الشمس بوابة الاستقلال
زهران معالي
حتى وقت قريب، كان إنتاج الكهرباء من خلال الطاقة الشمسية أمر في غاية التعقيد في الأراضي الفلسطينية، لكن اليوم تشهد تصاعدا ملحوظا في الإقبال على تركيب الخلايا الشمسية لإنتاج الكهرباء، بعد أن بات هذا القطاع أكثر تنظيما إثر سن قوانين تشجع على الاستثمار فيه، بهدف الاستقلال عن الاحتلال الإسرائيلي بقطاع الطاقة والحفاظ على بيئة نظيفة.
يقول رئيس سلطة الطاقة ظافر ملحم لـ"وفا": إن لدى الهيئة سياسة واضحة بمنح تراخيص العمل لجميع مشاريع إنتاج الطاقة التي تزيد عن1ميغاوات، وأصدرت الهيئة تعليمات مشجعة على الاستثمار في مجال الطاقة المتجددة، وتعزيز استخدامها في جميع القطاعات لتحقيق التنمية المستدامة وحماية البيئة وتقليل الاعتماد على الطاقة المستوردة.
ويشير إلى أن الاستراتيجية الوطنية للطاقة المتجددة بشأن تنظيم استغلال الطاقة المتجددة في فلسطين، كانت تهدف إلى استغلال تلك المصادر في فلسطين لإنتاج 25 ميغاوات من الكهرباء حتى العام 2020، إلا أن تلك الكمية تحققت خلال العام الجاري من الطاقة الشمسية، بينها 340 كيلووات يتم إنتاجها من خلال غاز الميثان.
ويمثل وقوع فلسطين على بعد 30 درجة شمال خط الاستواء أهمية في منحها فرصة لتوليد الكهرباء باستخدام الطاقة الشمسة، حيث يسقط على كل متر مربع فيها ما يقدر بثلاثة آلاف كيلووات/ ساعة، وتتمتع بما يزيد عن 300 يوم مشمس في السنة.
ووفق نتائج إحصائية للهيئة فإن 42 شركة في مجالات مختلفة زراعية وصناعية وتجارية في الضفة الغربية، تعمل باستخدام الطاقة الشمسية، بينها أربعة شركات في بلدة عجة جنوب جنين، التي وضعت البلدية فيها حجر الأساس لتشيد مشروع "بدر" للطاقة الشمسية قبل أيام.
بدوره، يوضح رئيس بلدية عجة أحمد بطاح لـ"وفا"، أن البلدية تحقيقا لمبدأ التنمية المحلية وتعزيزا لأسباب الاستقلال الذاتي والوطني، سعت لتنفيذ مشاريع استراتيجية تقوم على أساس الاستقلال بموارد البلدية، التي من ضمنها الاستفادة من الطاقة الشمسية.
ويضيف أن البلدية أعدت الدراسات الأولية لمشروع 975 كيلووات من الكهرباء وبحثت عن التمويل والمكان المناسب، حيث قدرت كلفة المشروع حوالي 1.2 مليون دولار وتسوية الموقع 400 الف دولار بتمويل يصل إلى سبع سنوات.
ومن المتوقع أن يوفر مشروع "بدر" للطاقة الشمسية والذي سيقام في حقلين على مساحة 13 دونما، ما يقارب 20% من احتياجات البلدة للطاقة ويخفض فاتورة الكهرباء المدفوعة للاحتلال بنفس القيمة، ما يعزز موارد البلدية ويقلل حجم الأموال المدفوعة للاحتلال، وفق ما يؤكد بطاح.
ويشير بطاح إلى أن البلدية انطلاقا من مؤتمر التنمية الاقتصادية المحلية الماضي، عقدت اتفاقية شراكة مع إحدى شركات القطاع الخاص لتتولى تمويل وتنفيذ وتشغيل المشروع مقابل حصول الشركة على حقوقها المالية من إنتاج المشروع فقط دون تحميل البلدية أية تكاليف.
ووفق دراسات الجدوى الاقتصادية التي أعدتها البلدية فإن مشروع بدر، الذي سيبدأ العمل به في كانون اول/ ديسمبر القادم، سيحقق إيرادا مباشرا لها يصل 98600 شيقلا شهريا، إضافة إلى تخفيض المبلغ المستحق للشركة القطرية الإسرائيلية والضرائب، ما سينعكس على خطط التنمية الاستراتيجية في البلدة، كما سيتم منح المواطن خصم على الفاتورة عند كل عملية شحن للكهرباء، وفق بطاح.
ويبلغ عدد سكان عجة التي حصلت على ترفيع لمجلس بلدي قبل عشرين شهرا وتنصيف B+، سبعة آلاف نسمة، وتعتبر من البلدات الأكثر نموا اقتصاديا في محافظة جنين والوطن لما تضمه من مصانع ومنشآت تجارية وصناعية واقتصادية تصدر منتجاتها لعدد من دول العالم، وتستهلك 33% من حجم فاتورة الكهرباء الشهرية للبلدة التي تحتاج 3 ميغاوات شهريا.
ويعمل في البلدة حاليا أربع شركات وعدد من المنازل على نظام الطاقة الشمسية، حيث تنتج 330 كيلووات من الكهرباء شهريا، ما منح البلدية فكرة واضحة على مدى أهمية الاستثمار بقطاع الطاقة الشمسية لإنتاج الكهرباء بهدف تعزيز موارد البلدية.
ويشير إلى أن هناك 1300 اشتراك للكهرباء في بلدة عجة، وفاتورة الكهرباء الشهرية تتراوح بين 350-400 ألف شيقل، وتمتلك البلدية 16 محولا للضغط العالي في البلدة.
ووفق بطاح، فإن طموحات بلدية عجة لا تتوقف على الاكتفاء بإنتاج 40% من استهلاكها فقط (الكمية التي سينتجها المشروع، إضافة للمشاريع الخاصة بالشركات والمنازل)، بل تسعى إلى التوسع بالمجال والحصول على التراخيص اللازمة لزيادة الإنتاج حتى يصل لـ80% من حاجة البلدة، في حال تسلم شركة النقل الوطنية لخطوط النقل بالمنطقة.
وينوه إلى أن البلدية اتخذت قرارا بتجميد منح التراخيص للشركات والمنازل لإنتاج الكهرباء بالطاقة الشمسية لحين الانتهاء من مشروع "بدر"، لإجراء الفحوصات الفنية على الشبكة ومدى تحملها، مؤكدا "إذا سمح ذلك ندعم بكل قوة سعي المواطنين والشركات بالتوجه للطاقة البديلة".
ودفع توجه الشركات في البلدة لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية، وتوفر البنية التحتية والخدمات اللازمة، لرفع حجم الاستثمار في البلدة بين العامين 2014-2017 إلى 11مليون و600 ألف دولار، بعد استحداث خطوط إنتاج في تلك الشركات تعمل على الكهرباء وفتح شركات جديدة، استوعبت 202 فرصة عمل جديدة، وفق دراسة أعددتها البلدية.
من جهته، تحدث ناصر نصر مدير عام شركة سنابل النصر للصناعة والتسويق، إحدى الشركات التي بدأت في شهر تشرين أول/ أكتوبر 2016 العمل باستخدام الطاقة الشمسية في البلدة، لـ"وفا"، أن اتجاه البلدية نحو الطاقة الشمسية خطوة سليمة تساعدها على زيادة مواردها المالية والتخلص من التبعية للاحتلال الإسرائيلي.
ويضيف أن توفير البنية التحتية في البلدة من خطوط كهرباء ومياه وشوارع، والتوجه للطاقة الشمسية، أحد أهم الدعائم لزيادة الاستثمار في البلدة، قائلا: "أدعم أي مشروع لصالح البلدية والبلدة حتى ينعكس على واقع الخدمات والمواطنين، لكن في المقابل لابد أن تشجع البلدية المستثمرين في هذا القطاع".
وينوه نصر إلى أن شركته تعمل على نظام الطاقة الشمسية حيث ينتج 75 كيلووات شهريا، ما انعكس على توفير في تكاليف الإنتاج وفتح خطوط تصنيع جديدة، ووفرت الطاقة الشمسية 70% من استهلاك الكهرباء.
يتابع: "قبل الطاقة الشمسية كانت الشركة تستهلك شهريا قرابة 6 آلاف شيقل شهريا، لكن لا تتجاوز الفاتورة اليوم 600 شيقل".
ويشير نصر إلى أن شركته التي يعمل بها قرابة 50 عاملا، ستتجه لعمل أفران ومحامص للقهوة والفريكة تعمل على الكهرباء بدلا من الغاز، نظرا لانخفاض تكاليف الطاقة المنتجة بوساطة الخلايا الشمسية ولكونها صديقة للبيئة.
من جهته، قال وزير الحكم المحلي حسين الأعرج: إن وضع حجر الأساس لعدة مشاريع في بلدة عجة وبينها مشروع الطاقة الشمسية جسد رؤية التنمية المحلية الاقتصادية، مؤكدا أهمية مشاريع الطاقة الشمسية التي ستشكل دخلا للقطاع الخاص ومردودا للهيئات المحلية لحل الحاجة المستمرة للطاقة.
وأكد الأعرج لـ"وفا" أن، التوجه الفلسطيني هو الاستقلال عن الاحتلال الإسرائيلي بمجال الطاقة وأهم مصادرها الطاقة الشمسية، وهذا سيوفر على خزينة الدولة البترول المستورد وأيضا سيولد إيرادات للبلديات والقطاع الخاص.
وأضاف "إذا كانت البلديات قادرة أن تسهم في إيراداتها لتنفيذ مشاريع الطاقة الشمسية فهذا محبذ، وكذلك إذا كانت البلديات ستساهم في أرض وجزء من تلك المشاريع، لكن إذا لم تتمكن البلديات من تلك الخطوات لا مانع من أن تدخل في شراكة مع القطاع الخاص".
ــــ