فلسطين: احتلال متعدد وبطش واحد!
أسامة العيسة: لم "يقتبس" المحتلون الاسرائيليون، قوانين الطواريء البريطانية، التي ألغاها الانتداب البريطاني، قبيل رحيله عن فلسطين، لمحاكمة عدد لا يمكن حصره من الفلسطينيين، وهدم المنازل وغيرها من اجراءات قمعية وغير قانونية، فقط، بل نسخوا عددا من الأساليب القمعية التي استخدمها جنود الامبراطورية التي لم تكن تغيب عنها الشمس.
وكشفت صور نشرتها مكتبة الكونغرس الاميركية، لوقائع الثورة الفلسطينية الكبرى (1936-1939)، استخدام المواطنين الفلسطينيين كدروع بشرية، من قبل جنود الاحتلال البريطاني، وهو ما فعلته سلطات الاحتلال الاسرائيلي لاحقا، وتوسعت فيه خصوصا في انتفاضة القدس الأخيرة العام 2000، واثأر نقاشا حتى داخل المجتمع الاسرائيلي.
وتظهر احدى الصور، مركبة بريطانية، تم وضع مواطن فلسطيني في مقدمتها، تسير على خط سكة حديد، قبل مرور القطار، تحسبا لوجود ألغام زرعها الثوار، بعد تزايد نسف القطارات التي تقل جنودا بريطانيين.
واذا كان الثوار قد زرعوا ألغاما، على سكة الحديد، فان الذي يدفع الثمن سيكون ابناء جلدتهم من الدروع البشرية.
والتقط مصورو الكولونيالية الاميركية في القدس، مجموعة كبيرة من الصور التي تؤرخ لوقائع تلك الفترة من حياة الشعب الفلسطيني، ومن بينها مشاهد الدمار في جنين، وبيت لحم، ويافا، وغيرها، وبالمقارنة مع ما جرى لاحقا وما يجري حاليا، يظهر بوضوح، وكأن الاحتلال الاسرائيلي، من حيث اشكال ممارساته، ليس سوى مكملا لما بدأ به البريطانيون لدى احتلالهم فلسطين عام 1917م.
ويتضح من التقارير التي كتبها الضباط البريطانيون، مدى البطش الذي مارسته قواتهم بحق المواطنين الفلسطينيين والثوار، حيث كان الاعدام الميداني، احد الاساليب التي استخدمت بحق بعض الثوار كما حصل في منطقة جنين في شهر اذار عام 1938، وكانت التبريرات جاهزة دائما، مثل ان من نفذ فيه الاعدام بدون محاكمة حاول الهرب.
ولدى المواطنين الفلسطينيين، عشرات الامثلة، على تنفيذ قوات الاحتلال الاسرائيلي للإعدام الميداني، منذ الاحتلال في حزيران 1967، وكما حدث خاصة في انتفاضة الاقصى، حيث تم تصفية العديد من الاسرى بعد اعتقالهم، مثل محمود المغربي من مخيم الدهيشة، ومحمود ابو شعيرة من مخيم العزة.
ومثلما تهتم سلطات الاحتلال بتدريب وتجهيز فرق المستعربين، فان البريطانيين فعلوا نفس الشيء، وكثيرا ما تم كشف تلك الفرق البريطانية من خلال عدم اتقان افرادها للغة العربية، او بعض حروفها مثل لفظ حرف الحاء، هاء.
ونشرت القوات البريطانية، فرقا ليلية خاصة، في المناطق الفلسطينية بقيادة الضابط أوردي ينجيت، وانتشرت قوات من الحرس الايرلندي في نابلس.
وهدمت قوات الاحتلال البريطاني نحو ربع جنين، بعد مقتل، احد الضباط الكبار، وقد تذكر تلك الكارثة، بالمجزرة التي ارتكبها الاحتلال الاسرائيلي، في مخيم جنين عام 2002م.