الضفة الغربية ليست سوى معازل
القدس عاصمة فلسطين/ نابلس 27-12-2017- جميل ضبابات
يعيش سامر عويس في قرية اللبن الشرقية، ويسكن الآن في منزل منفصل عن منزل عائلته، ولا يتطلب منه الأمر لزيارة والديه سوى دقائق معدودة.
بعد اليوم، قد يكون هذا الأمر غير متاح في أي لحظة، وقد يتطلب من عويس (42 عاما) الذهاب لقرية ثانية قريبة، كي يستطيع الوصول الى منزل عائلته في قريته.
يبدو الأمر نظريا محيرا.!
لكن على الأرض الواقع هذه حقيقة!
فوجئ أهالي هذه القرية بوضع قوات الاحتلال بوابة على مدخل قريتهم، وتتجاوز هذه البوابة كثيرا من المنازل التي ظلت خارجها.
وقال عويس وهو يحرك تلك البوابة "يمكن خلال نص دقيقة اغلاق القرية تماما (...) هكذا". ودفع بكفه تلك البوابة وأصبح الجزء الأكبر من اللبن الشرقية خلفها.
وتغلق القوات الإسرائيلية عشرات القرى في الضفة الغربية بالبوابات الحديدية، وهذه سياسية اتخذتها منذ مطلع العقد الماضي، بعيد انطلاق انتفاضة الأقصى.
وعويس وهو واحد من نحو 4500 مواطن يشكلون مجموع سكان القرية التي تطل على الطريق الرئيسية التي يربط شمال الضفة الغربية بجنوبها.
كانت هذه الطريق التاريخية التي تربط ايضا شمال فلسطين التاريخية بجنوبها. تسود القرية حالة من التفكير المضطرب بما ستؤول اليه الحال اذا ما وضع القفل في دفتي البوابة.
واقفا الى طرف الطريق التي تربط مدخل القرية بالطريق التاريخي يقول عويس وهو يشغل رئيس مجلس القرية "هددونا بالقفل. قالوا اذا تحركتم باتجاه الشارع سنسجنكم"، وهو بذلك يشير الى حديث جنود من جيش الاحتلال لسكان القرية لمنعهم من الاحتجاج الأسبوعي.
ومثل مناطق كثيرة في الضفة الغربية شهدت قرية اللبن الشرقية احتجاجات ضد قرار الإدارة الأمريكية بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس.
وأعادت القوات الإسرائيلية إغلاق عدد من الطرق، وأضافت بوابات جديدة لبعض القرى.
تسود اللبن حالة هدوء طبيعية في بحر النهار؛ الناس خلال النهار منشغلون بأعمالهم اليومية. وثمة قليلون يجتازون المدخل نحو قرى ومدن ثانية، إلا أن عويس يقول إن "لا احد يعرف متى يختفي هذا المشهد". وهو بذلك يشير إلى إغلاق محتمل للبوابة في أي لحظة.
وينظر الى هذه البوابات التي تحول القرى الفلسطينية الى معازل مغلقة دوليا على أنها عراقيل، لكن على ارض الواقع هي بوابات لسجون كبيرة.
يتردد في اللبن المعنى ذاته: بوابة سجن.
يقول رجا عويس وهو سائق مركبة عمومية، "إذا أغلقت هذه الطريق فإن البدائل صعبة. سنذهب الى قرى ثانية"، ويضيف "في أي لحظة يمكن ان نصبح داخل سجن كبير".
واللبن الشرقية هي واحدة من التجمعات التي تقع أقصى جنوب نابلس قرية ذات طبيعة جميلة. من على بعد يطغى الطابع الريفي العميق على تكوينها.
لذلك بين اليوم والآخر يمكن رؤية الفلاحين يهبطون من القرية المترفعة على سفح جبل إلى أراضيهم في سهل طولي يقع خلف البوابة.
ويخشون من اغلاق البوابة وبقاء السهل خلفها.
ويفهم من منشورات منظمات دولية أممية تراقب انتهاكات جيش الاحتلال الإسرائيلي في الأرض الفلسطينية المحتلة، ان البوابات سمة ظاهرة في حياة الفلسطينيين.
وحسب مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، فإنه قام بتوثيق 472 معيقا وعقبات للحركة والتنقل حتى منتصف شهر كانون الأول/ ديسمبر 2016، من بينها 44 حاجزا مأهولا بالجنود بصورة دائمة (31 منها على طول الجدار)، و52 حاجزا مأهولا بالجنود بصورة جزئية، و180 حاجزا ترابيا، و72 حاجز طريق، و124 بوابة نصفها مغلق عادة.
وبوابة اللبن رقم حقيقي صحيح يضاف إلى تلك الأرقام التي تزداد يوميا.
هذا يبدو واضحا في عيون لطيفة النوباني وهي سيدة في أواسط الثمانينات من عمرها. اعتادت لطيفة على الجلوس في شرفة منزلها المطل على مدخل القرية يوميا منذ سنوات.
كانت تلاحظ التغييرات التي تحصل في الجبال القريبة؛ بناء المستوطنات وشرق الطرق إليها.
قبل أسبوع لاحظت تركيب هذه البوابة.
" لا احد يعرف لماذا وضعوا البوابة. إنها بوابة السجن (...) ركبوها في الليل". في السابق اعتاد سكان القرية على نمط آخر من الإغلاق، ومثل كثير من طرق الضفة الغربية، وضع جيش الاحتلال مرات عديدة أكوام تراب كبيرة ومكعبات إسمنتية.
إلا أن سكان القرية استطاعوا تجاوز ذلك، لكن لطيفة تقول "اليوم أصعب. اذا أراد احد الوصول الى المستشفى في حال الاغلاق ربما يموت عند هذه البوابة".
وعلى سكان القرية الذين يريدون الوصول الى نابلس على بعد 20 كيلومترا ان يذهبوا الى سلفيت اولا، ومن ثم الالتفاف الى نابلس عبر طريق اخرى.
"يعني المسافة تزداد من 20 إلى 45 كم". اوضح عويس.
من مركز مدينة نابلس الى بوابة اللبن الشرقية يمكن احصاء 4 بوابات على مداخل القرى.
" هذه ليست الا سجونا"، قال عويس الذي قد تطول المسافة بين منزله ومنزل والديه من كيلومتر واحد لتصبح 10 كم.