سيرك غزة للأطفال.. بصمة لصنع بسمة
- ريما السويسي
لا يعرف أطفال غزة شيئا عن السيرك، سوى أنهم يرونه في التلفاز، فالحصار الإسرائيلي لم يقض فقط على طفولتهم البريئة، بل استهدف أيضا أحلامهم، حين منع إدخال أدوات السيرك، أو حتى الوفود الأجنبية ذات العلاقة، والهدف هو قتل الطفولة في مهدها لكل ما هو فلسطيني.
لكن الإرادة الفلسطينية هي التي تنتصر في النهاية فبرغم كل المحاولات الإسرائيلية لطمس ملامح هذه الطفولة إلا أن الإصرار هو سيد الموقف، وهنا تبلورت فكرة سيرك غزة، في محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من متعة الطفولة في غزة.
يقول أحمد مشتهى مسؤول فريق سيرك غزة عن فكرة السيرك: جاءت الفكرة حين حضر إلى غزة وفد أجنبي بلجيكي من مؤسسة الجبل عام 2011، وعملوا على فكرة تدريب سيرك كمدرسة سيرك ما بين 2011-2015، لكن الاحتلال الإسرائيلي منعهم بعد ذلك من الدخول الى غزة، وهنا تدربنا على الأساسيات والبدايات.
ويضيف: بدأنا بتطوير الفكرة، وقررنا عدم التخلي عنها كفريق، لننفذ الحلم الذي كان يراودنا، والهدف هو أن نضع بصمة، لنصنع بسمة لدى الأطفال في غزة، الذين حرموا من البهجة في كل شيء، بسبب الحصار والحروب التي استهدفت غزة مؤخرا".
يتكون الفريق مما يقارب العشرة أشخاص، بينما تضم المدرسة ما يقارب 30 شخصا من تخصصات مختلفة جمباز، وسيرك هوائي، وغيرها، وفي زوايا المدرسة، يتم تدريب الأطفال على ليونة الجسم، وغيرها من المهارات لتؤهله لمرحلة العروض.
"نحن نعمل ضمن تمويل مشاريع الشبكة الأدائية الفلسطينية ونقوم بتدريب الأطفال الذين نختارهم من المرحلة المدرسية بواقع (20 طفلا) من كل مدرسة، يتم تدريبهم على فنون السيرك بواقع 3 ساعات يوميا"، على حد قوله.
ويؤكد مشتهى أن الهدف من وراء فكرة السيرك هو التفريغ والدعم النفسي للأطفال، فهناك عروض لمرضى أطفال السرطان وكبار السن ورياض الأطفال.
وفيما يتعلق بالصعوبات التي يواجهها الفريق، يقول مشتهى: حالياً نعاني من مشكلة التمويل، فهناك أصدقاء لنا في الخارج يرسلون لنا أغراض السيرك، لنطور الفريق بإمكانيات بسيطة.
ويكمل حديثه بالقول: نسعى لإنشاء مدرسة خاصة بالسيرك في غزة، لنطور من قدراتنا عبرها، كما ونسعى لإدخال الأدوات اللازمة لعمل للسيرك، إذ ينقصنا الكثير من الأدوات، والتي يمنع الاحتلال إدخالها إلى غزة، رغم أنها مواد لا تتعلق بالوضع الأمني.
في معرض إجابته حول المهارات الواجب توافرها في الطفل الذي ينضم للفريق أو للمدرسة يؤكد: الطفل الذي نشعر أن لديه الكاريزما للسيرك، ويتمتع بطموح وجرأة في لمس أدوات السيرك نختاره، للانضمام للفريق الذي يقدم العروض بعد التدريب في المدرسة.
وعلى موقعهم عبر الشبكة العنكبوتية، والذي يحمل اسم "المدرسة الثقافية لفنون السيرك"، يتواصل الفريق عبر مواقع التواصل الاجتماعي مع معجبيهم، وأصدقائهم حول العالم، لتعريف العالم أن غزة مكان للأحلام، والبراءة، والجمال، والإبداع.
بدوره، يقول طارق أبو شقير( 20 عاما) لاعب جمباز في السيرك الهوائي: "منذ عشر سنوات وأنا أتدرب مع الفريق، والمدرسة، وحينما حضر الوفد الإيطالي إلى غزة قامت مدربة إيطالية بتدريبي على السيرك الهوائي، وحين رأت قدراتي وموهبتي تفاجأت، وصدمت من سرعة وسلاسة حركاتي، وعبرت عن إعجابها الشديد بأدائي".
ويضيف: لقد حضرت لي عرضا في منطقة الشاليهات بغزة، في بركس طوله 10 أمتار على حبل، وكانت جداً سعيدة بما رأته من حركات، وأداء جميل، فما كان منها إلا أن أهدتني حبلاً مخصصاً للسيرك بدل الحبل الذي كنت ألعب به، لأنه كان قديم نوعا ما، فالحبل يصنع من قماش خاص، وغير متوفر بغزة".
"السيرك الهوائي هو الأصعب والأخطر بين ألعابنا وفقراتنا"، وفقاً لحديثه.
وحول الفعاليات التي كان من المفترض أن يشاركون فيها، ولكن لم يحدث بسبب تعنت الاحتلال في منعهم من الخروج من غزة، يقول أبو شقير: "دعينا للمشاركة في مهرجان فلسطين الدولي المقام في مدينة رام الله، ولكن للأسف لم يتم السماح لنا بالمشاركة، وهذا الأمر يتكرر للسنة الرابعة على التوالي".
ويشير إلى أن المعاناة لا تقف عند هذا الحد، بل إن الجانب الإسرائيلي يقوم بمنع الوفود الأجنبية القادمة لزيارة غزة، والقيام ببعض المهام الإنسانية أو الاجتماعية.
ويؤكد أبو شقير: "تتمثل المعاناة أيضاً في صعوبة التنقل، والحركة، فقد عرض على التوقيع على عقد سنوي للانضمام إلى مؤسسة فرنسية للسيرك عبر صديقة جزائرية، فما كان من المسؤول عن المؤسسة وهو يهودي الجنسية، إلا أن قام بتمزيق العقد لمنعي بتاتاً من المشاركة خارج غزة، كوني فلسطينيا ليس إلا".
ويختم حديثه بالقول: "حتى الأدوات المخصصة للسيرك أيضا ممنوعة من الدخول إلى غزة سواء عبر معبر ايرز (بيت حانون) أو معبر رفح".