مستعمرون يقطعون عشرات الأشجار جنوب نابلس ويهاجمون منازل في بلدة بيت فوريك    نائب سويسري: جلسة مرتقبة للبرلمان للمطالبة بوقف الحرب على الشعب الفلسطيني    الأمم المتحدة: الاحتلال منع وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لقطاع غزة الأسبوع الماضي    الاحتلال ينذر بإخلاء مناطق في ضاحية بيروت الجنوبية    بيروت: شهداء وجرحى في غارة إسرائيلية على عمارة سكنية    الاحتلال يقتحم عددا من قرى الكفريات جنوب طولكرم    شهداء ومصابون في قصف للاحتلال على مناطق متفرقة من قطاع غزة    "فتح" تنعى المناضل محمد صبري صيدم    شهيد و3 جرحى في قصف الاحتلال وسط بيروت    أبو ردينة: نحمل الإدارة الأميركية مسؤولية مجازر غزة وبيت لاهيا    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 43,846 والإصابات إلى 103,740 منذ بدء العدوان    الاحتلال يحكم بالسجن وغرامة مالية بحق الزميلة رشا حرز الله    اللجنة الاستشارية للأونروا تبدأ أعمالها غدا وسط تحذيرات دولية من مخاطر تشريعات الاحتلال    الاحتلال ينذر بإخلاء 15 بلدة في جنوب لبنان    شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات  

شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات

الآن

المقدسيات مدافعات الصف الأول

لورين زيداني

بعيدا عن رائحة كعك القدس، وعن أصوات البائعين المتعالية في المكان، بعيدا عن درجات باب العامود، البوابة الرئيسية إلى البلدة القديمة في القدس، ستقضي السيدة رفقة المقدسي 60 يوما على هذه الحال، 14 يوما منها بين جدران المنزل قصرا، والتهمة الدفاع عن طفلة صغيرة .

بدأت الحكاية ليلة الـ14 من كانون أول الجاري، عندما شاركت المقدسي في تجمع سلمي مع بعض أهالي البلدة القديمة على درج باب العامود، يهتفون وينشدون الأغاني الوطنية اعتراضا على إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب الاعتراف بالقدس "عاصمة لإسرائيل".

وكسعيهم الدائم حاول جنود الاحتلال تفرقة الموجودين، فما كان من إحدى المجندات إلا أن هجمت على طفلة من المشاركين، تبلغ من العمر 14 عاما، محاولة سحبها من مكانها وضربها، لتتلقى السيدة رفقة المقدسي الضرب بدلا منها.

تقول رفقة: "عندما اقتربت المجندة من الفتاة، دعوت الصغيرة ألا تنشغل بها لأنها تستفزها فقط، ثم حاولت التحدث مع المجندة لتبتعد عن الفتاة، فأقدمت على الفتاة تضربها فأمسكت بها من  شعرها، ضربتها ورميتها أرضا".

تستأنف المقدسي، "أكدت لهم في التحقيق أنني لم أكن البادئة، اعتدت المجندة علي فدافعت عن نفسي، لم يعتقلوني وقت الحادثة نفسها، فقد حماني الشبان الموجودون، لكنهم اعتقلوا ابني آدم ذا الـ 12 عاما، وأصروا على قدومي شخصيا لاستلامه من مركز التحقيق في شارع صلاح الدين، عندما وصلت أطلقوا سراحه وحبسوني بدلا منه".

حقق مع رفقة المقدسي لمدة ساعة، ثم تركت في غرفة لوحدها لساعات تجهل مصيرها، حتى نقلت إلى سجن الرملة صباحا لتعرض على المحكمة فيما بعد.

ظروف المقدسي في التحقيق والاعتقال تشاركتها ريحانة عودة ابنة الـ22 ربيعا، التي ساعدتها في حماية الصغيرة إلا ان ظروف التحقيق معها كانت أقسى .

تقول ريحانة عودة: "في التحقيق ربطت يداي وقدماي إلى الكرسي، وموثقة بشدة مما آلمني كثيرا، وجرحتا من القيود الحديدية، حتى أنني اعجز حتى الآن عن تحريك أحد اصابعي الذي تضرر عَصَبُه بسبب ضيق الأصفاد".

وتابعت، "الاعتقال تجربة صعبة، أخوضها للمرة الأولى لكن هاجسي الأكبر كان أن أحكم لفترة طويلة، فلا يتسنى لي رؤية شقيقي الأصغر عبد الناصر14 عاما، الذي اعتقلته قوات الاحتلال عام 2015 وسيفرج عنه في ال 29 من كانون الثاني يناير القادم".

علاوة على تعطل طالبة السنة الرابعة في تخصص الفيزياء في جامعة بيرزيت، عن امتحاناتها بسبب الحبس المنزلي المستمر 14 يوما، ومصادرة الاحتلال لهاتفها المحمول ومنعها استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.

في 18 من كانون أول ديسمبر الحالي، حكمت كل من رفقة المقدسي وريحانة عودة بعد قضاء 5 أيام في سجن الرملة، بكفالة قيمتها 1500 شيقل، وحبس منزلي لـ 14 يوما، وإبعاد عن منطقة باب العامود.

باب العامود العنوان الأبرز للاستدلال في القدس، والممر الرئيسي للبلدة القديمة، بما فيها المسجد الاقصى المبارك وكنيسة القيامة، أصبح مركزأ لتجمع المقدسيين على درجاته، من الفئات كافة خاصة مجموعة من النساء المقدسيات، الناشطات في الدفاع عن مدينتهن يتشاركن صعوبة المعيشة بسبب ضيق الاحتلال، إحداهن أم لشهيد، وأخرى ابنة لأسير، يتواصلن فيما بينهن عن طريق الفيسبوك أو الواتساب، فيكون ظُهر أحد الأيام موعد لقائهن، من جارة إلى قريبة وصديقة، وأي راغبة في المشاركة، يلتقين في فعالية "كاسة شاي وقهوة " أو "كعكة ومنقوشة " أو "رسم وتلوين للأطفال" أو حتى يجلسن مجتمعات في هتاف وغناء وطني، ليبدأ العدد من30 شخصا، ليتصاعد مع الوقت.

الناشطة المقدسية إلهام نعمان إحدى المنظمات والمشاركات في هذه الفعالية تقول: "نحن نحاول بصورة مستمرة افتعال نشاطات على باب العامود، بهدف منع تفريغ المنطقة من أهلها، الاحتلال يحاول تفريغ القدس من أهلها وتهويدها وطمس الهوية الفلسطينية، نتعرض للقمع الوحشي من قبل قوات الاحتلال، يبدأ بالتهديد إلى الصراخ، حتى يصل للضرب ورمي قنابل الغاز، وإلى الاعتقال رغم كونها فعاليات سلمية، وغير محتكة بهم أبدا".

القمع الدائم لهذه الفعاليات يجعل النساء المقدسيات عرضة للإصابة كما حدث مع الهام .

"تعرضت في الفترة الأخيرة لإصابتين، إحداهما في الفخذ مطاطية، والثانية قنبلة حارقة إضافة للتعرض للاعتقال من 3 الى 4 مرات لكوني من المرابطات في الأقصى، والمخربات لجولات المستوطنين في المسجد الأقصى، أو حتى التواجد والنشاط في القدس إضافة للضرب والإبعاد"، وزميلتها في هذه الفعاليات وفاء أبو جمعة، أم ابراهيم الذي اعتقل في الـ16 من عمره لمدة 4 أعوام ، بعد الإمساك به مع خلية شبابية في الطور وأفرج عنه قبل 6 أشهر .

تتحدث أبو جمعة عن اعتداءات الاحتلال عليها، "بما أنني إحدى الناشطات البارزات، تعرضت مرة للاعتقال واستدعيت3 مرات للتحقيق، اعتقلت في الـ 25 -4 الى 10-5 من المنزل من إلى التحقيق، الذي استمر منذ الساعة1 ظهرا إلى 9 ليلا ليفرج عني بكفالة 1500 شيقل".

وعلى الصعيد النضالي تسجل عضو المجلس الثوري لحركة فتح المقدسية سلوى هديب تاريخا في مواجهة الاحتلال، اذ اعتقلت لمدة عام كامل، ومنعت من السفر لمدة تسعة أعوام متواصلة، وأصدر بحقها قرار الإقامة الجبرية لمدة ثلاث سنوات ونصف، عندما كانت طالبة جامعية.

وترى هديب أن المرأة المقدسية مقاومة منذ بدايات الثورات الفلسطينية إلى جانب الرجل، وتقول: "المرأة المقدسية هي التي صمدت أمام عنجهية الاحتلال وتوضع تحت ظروف صعبة عندما تكلف بمراقبة ابنها عندما يكون معتقلا منزليا مطلوب منها ان تخبر الشرطة الاسرائيلية في حال مغادرة ابنها للمنزل في أي لحظة لكنها تتحول الى داعم نضالي لابنها ووطنيا وسياسيا وحامية له، لذلك اسرائيل لن تنال من عزيمة المرأة المقدسية".

أما آخر مواجهة مباشرة لها مع الاحتلال كانت قبل 10 أيام في مظاهرة بشارع صلاح الدين حيث تعرضت لقنبلة صوت ثم برش الغاز إذ هاجمها  الخيالة وحجزوها في احدى الزوايا الضيقة المكتظة بالناس.

تقول هديب: "كامرأة مشاركة ومسؤولة لديك عبء حماية الطالبات وحماية الشبان وحماية نفسي وهذا دليل على اننا جميعا مستهدفون ولكن صامدون في القدس العصية على الانكسار والهزيمة".

الصمود والثبات والايمان بالقضية والاستمرار رغم الخطر المحدق بهن والمستمر بوحشية مبدأ أجمعت عليه جميع الناشطات المقدسيات اللواتي تحدثن لـ "وفا".

وقالت رفقة المقدسي: "القدس تعني كل شيء بالنسبة لي كل حياتي، وإذا لم يدافع اهل القدس عنها فمن سيدافع، وللمرأة دور مساوٍ لدور الرجل بالمرابطة والمشاركة في المسيرات لأن القدس للجميع حتى الأطفال يشاركون أهلهم".

وتوافقها وفاء أبو جمعة التي تصر على الاستمرار رغم قسوة الاعتداءات "نحن بنات القدس ومن حقنا الدفاع عنها لو ضربونا أو كسرونا أو قتلونا لو قطعوا جسدي الى مئة قطعة لن يوقفني ذلك إلا بالشهادة".

ولتعزيز صمود المقدسيين واستمرار ثباتهم في مدينتهم وحقهم طالبت السيدة هديب بمرجعية وطنية سياسية واحدة من أجل القدس.

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024