الانتفاضة الأولى.. ثلاثون عاما من الغضب والحجارة والدم
يامن نوباني
وكأنها لم تنتهِ بعد ولن تنتهي، الانتفاضة العظيمة انتفاضة الحجارة (1987-1994)، فمساء الثلاثاء، الموافق 7 تشرين الثاني 2017، استشهد الشاب عاطف رشاد المقوسي (37 عاما)، من مخيم جباليا، متأثرا بإصابته برصاص الاحتلال عام 1992 في مدينة غزة.
المقوسي الذي أصيب عقب إطلاق قوات خاصة إسرائيلية النار صوب حفل تأبين لأحد الشهداء في الانتفاضة الفلسطينية الأولى، فأصيب برصاصة في العمود الفقري، أدت إلى إصابته بالشلل الكامل، هو آخر شهداء الانتفاضة إلى اليوم، ولا ندري ان كان هناك جرحى آخرون ينتظرون دورهم للانتقال إلى لحظة الاستشهاد الأخيرة.
من جباليا انطلقت، وفي جباليا ما زالت، فأول الشهداء كانوا من أبناء جباليا البلد، ومخيم المغازي، بعد الحادثة الشرارة، التي استشهد فيها أربعة عمال على حاجز ايريز الاحتلالي مساء الثلاثاء 8 كانون الأول 1987، دهسا بشاحنة المستوطن المتطرف "هرتسل بوكبزا"، وهم: الشهيد طالب أبو زيد (46 عاما) من المغازي، والشهيد عصام حمودة (29 عاما) من جباليا البلد، والشهيد شعبان نبهان (26 عاما) من جباليا البلد، والشهيد علي إسماعيل (25 عاما) من المغازي.
في صباح اليوم التالي، الأربعاء 9 كانون الأول، أول أيام الانتفاضة، عم الغضب مخيم جباليا، وانطلقت المظاهرات العفوية الغاضبة، والتي تحولت الى مواجهات عنيفة مع قوات الاحتلال، أدت الى استشهاد الشاب حاتم السيسي، ليكون أول شهيد في الانتفاضة المباركة.
متدحرجة من مخيم جباليا، إلى مخيم بلاطة ونابلس، سارت الانتفاضة إلى مجدها وعلوها، فاستشهد في 10 كانون الأول 1987، الفتى إبراهيم العكليك (17 عاما)، ولحقه في 11-12-1987 الشابة سهيلة الكعبي (19 عاما)، والفتى علي مساعد (12 عاما) من مخيم بلاطة، ثم قامت الانتفاضة، واشتعلت وازدهرت بمئات الشهداء، وعشرات آلاف الجرحى والأسرى.
ودارات الانتفاضة سبع سنوات، وهي تدور في كل بيت، وعائلة، وقلم، ومنبر، وجدار، وشارع، وحارة، وحي، ومدينة، ومخيم، وقرية في الضفة، وغزة، والقدس المحتلة، وأراضي عام 1948، كما تقول الأغنية الثورية: "في كل قرية وبيت وحارة، انتفاضتنا تظل دوارة".
تشير معطيات مؤسسة رعاية أسر الشهداء والأسرى إلى: استشهاد 1550 فلسطينيا خلال الانتفاضة، واعتقال 100000 فلسطيني خلال الانتفاضة، كما تشير معطيات مؤسسة الجريح الفلسطيني إلى أن عدد جرحى الانتفاضة يزيد عن 70 ألف جريح، يعاني نحو 40% منهم من اعاقات دائمة، و65% يعانون من شلل دماغي أو نصفي أو علوي أو شلل في احد الأطراف، بما في ذلك بتر أو قطع لأطراف هامة.
كما كشفت احصائية أعدتها مؤسسة التضامن الدولي أن 40 فلسطينيا استشهدوا خلال الانتفاضة داخل السجون ومراكز الاعتقال الاسرائيلية، بعد ان استخدم المحققون معهم اساليب التنكيل والتعذيب لانتزاع الاعترافات.
وبحسب مركز المعلومات الاسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة (بيتسيلم) في الذكرى السنوية العاشرة للانتفاضة، فقد قتل 256 مستوطنا إسرائيليا، و127 عسكريا إسرائيليا، وتم ترحيل 481 فلسطينيا من الاراضي المحتلة، وتعذيب عشرات الألوف من الفلسطينيين خلال استجوابهم. واصدار 18000 أمر اعتقال اداري ضد فلسطينيين، وهدم 447 منزلا فلسطينيا (على الاقل) هدما كاملا كعقوبة، وإغلاق 294 منزلا فلسطينيا (على الاقل) إغلاقا تاما كعقاب. كما جرى هدم 81 منزلا فلسطينيا (على الاقل) هدما كاملا خلال قيام جنود الاحتلال الاسرائيلي بعمليات البحث عن المطلوبين، وهدم 1800 منزل فلسطيني (على الاقل) بحجة قيام أصحابها بالبناء من دون ترخيص.
_