ميلاد ثقيل في فلسطين
جميل ضبابات
بعد ساعة من بيان الرئيس الأميركي دونالد ترمب حول القدس، سكن وهج أضواء شجرة الميلاد أمام كنيسة المهد في بيت لحم.
على بعد عشرات الكيلومترات في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، أعاد جمال سعادة مجسم بابا نويل إلى المخزن محجما عن عرضه مثل كل عام في محل حلويات يديره في حي رفيديا.
داخلا إلى المكان الذي يطل على كنيسة الراعي الصالح في الحي المعروف تاريخا بأنه مربع تجمع المسيحيين، قال سعادة ( 64 عاما)" جاء العيد في ذروة أزمة عالمية، القدس ليست أي مدينة". وهو بذلك يشير إلى مجمل التغيرات التي أعقبت القرار الأمريكي.
وبدأت التحضيرات لاستقبال عيد الميلاد قبل أيام من الإعلان الذي دفع الفلسطينيين للاحتجاج عند نقاط التماس في كل فلسطين التاريخية.
وقال مسيحيون يتحضرون للمشاركة في احتفالات سنوية تقام في مختلف المدن الفلسطينية، إن القرار ألقى ظلا قاتما على الأيام التي سبقت العيد.
لكن رغم ذلك أعادت البلديات إشعال أضواء أشجار الميلاد في المدن بعد أن أطفأتها إثر هذا القرار، وتحول بعضها إلى تظاهرات تنديدا به.
في منزل مسوّر بكتلة خرسانية وأشجار ما زالت شجرة الميلاد التي تشعل سنويا مركونة في إحدى غرف بيت سعادة الواسع على أطراف نابلس الغربية. وتقول نجاح سعد وهي زوجه جمال إن إشعال أضواء الشجرة تأخر هذا العام نحو أسبوعين. "لكن رغم ذلك سنشعله" أضافت السيدة.
ويعيش نحو 600 مسيحي في المدينة التي يشهد الإنجيل أن النبي عيسى مر منها أثناء دعوته التبشيرية.
وينتمي المسيحيون هنا إلى عدة كنائس. لكن الأعداد قبل عقود قليلة كانت أضعاف هذا الرقم.
في بيت لحم التي أعيد إشعال الشجرة فيها، يحيي الفلسطينيون ليالي الميلاد لكن ثمة ظل ثقيل من اليأس بسبب ما يجري على الأرض.
ويَسري شعور عميق باللا يقين من الحالة التي ستكون عليها ليلة الميلاد في فلسطين. ودائما ما تكون المدينة التي تشهرها الأناجيل بأنها مدينة الميلاد مركز الحدث الاحتفالي السنوي.
يقول جورج قنواتي وهو صحفي يدير إذاعة محلية في بيت لحم "أي حدث في فلسطين يؤثر على احتفالات عيد الميلاد(..) نحن نرى أبناء شعبنا يموتون، والرصاص لا يفرق بين مسيحي أو مسلم".
وأعقب قرار ترمب بخصوص القدس، سلسلة من المظاهرات في أنحاء فلسطين التاريخية، وفي كثير من دول العالم. وتشير إحصاءات إلى أن نحو 10 فلسطينيين سقطوا برصاص جيش الاحتلال، فيما أصيب آلاف.
وواحدة من النقاط الملتهبة في الضفة الغربية هي مدينة بيت لحم ذاتها. ونتج عن ذلك عسر في تحرك الفلسطينيين والسياح عبر مدخل المدينة الشمالي.
" الوضع ليس طبيعيا. يظهر أن الأعياد ستمر في وقت حزين". يقول قنواتي.
يردد المعنى ذاته سعادة ومسيحيون آخرون يعملون الآن على استقبال العيد بإضاءة الأشجار المنزلية.
وغالبا ما تحولت أوقات إضاءة أشجار الميلاد في فلسطين إلى تظاهرات سياسية واحتجاجيه. في بيت ساحور وهي البلدة التي يقول الإنجيل أن الرعاة بشروا فيها بميلاد المسيح، ندد المحتفلون بقرار الرئيس الأميركي.
لكنهم حثوا على الفرح دون نسيان ألم القدس.
قال القيادي في حركة فتح عباس زكي بعد دقائق قليلة من إشعال أضواء الشجرة أمام جمع من المحتفلين" الرسالة هي نفرح بهذا العيد(..) هذا العيد سنواجه به ظَلَمة هذا العصر الذين حولوا أفراحنا إلى إحزان.
قالت المعنى ذاته من المكان نفسه وزيرة السياحة الفلسطينية رولا معايعة" الآن أنظار العالم متجهة إلى فلسطين. الأنظار إلى القدس".
ولا تتجاوز نسبة المسحيين من مجموع الفلسطينيين 1% حسب إحصاءات متفرقة وغير رسمية.
ويقول نخلة حصري وهو مسيحي يسكن مدينة رام الله " سنحيي العيد مثل كل سنة، لكن قرار ترمب هو انتقاص من حقوقنا التاريخية في فلسطين. جذور المسيحية قوية جدا في القدس. في القدس المسجد الأقصى وأيضا كنيسة القيامة.
ذاته حصري الذي يعمل مهندسا في بلدية رام الله جهز في منزله شجرة الميلاد، لكنه عازف عن القول إن هناك " فرحة كاملة".
" لا نستطيع أن نفرح. لا تستغرب أشعلنا الشجرة من اجل الأطفال، لكنهم ذاتهم قادونا للسياسة، فهم يرون ما نرى(...) أصبح إحساسهم بالسياسة أكبر من إحساسهم بالعيد".
"نحن متحدون مسيحيون مسلمون تجاه هذا القرار" يقول حصري.
في مقر الرئاسة الفلسطينية في مدينة رام الله، وساعات قبل تصويت الولايات المتحدة بالفيتو ضد مشروع قرار تقدمت به جمهورية مصر العربية في مجلس الأمن لرفض وإبطال إعلان الرئيس الأميركي ترمب قال المطران منيب يونان، مطران الكنيسة اللوثرية إن" الكنائس بعثت رسالة إلى الرئيس الأميركي دونالد ترمب، رفضت فيها الإجراءات أحادية الجانب بحق المقدسات والقدس والوجود المسيحي فيها".
في المنزل يقول سعادة" ترمب ادخل العالم في مشكلة كبيرة" في نابلس التي قدمت حسب الأناجيل أولى طلائع المسحيين إليها بعد عقود من التبشير ستكون ليلة إشعال شجرة آل سعادة ليلة مثل كل سنة" لكنها ليست ليلة فرح تامة" تقول نجاح زوجة جمال.
ـــــــ