محمد الهباش.."صدى الانتفاضة"
القدس عاصمة فلسطين - معن الريماوي
لكل أغنية لمسة تجذب المستمع لإعادة تدويرها والاستماع لها مرة أخرى، يردد المستمع كلماتها مع كل مرة، فهي اللهيب الذي يُسير انتفاضة الحجارة 1987 إلى مجدها، تستلهم نبض الشارع وروحه بأغنية جديدة من رحم الثورة، ترافق كلماتها وموسيقاها كل لحظة من لحظات الانتفاضة وغيرها من اللحظات الثورية.
يكتوي بنار الانتفاضة فيتفاعل مع أحداثها، يتغنى بالوطن وحبه، ببطولات شعبه، يرصد آلامهم وفرحهم، يحاكي يوميات الانتفاضة فيمنحهم القوة في المواجهة وتحدي الجيبات العسكرية.
من غزة ينحدر الفنان محمد الهباش، ولد في مخيم اليرموك في العام 1966، والمقيم حاليا في السويد، أكثر ما يميز أغانيه الوطنية هو طابع الإثارة واستنهاض الهمم، ضارب بذلك في عمق الأغنية وعمق تاريخ الشعب الفلسطيني وعدالة قضيته، محاولًا إيصال صوت الشعب للعالم، وجمع قلوبهم على نبض واحد.
"الإيمان القوي بالرسالة الفنية للأغنية ودورها في نقل تفاصيل الشارع وما يجري من أحداث، إضافة الى معاناة الشعب الفلسطيني، هو ما يجعلني أغني، فالأغنية دائما مؤثرة فينا"، قال محمد.
وتابع "مع بداية الانتفاضة كان لا بد من أرشفة المرحلة والغناء حتى لو لم يصل الى مستوى الحدث، فأقل ما يمكن عمله هو أرشفة هذه المرحلة، بدأنا بأغنية زغردي يا إم الجدايل زغردي.. سبل عيونو، محاولين أن نصل الى رسم صورة للانتفاضة الأولى، ولكن يصعب في الفن أن تعكس الواقع الحقيقي، فمن الممكن أن تلامسه ولكن الواقع يبقى أكبر".
وأضاف "إقبال المستمع يتوقف على الحدث الوطني، فعندما تتزاحم الأحداث السياسية التي تواجه شعبنا يزداد الاهتمام بالأغاني ويتراجع الاقبال بتراجع الاحداث وبعد فترة تصبح ذكرى" .
فرقة العاشقين التي عمل على تأسيسها من العام 1977 وحتى بداية التسعينات، ومن ثم فرقة الجذور التي انطلق عملها من مخيم اليرموك، وكانت امتدادا للعاشقين، هي من صنعت فيه احساسه الثوري بالأغنية ونقل ما يحصل في الشارع.
"قدمت الكثير من الأغاني، أشهرها أغنية سبل عيونو، هي يا ربعنا، حجر على حجر، يا رامي الحجارة.. وكلها أغاني قدمتها في فترة الانتفاضة وقد لاقت اقبالا شديدًا، ولا يزال الشعب يرددها ويسمع كلماتها. وبعد ذلك مجموعة من الأغاني التي قدمتها مع فرقتي العاشقين وجذور".
وأضاف "قمنا بإحياء عشرات الحفلات دعما للانتفاضة في عدة جامعات وساحات في سوريا بالإضافة لحفلات أخرى في عدد من الدول العربية والاسلامية منها دول الخليج، وفي أميركا وفرنسا وأوروبا بشكل عام. وفي إحدى الحفلات التي أقيمت في جامعة دمشق، تحمس الطلبة كثيرًا وانطلقت مظاهرة كبيرة نصرة لفلسطين وللانتفاضة الأولى".
كانت الأغاني الوطنية بمثابة صدى للانتفاضة الأولى، ومنبرًا للتعبير عن البطولات ورفض الاحتلال، وتقترب من هَم الناس وتلامسه، وتُحرك جماهير الشارع، والنغم الغاضب الذي يسري في قلوب الأطفال في الأزقة، فيمنحهم القوة والعزيمة.