مستعمرون يقطعون عشرات الأشجار جنوب نابلس ويهاجمون منازل في بلدة بيت فوريك    نائب سويسري: جلسة مرتقبة للبرلمان للمطالبة بوقف الحرب على الشعب الفلسطيني    الأمم المتحدة: الاحتلال منع وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لقطاع غزة الأسبوع الماضي    الاحتلال ينذر بإخلاء مناطق في ضاحية بيروت الجنوبية    بيروت: شهداء وجرحى في غارة إسرائيلية على عمارة سكنية    الاحتلال يقتحم عددا من قرى الكفريات جنوب طولكرم    شهداء ومصابون في قصف للاحتلال على مناطق متفرقة من قطاع غزة    "فتح" تنعى المناضل محمد صبري صيدم    شهيد و3 جرحى في قصف الاحتلال وسط بيروت    أبو ردينة: نحمل الإدارة الأميركية مسؤولية مجازر غزة وبيت لاهيا    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 43,846 والإصابات إلى 103,740 منذ بدء العدوان    الاحتلال يحكم بالسجن وغرامة مالية بحق الزميلة رشا حرز الله    اللجنة الاستشارية للأونروا تبدأ أعمالها غدا وسط تحذيرات دولية من مخاطر تشريعات الاحتلال    الاحتلال ينذر بإخلاء 15 بلدة في جنوب لبنان    شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات  

شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات

الآن

عهد التميمي.. الاحتلال في صورته "القذرة"

يامن نوباني

لم يشهد أي احتلال في التاريخ على أن فتاة.. لا بل طفلة، كانت في يوم من الأيام، الشغل الشاغل له، بحيث تصدرت تصريحات كبار ساسته وحديث إعلامييه.

عهد التميمي، منذ اعتقالها، وحتى قبل ذلك، تشغل ألسنة قادة العدو، وأوراق البرامج الحوارية الإخبارية على الشاشات الاسرائيلية المقهورة من جرأة صبية لم تتجاوز الـ17 عاما، مندفعين برأي عام معبأ بالعنصرية والحقد والارهاب.

صب عدد من وزراء الاحتلال وأبواقه الاعلامية المشهورة حقدهم على عهد، مطالبين بالانتقام منها ومن عائلتها بطرق لم يسبق للاحتلال التلويح بها علانية، رغم أنه مسّ من قبل وآذى جسديا معتقلات فلسطينيات أخريات، إلا أنه كان ينفي أو يتغاضى الحديث أو يُخفي.

هنيدة غانم مديرة مركز مدار في رام الله، قالت لـ"وفا": إن الإعلام الاسرائيلي يقوم بهجوم عنيف على عهد التميمي، ويعتبرها هزت صورة وأسطورية جيشه، وذلك تماشيا مع الهجوم الذي يشنه سياسيون كبار وعلى رأسهم وزراء أمثال "بينيت، وليبرمان، وريغيف"..

ورأت غانم ان هناك صراعات داخلية في مجتمع الاحتلال لاقت فرصتها للظهور على حساب الطفلة التميمي، فبات الخطاب الإسرائيلي شعبوي تحريضي عنصري، والأجواء الموجودة حاليا لدى تلك الفئة من السياسيين هي أجواء مزدحمة بالعنصرية والشعبوية والمنافسة، فاليمين الجديد، هو الذي يمسك بمقود القيادة في دولة الاحتلال، وهو يمين شعبوي واستيطاني وديني.

وأضافت: "بن كسبيت ليس مجرد صحفي من الدرجة الثانية، بل من أهم الصحفيين والمحللين السياسيين في اسرائيل، ويعمل بالإضافة لوظيفته في جريدة معاريف، كمحلل في موقع المونيتور الذي يتباهى بـ"موضوعيته" ويعمل به العديد من الصحفيين العرب والفلسطينيين. هذه لحظة للضغط على الموقع وعدم قبول زمالة عمل مع من يحرض بشكل أرعن يحمل بباطنه دعوات قميئة ومثيرة للغثيان لمعاقبة عهد وعائلتها".

في 19.12.2017 في مقالته في معاريف عن قضية عهد التميمي، أعطى بن كسبيت النصائح التالية للجيش للتعامل مع عهد وعائلتها: في حالة الفتيات، يجب جباية الثمن في فرصة أخرى، في العتمة، دون وجود شهود وكاميرات. عائلة التميمي يجب ان تتعلم بالطريقة الصعبة أن استفزازات ممنهجة كهذه أمام جنود جيش الدفاع تكلفها غاليا. للجيش ما يكفي من القدرات والابداع والأدوات لتحقيق مخرجات كهذه، دون ان يدفع ثمنا عاما عاليا".

وبينت غانم: أن ما حدث مع عهد يذكّر بما حدث قبل 30 عاما مع أطفال الحجارة حين هزوا صورة الجيش الأسطوري وتم الرد عليهم بعنف والتحريض الكبير. ما يتم تداوله اليوم هو نغمة ثأر باعتبار أن الجيش هو هيبة الدولة، والمزاج الآن مزاج انتقام.

أغلب الصور والتعليقات والعناوين الكبيرة في الصحافة الاسرائيلية المكتوبة والمسموعة، مصدومة من عدم رد الجنود على عهد، فيما رأي آخر يرى في عدم الرد فعل ايجابي بسبب وجود الكاميرا، وهناك اليسار اللاصهيوني الذي انتقد بطريقة خجولة ما يجري واكتفى بوضع تساؤلات والذهاب إلى زوايا بعيدة عن جوهر الموضوع، وهو في الأصل يسار مهمش.

بتاريخ 22 كانون الأول الجاري، نشر موقع عرب 48 مقالا لبلال ظاهر، أوضح فيه أن الإسرائيليين يستغلون بغالبيتهم العظمى، أي حدث من أجل نثر سمومهم العنصرية ضد الفلسطينيين. والحدث هذه المرة هو مطالبة الفتاة عهد التميمي جنودا إسرائيليين مغادرة بيتها وقريتها، بينما كانت بحالة غضب شديد. وكما هو حاصل في السنوات الأخيرة، فإن التحريض العنصري الدموي لم يكن ضد عهد وحدها وإنما كان ضد عائلتها وقريتها والفلسطينيين عموما. ولم يأت هذا التحريض الدموي من جهة اليمين الفاشي الإسرائيلي فقط، وإنما من جهات تعتبر وسطا سياسيا ووسائل إعلام مركزية، تعاملت مع هذا الحدث كأنه يشكل تهديدا خطيرا على إسرائيل.

وهدد وزير الأمن الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، أن "من يقوم بأعمال شغب في النهار، يُعتقل في الليل. وأي أحد تواجد في دائرة الحدث، وليس الفتاة فقط، وإنما والديها والقريبين منها، لن يفلتوا مما يستحقونه من عقاب".

كذلك ادعى رئيس حزب "البيت اليهودي" ووزير التربية والتعليم الإسرائيلي، نفتالي بينيت، أن "الصور صعبة"، في إشارة إلى صفع عهد التميمي للجنديين. وطالب بسجنها لسنوات معتبرا أن "مكانها في السجن".

واعتبر عضو الكنيست السابق، أرييه إلداد، وهو أحد رموز اليمين الفاشي الإسرائيلي، أن "الجُبن، الذي أدى إلى التعليمات المشوهة الصادرة للجنود بعدم الرد، توجه النيابة العسكرية أيضا. وربما هذا نابع أيضا من عدم الإيمان بعدالة الطريق. ومن يثق أن البلاد لنا وليست للعرب لن يرتبك". وأشار إلى "خطورة" عهد، مستخدما ديماغوغية المحتل الذي يرتكب المجازر بحق الفلسطينيين، حتى يومنا هذا، وكتب أن "العربية التي تتفاخر بطرد الضابط هي مندوبة العرب الذين يريدون طردنا من البلاد... ومن يعتقد أنه مسموح في النبي صالح ضبط النفس أمام الكاميرات، إنما يعتقد عمليا أنه لا ينبغي أن نتواجد في النبي صالح، والانسحاب من قلب وطننا، وأن العربية على حق".

ولمجرد أن فتاة مثل عهد تصدت لجنديي الاحتلال، اعتبر إلداد أنه "ليتني كنت واثقا من أن النيابة العسكرية، التي لا تطالب بفرض عقوبة الإعدام على المخربين القتلة، ستتطلب خلال محاكمة عهد التميمي بفرض السجن عليها لسنوات طويلة.

وقالت عضو الكنيست نافا بوكير، من حزب الليكود الحاكم، بعد زيارتها للجندي القاتل إليئور أزاريا في السجن، إن "تصرف الجنديين كان، برأيي، متأثرا من قضية أزاريا، وكانت هناك حالات في المناطق (المحتلة) التي تردد فيها جنود في إطلاق النار عندما كانوا في حالة خطر".

وبادرت وسائل إعلام إسرائيلية إلى التحريض على قرية النبي صالح. ووصف تقرير نشره موقع nrg الإلكتروني اليميني القرية الفلسطينية بأنها "معادية" وأن عائلة التميمي لديها "تاريخ طويل من الإرهاب"، في إشارة إلى التصدي لممارسات الاحتلال.

كذلك اعتبر المذيع ديدي هراري، في برنامجه في إذاعة 103 FM، التي يستمع إليها معظم الإسرائيليين، في أعقاب نشر مقطع الفيديو من النبي صالح، أنه "تبا، من يريد سلاما مع شعب مقرف كهذا؟ وكم استفزازا بإمكان الفلسطينيين أن يفعلوا؟".

واضح أن هؤلاء العنصريين ومن هم على شاكلتهم يتجاهلون الأسباب التي حركت عهد التميمي وغيرها للتصدي لجنود الاحتلال، لكن أغلبية الإسرائيليين يعتبرون هذا التصدي "إرهابا"، وأن الاحتلال وجرائمه ليس سببا للمقاومة، حتى لو كانت هذه مقاومة سلمية، علما أن المعاهدات والقوانين الدولية تعطي الرازحين تحت الاحتلال أوسع من هذا الحق.

وختم ظاهر مقاله: وثمة أمر أوضح، وهو أنه ليس صدفة أن الصراعات، ويرى الكثيرون أنها شروخ وتصدعات، داخل المجتمع الإسرائيلي كثيرة جدا وفي كافة المجالات، الدينية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وأكبر دليل عليها نزعات الهجرة الواسعة من البلاد والسعي من أجل الحصول على جوازات سفر أجنبية، بينما يوحد الإسرائيليين أمر واحد ووحيد، هو "الأمن"، كأنه عقدة. بل أن هذه عقدة السارق والقاتل، وجنوده أشبه بعصب مكشوف، داست عهد عليه.

يشار إلى أن عهد التميمي طردت جنديين من لواء جولاني كانوا يستبيحون ساحة منزلها في قرية النبي صالح غرب رام الله يوم الجمعة 15 كانون الأول الجاري. حملات تحريض شرسة قادها المستويان السياسي والاعلامي دفع أجهزة الاحتلال الاستخباراتية والأمنية لاعتقالها بعد ثلاثة أيام من الحادثة، وبعدها بساعات اعتقل والدتها ناريمان وقريبتها نور التميمي.

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024