ساعة الصفر
"أسقطنا القدس عن الطاولة، فقد كانت أصعب قضية في المفاوضات"، تغريدة الرئيس الأميركي دونالد ترمب تلك كانت ايذانا بساعة الصفر لكيان الاحتلال لاستكمال الخطة المشتركة بالاستيلاء على الشطر الشرقي للمدينة المحتلة، بعد اخضاعها للحكم العسكري عقب نكسة عام 1967.
فلم يكن مفاجئا اعلان جيش الاحتلال نيته البدء بتنفيذ الخطة القديمة لسلطات الاحتلال التي سبقت الاعلان عما سمي أميركيا بـ"صفقة القرن"، والقاضية بتسلمه السيطرة الأمنية الكاملة من شرطة الاحتلال في الاحياء المقدسية التي تقع خلف الجدار والتي سلخت عن المدينة (كفر عقب، ومخيم شعفاط، والمطار، ومراكز سكانية أخرى تابعة لبلدية الاحتلال يقدر عدد سكانها بـ140 ألف نسمة) تنفيذا للتعديل الذي اقرته "الكنيست" بداية العام الجاري، قانون "القدس الموحدة"، الذي اقر اصلا في 30 يوليو/ تموز من العام 1980، اضافة لحظر التفاوض على مدينة القدس، أو التنازل عن أي أجزاء منها، أو تقسيمها في أي تسوية مستقبلية مع الفلسطينيين.
ففي أواخر السبعينيات أخذت بعض الدول الدائرة في الفلك الاميركي، تنقل سفاراتها من "تل ابيب" إلى غربي القدس المحتلة دون اعتراف بها رسميا أو بجزء منها كعاصمة للاحتلال، وعقب قرار الاحتلال عام 1980، رفض مجلس الأمن "قانون القدس الإسرائيلي" معتبرا تطبيقه خرقا للقانون الدولي، وباطلا من الناحية الدولية، وهو ما دفع بالدول الى اعادة سفاراتها الى اتل ابيب مجددا، لتبقى لاحقا سفارتا كوستاريكا والسلفادور في القدس، لتنقلا ثانية إلى "تل أبيب" في 2006.
في اميركيا لم يقف واضعو السياسات الاستراتيجية مكتوفي الايدي طويلا، ليصدر الكونغرس لاحقا في العام 1995 قانونًا يعترف بالمدينة المحتلة كعاصمة لإسرائيل، ويدعو الرئيس الأمريكي إلى نقل السفارة الأمريكية لدى إسرائيل إلى القدس، ولكن هذا القانون يسمح للرئيس الأمريكي بتأجيل تطبيقه كل 6 أشهر، وهذا ما لم يفعله الرؤساء الأمريكان منذ 1995 إلى ديسمبر 2017.
اما البدء بسلخ الاحياء عن المدينة فقد بدأ على الارض بعد عامين من اندلاع انتفاضة الاقصى عام 2000، بإقرار أرييل شارون (رئيس وزراء الاحتلال آنذاك)، خطة لإقامة جدار الفصل العنصري، فأُخرجت بموجبها الأحياء عن المدينة، علما أن بعضها لا تزال رغم الفصل تقع ضمن حدود بلدية الاحتلال في القدس.
يذكر أن مقترح مشروع قانون "القدس الموحدة" وإجراء الاستفتاء يعتمد بالأساس على المقترح الذي قدمه عضو الكنيست جدعون ساعر، في العام 2007، وحظي بتوقيع العديد من أعضاء حزب الليكود وأيضا نتنياهو الذي كان رئيسا لكتلة المعارضة.
وقال رئيس هيئة الجدار والاستيطان وليد عساف، هذه الخطوة هي جزء من مخطط لتغيير التركيبة الديمغرافية في القدس، عبر اخراج هذه الاحياء عن المدينة بعد ان سحبت ما يقارب من 14600 هوية من المقدسيين، وحرمت 10 آلاف طفل من الهوية المقدسية.
واعتبر عساف ان هذه الخطوة هي ترسيم لحدود وفرض للوقائع على الارض من قبل الاحتلال، خوفا من الاكثرية العربية في المدينة التي ارتفعت من 20% عقب النكسة الى 42% الان.