أبو خالد السرطاوي... اقتصادي فلسطيني مرموق يرحل في عمان
عُلا موقدي
رحل قبل أيام رجل الاقتصاد والأعمال، الفلسطيني سفيان السرطاوي "أبو خالد"، في 16 كانون الأول/ ديسمبر، وهو أحد أعمدة الاقتصاد والتجارة في العالم العربي، خاصة في الأردن، حيث قادته المنافي إلى الكويت والقاهرة وعمان، قادما من قرية فلسطينية نائية لم يتجاوز عدد سكانها في تلك الحقبة الزمنية ألف نسمة.
ولد السرطاوي عام 1930، وسافر إلى الكويت في خمسينيات القرن الماضي، وفي العام 1961 حصل على البكالوريوس في المحاسبة من جامعة القاهرة، ليعود في أواسط السبعينيات رجلا اقتصاديّا ناجحا إلى الأردن.
قدم السرطاوي العديد من المشاريع والاستثمارات الكبيرة وشغل عدة مناصب بارزة كان أهمها: مؤسس ونائب رئيس مجلس الإدارة ومدير عام ورئيس مجلس إدارة للبنك الأردني الكويتي من 1977-1997، ونائب رئيس مجلس ادارة الشركة الأردنية لصناعة الأدوية منذ عام 1986، ومؤسس وعضو هيئة "مديرين" وعضو مجلس امناء الكلية الجامعية المتوسطة التي درس فيها آلاف الطلبة وتخرّج منها قيادات، رئيس مجلس ادارة شركة فيلادلفيا الدولية للاستثمارات التعليمية، وعضو مجلس أمناء جامعة فيلادلفيا منذ عام 1990 حتى عام 2009، وعضو في عدد من مجالس إدارة بعض الشركات المساهمة العامة.
يقول مصدق إبراهيم السرطاوي: "أسّس أبو خالد العديد من الشركات المساهمة العامّة والخاصّة والتي نجحت وأثمرت، دعم الكثير من الجمعيّات الخيرية والإنسانية والوطنيّة، له أيادٍ بيضاء في مجالات عمل الخير، وله قدرة كبيرة على القيادة والإدارة حتى صار من الشخصيّات المؤثرة اجتماعيّا واقتصاديّا ومن رجال الأعمال الذين يشار لهم بالبنان، أوجد توازنا كبيرا بين العمل المؤسّسي والاجتماعي والتجاري حتى بدا مدرسة يعترف بها الكثيرون".
ويتابع: كان أبو خالد من المعروفين بوطنيّتهم فترأس لجنة القدس وكان من الداعمين ماديّا ومعنويّا للقدس الشريف ولفلسطين، لم يتأخّر عن تقديم الدّعم المادي والمعنوي للبلد، وشغل رئيسا لرابطة أهالي سرطه على مدى عشرات السنين، تبرّع في كثير من المشاريع ووقف موقفا ايجابيّا داعما لكثير من المواقف، كان هو المبادر للتبرّع والقائد لعمل الخير وصاحب الرأي والمستمع الجيّد لكل الآراء.
في جريدة الدستور الأردنية كتب جمال عليوي مقالا يلخص فيه تجربته مع أبو خالد: رحل بعنوان، يحمل كلمات ذات دلالة رحيل الحاج سفيان السرطاوي دون تفاصيل أو رتوش فهو مثل ما كان في حياته يحب العمل والعطاء بلا حدود وبصمت وبعيدا عن الأضواء، وفي موته رحل دون كلمات او قصائد تتحدث عنه أو تسهب في وصف حياته، فهو واحد من ابناء الوطن المخلصين الذين غادروا بصمت وهدوء مثلما عملوا بصمت وبلا ضجيج.
ويضيف: أذكر ذات يوم دخلت إلى مكتبه راغبا في تعيين خطيبتي وقتئذ، في البنك الذي كان يملك فيه الموقع الأول وصاحب الأغلبية بين حملة الأسهم، تردد "ابو خالد" وقال يا خال لو أنك جئت قبل كتب الكتاب لكان الأمر سهلا عليّ، لكن بعد عقد قرانها لدينا مع الاسف تعليمات تمنع تعيين المتزوجة في البنوك، لم اغضب منه لهذا الموقف فقد كان صريحا وواضحا لا يجامل ولا يحابي، وكم لجأت له في ايام صعبة لتسهيل حصولي على قرض سريع لا يحتمل التأخير.
يُشار إلى أن البنك الأردني الكويتي تأسس في العام 1976، كشركة مساهمة عامة برأسمال مصرح به 5 ملايين دينار أردني، بصفته استثمارا أردنيا- كويتيا، ثم شهد تطورا سريعا وهائلا، حيث تم افتتاح أول فرع له خارج المملكة الأردنية في مدينة نابلس في فلسطين بتاريخ 1/10/1995، واليوم، يعتبر واحدا من المشاريع القليلة التي تم إنشاؤها بمساهمات عربية مشتركة وتمكنت من النجاح والاستمرار، ويمتلك شبكة فروع تضم أكثر من 61 فرعا في المملكة، بالإضافة الى أربعة فروع في فلسطين وفرع في قبرص، وارتفع الرأس المال فيه من 5 ملايين دينار عند التأسيس إلى 8,5 مليون دينار في عام 1991، و10 ملايين دينار مع نهاية عام 1994، وإلى 100 مليون دينار في العام 2008.
ومن الجدير بالذكر أن ابناء قرية سرطة الواقعة إلى الغرب من محافظة سلفيت، اهتموا على مر التاريخ بالعلم والتعليم فظهر فيها من العلماء، العالم الشيخ والشاعر الأزهري إبان الانتداب محمد السرطاوي وهو جد الشهيد عصام السرطاوي، والشيخ عثمان السرطاوي والشيخ أحمد سعيد السرطاوي، والطبيبة سحاب السرطاوي من أشهر أطباء النساء والولادة بالمملكة الأردنية الهاشمية ومن رائدات العمل الإنساني فيما يخص الأيتام، والأديبة الكبيرة واللغوية البارزة نجاح أمين العالم السرطاوي.