقة للشركة الأم بالموضوع، وهذه كلها أمور واهية لأن تورط الشركة أو أحد فروعها يعني تورط الشركة الأم، كما ستلجأ حكومة الاحتلال إلى المراوغة وإلى القضاء.
وطالب نواجعة كافة المؤسسات الفلسطينية إضافة إلى الدول والمؤسسات العربية، بالضغط لضرورة نشر هذه القائمة، وعدم الوقوف مكتوفة الأيدي تجاه الضغوط الإسرائيلية والأمريكية، ومن أجل الضغط على دول العالم لوقف انتهاكات هذه الشركات.
عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واصل أبو يوسف، أكد ضرورة استحداث آليات عملية لفرض مقاطعة على الاحتلال وعلى المؤسسات التي تتعامل مع المستوطنات، وضرورة نشر أسماء كل من يتعامل مع الاحتلال، إضافة إلى تفعيل كافة الآليات لمحاكمة الاحتلال على هذه الجرائم أمام المحكمة الجنائية الدولية، بما فيها ملف الاستيطان.
وبين أن هذا الأمر يعتبر هام ويندرج تحت مقاطعة منتجات الاحتلال، في ظل تعامل هذه الشركات مع المستوطنات التي تعتبر حسب القانون الدولي غير شرعية وغير قانونية، وتشكل جريمة حرب مستمرة ضد الشعب الفلسطيني، وترفض الامتثال لتطبيق القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية بما فيها القرار الأخير الصادر عن مجلس الأمن الدولي رقم 2334 الذي يؤكد على عدم شرعية الاستيطان.
أما الخبير الاقتصادي عبد المجيد سويلم، فقال إن هذه الشركات ستتضرر كثيرا جراء تعاملها مع المستوطنات، سواء أكانت مؤسسات أو شركات أو بنوك أو لها فروع تتعامل مع المستوطنات، وهو ما ينذر بأن هذه الحملة ستؤدي إلى خسائر اقتصادية فادحة بالنسبة لهذه الشركات، ما يعتبر مكسبا لفلسطين.
وأشار إلى أن المقاطعة العربية للمنتجات الإسرائيلية لا زالت مستمرة، وأن ما تقوم به حكومة الاحتلال بالترويج بأنها دول غير مقاطعة، ليس صحيحا، وإنما هو أسلوب تنتهجه حكومة الاحتلال للترويج لبضائعها.
وكانت الدورة (91) لمؤتمر المقاطعة التي عُقدت في مقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، في اليومين الماضيين، أوصت بحظر الشركة الألمانية Heidelberg Cement، التي تعمل في مجال صناعة الإسمنت، وشركتها الفرعية البريطانية Hanson، بعد أن ثبت لأجهزة المقاطعة العربية، أن لها معامل إسمنت في المستوطنات الإسرائيلية.
كما أوصى بحظر التعامل مع الشركة القبرصية Xuxa Limited، التي تعمل في مجال إنتاج القهوة، بسبب إهمالها لمراسلات أجهزة المقاطعة العربية بشأن تواجد عناصر إسرائيلية في إدارتها.