الأمريكيون الذين نحبهم
لنا حجازي
"ميديّا بنجامين"، إمرأة تعرضت للاعتقال والضرب ولخلع في الكتف، بسبب مساندتها للقضية الفلسطينية.
أنشأت بنجامين منظمة "Code Pink" وتعني الرمز الوردي، في إشارة إلى الألوان التي استحدثتها الحكومة الأمريكية للتعبير عن درجات الخطر، بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001.
برامج المنظمة تهدف لدعم القضية الفلسطينية من جانب، وإيقاف الحروب التي تشنها الولايات المتحدة من جانب آخر، وتعرض أفرادها لاعتداءات متكررة بسبب تظاهراتهم ووقفاتهم الاحتجاجية في سبيل دعم الأهداف.
رفض الاحتجاجات التي شاركت فيها ميديّا لم يقتصر على بلادها ومن يوافقها الرأي، بل جاء أيضاً من قلب بيت ميديا التي نشأت بولاية نيويورك لأبوين يهوديين يدعمان إسرائيل، حيث رفضت عائلتها موقفها من دولة الاحتلال، وكان ذلك سبباً متجدداً لشجار لم يكد يتوقف.
بدأت نواة موقف ميديّا بنجامين المؤيد للقضية الفلسطينية تتشكل قبل خمسين عاماً، حين كانت فتاة في السادسة عشرة من العمر، إذ سمعت عن المستوطنات الزراعية في فلسطين "كيبوتس"، أعجبتها الفكرة بادئ الأمر ورغبت في الانضمام لإحداها للعمل تحت مظلة المشاركة والمساهمة مع شباب يهود آخرين في "جعل الصحراء تزهر" ، هكذا كانت تقول الدعاية.
بعد وصولها لـ"الكيبوتس" لمست عنصرية وكراهية ضد أهل البلاد الفلسطينيين، ورفضت أن تكون جزءاً من هذه الحركة اللا إنسانية، وكبرت وأصبحت أمرأة معروفة في شوارع العاصمة الأمريكية واشنطن؛ بارتدائها اللون الوردي، كشكل صريح لمقاومة كل ما لا يحترم الإنسان ويميز ضده.
تتبع "Code Pink" أساليب مميزة في إظهار الاحتجاج على ممارسات الاحتلال الإسرائيلي، فتارة يرتدي أفراد المنظمة ألواح كرتون عليها رسوم للمستوطنات وهم يسيرون في شوارع مدنهم، معلنين أنهم وضعوا يدهم على المنطقة لوضع مستوطناتهم حيث يشاؤون، في محاكاة لما يفعله الاحتلال في الضفة الغربية، وتارة أخرى ترتدي نساء المنظمة أرواب استحمام، ويتوجهن للمحال الأمريكية التي تبيع منتجات تجميل إسرائيلية، ويقمن بإزالة المنتجات من على الرفوف وإلقائها في سلة المهملات.
وكذلك كان لجمعية "إيباك" أحد أكثر اللوبيات الصهيونية ممارسسة للضغط على الكونغرس لصالح إسرائيل؛ لها نصيب من تظاهرات المنظمة.
تتواجد ميديّا بنجامين (65 عاماً) في زيارة للضفة الغربية، متحدية قرارات الحكومة الإسرائيلية بمنع مؤيدي حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها؛ من دخول الأراضي المحتلة.
وحتى هذه المرة، تم اعتقالها وإطلاق سراحها، حين انضمت لتظاهرة ضد الاستيطان في الخليل.
هي لا تبالي بكل هذا، لأنها تقوم بالشيء الصحيح، خاصة حين تقارن ما تمر به بما يمر به الشعب الفلسطيني الرازح تحت الاحتلال.
امرأة جعلت الرجال والنساء يرتدون الوردي ليعلنوا رفض الظلم، وخلقت بيئة للأصوات الحرة، وقدمت بفعلها قبل قولها ما يثبت صحة إيمانها، لا يمكن أبداً أن يقال عنها "اعتيادية".