ما مصير سد الفارعة؟
الحارث الحصني
عندما بنى مجلس قروي وادي الفارعة سدا لتجميع المياه قبل ست سنوات، لم يكن يريد أن يصبح بالصورة التي عليها الآن. بل أراد أن يستفيد منه العشرات من مزارعي المنطقة السهلية القريبة منه.
وكان من المفترض أن يستفيد مزارعون في المنطقة التي تشتهر بامتداد السهول الزراعية فيها، من مياه السد الذي مولته الحكومة الهولندية.
يقول مدير دائرة الدراسات والرصد المائي في سلطة المياه عمر زايد لمراسل "وفا"، أقيم السد على صخور لا تسمح بتجمع المياه لمدة طويلة، ما يعني أنها ستغذي باطن الأرض الذي يستفيد منه المزارعون لاحقا، بعد معالجتها.
ويضيف: تبلغ سعة السد السنوية 35 ألف كوب سنويا، والهدف منه بالأساس هو التغذية الصناعية، أي بعد تجمع المياه في البركة التي تسبق السد، يتم معالجتها، وتغذية المياه الجوفية بها، ليستفيد المزارعون مرة أخرى منها.
لكن، منذ ذلك التاريخ لم يستفد منه أحد بسبب سوء التخطيط له، حسب ما قال رئيس مجلس قروي وادي الفارعة نهاد صلاحات.
ويضيف: اليوم في نظرة إلى ذلك المكان المتوسط بين جبلين، يغطي أحدهما الأشجار الحرجية، سترى أنه صار مكانا لتجميع المياه العادمة التي يلقي بها أصحاب شاحنات النضح في تلك المنطقة. فمنذ ذلك الوقت، وسيارات نضح المياه العادمة تلقي بحمولتها في البركة التي تسبق السد، وبسبب تسريب من أسفل السد، فإن تلك المياه صارت تُرى في جانبيه.
ويتابع، "المشروع الذي من المفترض أن يكون مفيدا للمزارعين، صار مكرهة"، وبسبب قرب وادي الفارعة من قرية الباذان، وهي إحدى البلدات الفلسطينية التي تنتشر فيها الينابيع، كان من المتوقع أن ينجح السد، لكنه لم يحقق الهدف المنشود من إنشائه.
ويكمل "في شتاء عام 2010، ظهرت بعض المشاكل في السد الذي يرتفع لـ20 مترا تقريبا، ويمتد عرضه لـ40 مترا، والقريب من سهل سميط، وبدأت المياه بالتسرب من أسفل السد".
ويستدرك زايد قائلا، "إن هذا السد هو الثاني في الضفة الغربية".
مزارعون من المنطقة المحيطة بالسد، قالوا: لو نجح هذا السد سيوفر المياه الجوفية بشكل لا بأس به. ويتكون في تلك المناطق بعض الآبار الجوفية، التي بدأوا بحفرها في السنوات الماضية، مما حول مساحات واسعة من الأراضي الوعرة إلى خضراء.
خلال السنوات الأخيرة، بدأ المستثمرون التوجه إلى استصلاح الأراضي الزراعية المحيطة في مدينة طوباس، النشطة كثيرا في الزراعة المروية والبعلية.
يقول صلاحات، قبل السد الذي يمتد على عرض 40 مترا تقريبا، تقع بركة يصل عمقها لـ10 أمتار، وجدت لاستيعاب مياه الشتاء القادمة من سحاب السماء، لكنها في الواقع تمتلئ بالمياه العادمة، والمشروع كلف نحو ربع مليون دولار".
ويردف: لا يمكن أن نترك مشروعا كهذا دون إصلاحه (...)، مشروع يقفز باقتصاد المنطقة كلها.
أحد المزارعين بالقرب من المنطقة، ويدعى ممدوح يقول، "يمكن أن يأتوا بمحطة تنقية للمياه والتخلص من المياه العادمة الراكدة في بركة تجميع المياه، وإصلاح السد للمستقبل".
يقول صلاحات، "وجود هذا السد بالقرب من بيوت بعض المواطنين وأشجار الزيتون فيه بعض الأخطار (..)، هذه البركة عميقة، ولا سياج على السد، فبركة بعمق عشرة أمتار تقريبا، جعلها هاجسا مخيفا يلاحق المواطنين القريبة بيوتهم منها".
ويضيف وهو يقف على حافة السد "لم يبنَ لهذا السد، صار مكانا للمياه العادمة بدلا من مياه الشرب". لكن يبقى في ذهنه سؤال يطرحه باستمرار. هل بنيَ السد لمثل هذا؟
بالتأكيد لا، لكن مثلما قال، فإن سوءا في التخطيط بدل الهدف منه، من مشروع لتجميع مياه الأمطار، إلى تجمع للمياه العادمة الراكدة بالقرب منه.
يقول زايد، ننتظر أن تجف المياه العادمة الراكدة بالقرب منه، لمعالجة المشكلة فيه.
ha