الطوائف المسيحية الشرقية في بيت لحم تبدأ احتفالاتها بعيد الميلاد المجيد
وفا- عنان شحادة
بدأت الطوائف المسيحية الشرقية في المدن الرئيسية الثلاثة بيت لحم، بيت جالا، بيت ساحور، التي تسير حسب التقويم الشرقي، اليوم الجمعة بعيد الميلاد المجيد، وهي طوائف الروم الأرثوذكس، السريان، الأقباط، والأحباش.
ورغم الأحوال الجوية الباردة، تقاطر المئات من المواطنين منذ الصباح الباكر إلى مدينة بيت لحم للاحتفال المركزي باستقبال موكب غيط البطريرك كيوريوس كيوريوس ثيوفولوس الثالث على بلاط كنيسة المهد، ومن قبله مواكب مطارنة السريان والأقباط والأحباش على التوالي.
ولبست مدينة بيت لحم لباسها المعتاد لهذه الاحتفالية الدينية، مزينة مختلف شوارعها وأحيائها وتحديدا ساحة المهد بأبهى حلتها الجميلة، التي أضفت بريقا خلابا على أجواء الاحتفالات.
ووصل، إلى مدينة بيت لحم قادما من مدينة القدس، موكب غبطة البطريارك كيوريوس كيوريوس ثيوفلوس الثالث، بطريارك الروم الأرثوذكسي في المدينة المقدسة وسائر فلسطين والأردن.
وانطلق الموكب الرسمي لغبطة البطريارك، مندوبو البطريركية الأرثوذكسية من مقر البطريركية الأرثوذكسية في البلدة القديمة من القدس، يرافقه كبار المطارنة والكهنة ورجال الدين المسيحي، ووجهاء الطائفة الأرثوذكسية، مرورا بدير مار إلياس حيث توقف الموكب حسب البروتوكول.
وكان في استقبال الموكب المطارنة والكهنة، ورئيس بلدية بيت جالا راجي زيدان، ورئيس بلدية بيت ساحور هاني الحايك، ونائب رئيس بلدية بيت لحم جورج سعادة، ووجهاء الطائفة الأرثوذكسية، ورؤساء الجمعيات الدينية والخيرية.
وواصل الموكب مسيرته مروراً بمسجد بلال بن رباح، حيث كان في استقباله عند البرادايس مدير عام شرطة محافظة بيت لحم خالد التميمي، ورؤساء كنيسة بيت لحم الأرثوذكسية، ومخاتير ووجهاء الطائفة.
وعقب ذلك، توجه الموكب إلى مدينة بيت لحم عبر شارع المهد مرورا بشارع رأس فطيس، وكان هناك الاستقبال الرسمي لوفد الكنيسة الأرثوذكسية على بلاط ساحة المهد، وكان في استقبالهم.
بعد ذلك سار البطريرك برفقة مستقبليه على وقع أجراس كنيسة المهد، وصولا إلى باب الكنيسة وجرى توديعه هناك، ومن ثم دخل الكنيسة وأقام صلاة خاصة استعدادا لقداس منتصف الليل.
وقال غبطة البطريرك ثيوفلوس، 'جئنا اليوم لنحتفل معا ونصلي من أجل السلام، فرسالتنا هي رسالة المحبة والسلام'.
وأعرب المحتفلون عن سعادتهم العارمة بهذه المناسبة الدينية الوطنية، التي تحمل معها الكثير من معاني المحبة والسلام.
وقال المواطن نبيل أبو سعدى من بيت ساحور، 'الحمد لله أجواء المدينة مفعمة بالبهجة والجميع يتفاعل مع قيمة هذه المناسبة، رغم ما تمر به مدينة بيت لحم والمحافظة بشكل عام من الحصار الإسرائيلي من جدار الضم العنصري، إلا أن هناك إصرارا وتصميما من قبل المواطنين على تحديها والاحتفال بها، بإدخال الفرحة على أطفالهم'.
وفي أحد أركان ساحة المهد قرب باب كنيسة المهد، أخذت الطفلة ساندرا 10 سنوات من بيت لحم، باللعب واللهو والفرحة تغمرها، قائلة 'أتيت اليوم مع أبواي وأخي لنحتفل بعيد الميلاد، والأجواء مناسبة ودافئة وجميلة، وأملي من هذا العيد أن يعيش أطفال فلسطين كبقية أطفال العالم'.
بدوره، قال محافظ بيت لحم عبد الفتاح حمايل لــ'وفا'، إن المواطنين اليوم يجسدون أروع أشكال التحدي لكل الغطرسة الاحتلالية التي تحاول دوما تنغيص هذه المناسبات، من خلال هذا الحصار والحواجز الجاثمة على مداخل المحافظة، ويأتون اليوم للاحتفال كلهم أملا بالخلاص من الاحتلال وتحقيق الحرية والاستقلال'.
وأشار إلى أن رسالتنا اليوم هي رسالة المحبة والسلام والأمل في سبيل كنس الاحتلال، وإقامة الدولة الفلسطينية، ودعوة للشعوب المحبة للسلام أن تقف إلى جانب الحق الفلسطيني، حيث لا يعقل أن تتمتع كافة شعوب العالم بالحرية ونحن في فلسطين محرومون من أبسط حقوقنا، ووعي العيش بحرية وكرامه في كنف دولة مستقلة.
من جهتها، أشادت وزيرة السياحة والآثار خلود دعيبس، بالأجواء العامة التي تمر بها مدينة بيت لحم، مبينة أن الترتيبات العامة هي نفسها التي كانت باحتفالات عيد الميلاد حسب التقويم الغربي، وعليه هناك سياحة وافدة إلى المدينة التي ستكون معظمها من أوروبا الشرقية وروسيا، ومن المتوقع أن يصل عدد السياح والزوار ما بين 10 إلى 15 ألف.
وأشارت دعيبس إلى أن الأمر لن يقتصر على الوفود الأجنبية فحسب، بل ستشهد القطاع السياحية حركة كبيرة من حيث السياحة الداخلية، الأمر الذي سيعود بالفائدة على المردود الاقتصادي.
من جانبه، قال مستشار الرئيس للشؤون الدينية المسيحية زياد البندك، إن الاحتفال بهذه المناسبة الدينية وحضور العدد الكبير من المواطنين دلالة واضحة على تاريخ وحضارة هذا الشعب المتمسك بأرضه عبر التاريخ، ويفند كل الأقاويل التي ليس لها محل في التاريخ بأن الشعب الفلسطيني مختلق وليسوا أصحاب الأرض.
وأضاف البندك أن شعبنا اليوم يوجه رسالة إلى المجتمع الدولي وكل محبي السلام، بأن هناك في الأراضي المقدسة شعب ما زال ينتظر تقرير مصيره، فعليكم أخذ ذلك بجدية والمساهمة في تحقيق أهدافه العادلة وفق القرارات الشرعية التي تضم حقنا في إقامة دولتنا الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.
من جهته، قال المقدم التميمي، إنه بناء على الخطة المعدة لهذه المناسبة، نشر المئات من عناصرها الشرطية على مداخل المدينة الرئيسية وعلى مفترقات الطرق، من أجل تنظيم عملية مرور المواكب الدينية، لتسهيل حركة المواطنين والوصول إلى ساحة المهد من أجل المشاركة، ومن أجل المحافظة على قدسية هذه المناسبة الدينية الوطنية.
وأضاف التميمي أنه تم تقسيم محيط ساحة المهد وشارع العمل الكاثوليكي إلى قواطع، وسيتم وضع حواجز لإغلاق جميع المداخل والطرق الفرعية المؤدية إلى ساحة المهد أمام حركة المركبات الخاصة والعمومية، باستثناء مركبات الأمن والطوارئ والمركبات المشاركة في مواكب كبار رجال الدين.
وفيما يتعلق بمهام شرطة المرور، قال التميمي 'ستقوم الشرطة بإعطاء تسهيلات أكبر لحركة المواطنين في شارع المهد، لكنها ستغلق بشكل مؤقت 14 مفترق طرق على امتداد شارع المهد، وفي محيط ساحة المهد في بيت لحم، خلال مرور المواكب وكبار ضيوف المحافظة، وستمنع وقوف المركبات بكافة أنواعها في شارع المهد في كلا الاتجاهين، كذلك من مفرق مرة وحتى سوبر ماركت الراضي في كلا الاتجاهين'.
من ناحيته، قال رئيس بلدية بيت لحم فيكتور بطارسة 'لدينا أمل كبير في هذا الموسم، يتوهج في قلوبنا نابع من إيماننا بقدرة طفل المغارة على تحقيق العدالة في هذه الأرض المقدسة'.
وأضاف بطارسة أن أملهم في هذا العيد أن يأتي اليوم الذي يزول فيه الاحتلال والحصار، وينال فيه الشعب الفلسطيني حقوقه الوطنية المشروعة ويعم السلام في أرض السلام.
وكان صباح اليوم، وصل إلى مدينة المهد مواكب مطارنة الأقباط والسريان والأحباش، وجرى لهم استقبال رسمي.
وفي حديث خاص لـ 'وفـا' قال مطران الطائفة السريانية المطران ملكي مراد: 'سنصلي من أجل أن ينتشر الأمن والأمان وأن يتوقف شبح الحروب'.
وأضاف: رسالتنا في هذا العيد هي التأكيد على المصالحة بين أبناء الشعب الفلسطيني الواحد، وأن يحل السلام وأن يعطي الرب القوة للعالم لإيقاف الحروب لكي يتصالح العالم، ويتفرغ في بناء مجتمعات صالحه.
من جانبه، قال المطران الأنبا أبراهام مطران الأقباط الارثوذكس: 'سنصلي من أجل أن يأتي العيد المقبل وقد حل معه السلام وتضامنت القلوب وأعيدت اللحمة بين أبناء الشعب الفلسطيني، وكذلك تحقيق الأمل ببناء الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف'.
من جهته، قال مدير الإسعاف والطوارئ في جمعية الهلال الأحمر عبد الحليم جعافرة، إنهم سخروا لهذا الحدث الديني الوطني طاقما كبيرا مكونا من 15 ضابط، و55 متطوع مؤهلين ما بين متطوع كوارث وإسعاف، لافتا إلى أنه تم نشرهم في الشوارع الرئيسية وداخل كنيسة المهد.
وأضاف أنه تم تسخير 6 سيارات إسعاف مع عيادة متنقلة بطاقم مكون من طبيين وممرضين.