وقت المواجهة
كتب: رئيس تحرير صحيفة "الحياة الجديدة"
بات من الواضح تماما أنه لا حضور للإدارة الأميركية في مجلس الأمن الدولي غير حضور "الفيتو" القبيح، ودائما لصالح الاحتلال الاسرائيلي، بل بات من المؤكد انه لا شغل لهذه الإدارة في هذا المحفل الدولي، غير الشغل الاسرائيلي، وعلى هذا النحو الذي باتت تبدو فيه مجرد دائرة من دوائر الحكومة الاسرائيلية بيمينها المتطرف، وهو أمر يضع توصيف الولايات المتحدة كدولة عظمى موضع شك، إن لم يكن موضع استهجان وسخرية، ناهيكم عن انه يبطل كل ادعاءاتها عن حرصها لتحقيق تسوية سلمية للصراع في الشرق الأوسط ...!!!
والواقع نحن لا نتجنى على الولايات المتحدة في كل هذا السياق، وانما هي من يتجنى على نفسها وعلى توصيفها ووضعها، وهي تواصل هذا الانحياز الصارخ لصالح الاحتلال والظلم والعدوان، حتى صاح شاعرنا الكبير محمود درويش ذات مرة : امريكا هي الطاعون والطاعون امريكا.
ومع ذلك وبالقطع نحن لا نريد معاداة الولايات المتحدة، لكننا لن نقبل ان تواصل هذا الانحياز الذي يتبنى العمل الصهيوني المناهض للسلام العادل في مجمل سلوكه وبكل سياساته ومواقفه، وسنتصدى لهذا الانحياز بمزيد من اجراءات الحراك السياسي والدبلوماسي كما اعلن ذلك الرئيس القائد أبو مازن بمنتهى الوضوح والحسم، وكذلك سنتصدى له بتعزيز المقاومة الشعبية السلمية على مختلف المستويات.
والآن لا مناص أبدا من انجاز المصالحة الوطنية، وتحقيق ارقى أشكال الوحدة الوطنية المتعافية بلغة المصالح الوطنية العليا، الساعية لحرية الوطن واستقلاله، لا مناص، ولا وقت لدينا بعد الآن للمناكفات الحزبية، والمساومات الباحثة عن التقاسم الوظيفي لإنجاز المصالحة، ومن المؤكد ان تمكين حكومة الوفاق الوطني في المحافظات الجنوبية لا يتطلب الاستعراضات المسلحة، كما فعل أفراد يقولون انهم من "نقابة الموظفين" أوقفوا عودة الموظفين القدامى الى وزارة الثقافة في غزة تحت تهديد السلاح ...!! ليس مسموحا بعد الآن مثل هذا السلوك، ونحن امام تحديات كبرى ومفصلية، لا بد من مواجهتها وتحمل مسؤولياتها الجسام، بالوحدة الوطنية الكاملة المكتملة بانهاء الانقسام وطي صفحته المعيبة الى الأبد.
نعم نحن الآن في مواجهة أعتى قوة عنصرية، والحكمة التي هي ضالة المؤمن من يشير علينا وبقوة واصرار، بضرورة الوحدة لكي نسقط ما تريد هذه القوة العدوانية لنا من ضياع وتدمير وعدمية، حتى نمضي بمشروعنا الوطني التحرري الى تحقيق كامل أهدافه العادلة، باقامة دولة فلسطين الحرة بعاصمتها القدس الشرقية، وبالحل العادل لقضية اللاجئين، الوقت اذا وقت التراص والتكاتف، والوقوف وقفة رجل واحد كما هو شعبنا في مواجهة اعلان ترامب الباطل, لأنه وقت المواجهة.