لمجرد الاشتباه.. الاحتلال يصيب غدرا الطفل حامد المصري
القدس عاصمة فلسطين/سلفيت 19-12-2017- عُلا موقدي
منذ الليلة الأولى لقرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب، والمواجهات مستمرة بين الشبان وقوات الجيش الإسرائيلي لساعات طويلة على المدخل الشمالي لمدينة سلفيت، يصعد الشبان إلى التلة، فيتصدى لهم جنود الاحتلال من النقطة العسكرية، ومن داخل السياج بالرصاص الحي، والمطاطي، وقنابل الصوت، ويرفعون العلم الإسرائيلي، فيزداد الشبان غضبا، ويبدأون بإشعال إطارات السيارات، وإغلاق الطرق.
وفي اليوم السادس من الغضب، الموافق 12 كانون الأول الجاري، أُصيب الطفل حامد عمر المصري (14 عاما) من سكان مدينة سلفيت شمال الضفة الغربية، بالرصاص الحي من قبل جنود الاحتلال الإسرائيلي بالقرب من مستوطنة "ارئيل"، بحجة محاولة تنفيذ عملية طعن، حيث أصيب برصاصة أدت إلى تفتيت عظام الأنف وإصابة بليغة في عينه اليسرى.
ادعى الجيش الإسرائيلي أن الصبي (المصري) وشاب فلسطيني آخر، كانوا يحاولون تدمير السياج الأمني بالقرب من مستوطنة "أرئيل"، وعندما اقترب من الجنود، كان يحمل سكينا، وحاول تنفيذ عملية طعن، فأطلق عليه الرصاص الحي، ووقع جريحا.
إلا أنه سرعان ما تراجع الاحتلال عن ادعائه، حيث ذكر الناطق بلسان الجيش الاسرائيلي أنه بعد التحقيق في الحادث تبين أن الفتى لم يكن يحمل سكينا، وأن الجنود اشتبهوا بالأمر فقط لكونه أدخل يده إلى جيبه، فبادروا بإطلاق النار تجاهه، وأصابوه بجروح خطيرة، ولم يجد الجيش سكينا، أو أي شيء في جيبه، أو يديه عند تفتيشه.
شاهد عيان -رفض ذكر اسمه- ذكر لـ"وفا"، الجريح حامد وأصدقاؤه كانوا يبعدون عن البوابة التي يدعي الاحتلال أنهم حاولوا الوصول إليها مسافة 150 مترا، فهم خرجوا ليشاهدوا المواجهات التي تجري، ولم يكن لهم أي علاقة بضرب الحجارة، أو ما شابه، الا أنهم تفاجأوا بوجود جنود الاحتلال بين الصخور، وبدأوا بإطلاق النار صوبهم.
ويضيف: تعابير وجوههم كانت توحي أن هناك أمرا غير طبيعي حدث، ومن شدة خوفهم تنبهوا بعد أن وصلوا إلى بر الأمان أن أحدهم ناقص، فسألوا بعضهم أين حامد؟، فصعدت إلى منطقة قريبة من مكان الاصابة لأرى الجنود يركلون الطفل بأرجلهم، ووجهه مغطى بالدماء، وسرعان ما وصلت سيارة اسعاف إسرائيلية، برفقه عدد من دوريات الشرطة.
وأفاد شاهد عيان آخر، بأن الجريح المصري أصيب غدراً، والكمين الذي نصبه جنود الاحتلال كان للشبان الكبار، الذين يخرجون كل يوم سواء بوجود مسيرات، أو لا، يشعلون اطارات السيارات ويضربون الحجارة على البرج، فيبدأ الجنود بإطلاق الرصاص الحي، والمطاطي صوبهم، ثم ينزلون إلى الشارع الرئيسي بمحاولة منهم اعتقال أحد الشبان، فالاحتلال منذ بداية المواجهات يحاول الضرب على الأرجل، بهدف الاعتقال، وليس الإصابة، لكنه فشل في كل محاولاته.
اعتقل المصري فور اصابته من قبل القوات الإسرائيلية، ثم نقل إلى مستشفى "بلنسون" الاحتلالي لتلقي العلاج، وأبلغ عن إصابته بجروح خطيرة.
وذكر نادي الأسير الفلسطيني أن المعتقل الجريح المصري، خضع مساء يوم السبت لعملية جراحية ثانية في الرأس، وهو لا يزال في غيبوبة، ووضعه الصّحي خطير، ولكنه مستقر.
وأوضح محامي نادي الأسير رائد محاميد، أن الطفل المصري يقبع في قسم العناية المكثّفة، في مستشفى "شنايدر" الاحتلالي المختص بالأطفال، وكان قد خضع لعملية جراحية في الرقبة يوم الجمعة، ومن المقرر خضوعه لعمليتين أخريين خلال الفترات المقبلة.
وأشار رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين عيسى قراقع أن هناك 500 حالة اعتقال منذ اندلاع الاحتجاجات على قرار ترامب أكثر من نصفهم من الفتية والقاصرين وأكثرهم من القدس المحتلة، وبحسب المصادر، فإن قوات الإحتلال الإسرائيلية تعتقل نحو 6400 فلسطيني في سجونها، بينهم 300 طفل.
في عام 2000، منعت السلطات الإسرائيلية دخول الفلسطينيين إلى سلفيت من المدخل الشمالي عبر طريق متفرع من الطريق السريع "عابر السامرة"، والذي يشكل أيضا الطريق الرئيسي المؤدي إلى أرئيل، حيث كان يجبر الفلسطيني التوجه الى المدخل الشرقي من خلال قريتي اسكاكا وياسوف، في رحلة تستغرق أكثر من 40 دقيقة بينما تحتاج الى 5 دقائق فقط، وفي نيسان/أبريل 2012، قامت الإدارة المدنية بإزالة الحواجز على جانبي الطريق، وفتحتها أمام حركة المرور الفلسطينية.
من الجدير بالذكر أن سلطات الاحتلال استولت على الأراضي الفلسطينية، وأنشأت مستوطنة "ارائيل" في قلب محافظة سلفيت، والتي عملت على شل التنمية الحضرية المستقبلية للمنطقة.
وتعتبر مستوطنة "آرئيل" ثاني أکبر مستوطنة في الضفة الغربية، ويشار إلى أنه لأول مرة يتم تأسيس جامعة كبيرة داخل مستوطنة داخل الضفة الغربية، وهي جامعة "ارئيل". تشير الإحصاءات في عام 2011 إلى أن ما يقرب من 20 ألف طالب يدرسون في هذه الجامعة.
ووفقا لتقرير عام 2007 عن المحاسب العام لوزارة المالية، فإن "آرئيل" تتلقى دعما مالياً أعلى من نصيب الفرد في أي سلطة إسرائيلية أخرى، حيث كان نصيب الفرد من المخصصات في "أرئيل" (9،035 شيقلا سنويا)، أي 7.9 مرة أعلى من متوسط مخصص الفرد للبلديات في إسرائيل (1،200 شيقلا في السنة، على الرغم من أنها تنتمي إلى مجموعة إجتماعية وإقتصادية مرتفعة نسبياً.