"أبو النوار".. التعليم على الركام للمرة الخامسة
إيهاب الريماوي
بدت الطالبة هبة منهمكة في قراءة درس "يوم الشجرة"، الذي تحدث عن أهمية زراعة الأشجار والاعتناء بها، كانت هبة تجلس بحذر على بقايا ركام صفها الذي هدمه الاحتلال صباح اليوم مع صف الرابع في تجمع أبو النوار البدوي شرق مدينة القدس المحتلة.
26 طالبا وطالبة في الصفين باتوا لا يملكون مقاعد للدراسة، فالاحتلال هدم صفوفهم للمرة الخامسة منذ العام 2016، كتيبة كاملة من جيش الاحتلال تأتي كل عملية هدم، جرافات وجنود ودوريات عسكرية، وإعلان المكان منطقة عسكرية مغلقة، والهدف هو صفان دراسيان لا تتعدى مساحتهما أكثر من 5 أمتار، والسبب انهما يقعان قبالة مستوطنة "معالي أدوميم" المقامة على آلاف الدونمات التي تم الاستيلاء عليها من مواطنين فلسطينيين.
رغم ذلك تصر مدرسة تجمع أبو النوار على مواصلة المسيرة التعليمة لـ60 طالبا وطالبة في المدرسة، و30 بالروضة التي تقع في أقصى التجمع.
لم تجد المعلمات كراسي للجلوس، فالتلاميذ أحضر كل منهم حجرا وجلس فوقه، وبعضهم رفع يافطة مكتوب عليها "من حقي أن أتعلم.. لا لهدم مدرستي.. نحن أطفال أبو نوار".
انتهت الحصة، وانتشر التلاميذ يبحثون عن نشاط أنجزوه يوم الخميس الفائت، احدهم عثر على كراسة رسم، وفتحها أمام عدسات الكاميرات، ومرسوم عليها شمس وأرض باللون الأخضر وكلمة "إن فجر الحرية آت".
"هناك قضية مرفوعة في المحكمة الاسرائيلية العليا من أجل ترخيص المدرسة، ولم يصدر أي قرار بخصوص ذلك بعد، إلا أن الاحتلال هدم المدرسة، واعتقل كل من حاول الاقتراب أو تصوير وتوثيق جريمته". يقول ممثل التجمع داوود جهالين.
يستهدف الاحتلال المدرسة بشكل متكرر، هدمها 5 مرات، وآخر بناء للغرفتين كان في 13-10-2017، وعلى مدار عامين استولى على خلايا شمسية وخزانات مياه، الاحتلال يريد أن يحرم التجمع من الماء والهواء، يريدون تهجير السكان بأي ثمن. يضيف جهالين.
رغم الاجراءات الاسرائيلية المشددة في محيط التجمع، ومنع إدخال مواد البناء والترميم للمنطقة، وملاحقة كل مركبة تدخل، إلا أن الأهالي تمكنوا من إدخال المستلزمات من خلال نقلها على الحيوانات بسلوك طرق بعيدة عن أعين رقابة الاحتلال.
تؤثر ممارسات الاحتلال بحق التجمع سلبا على المسيرة التعليمة وعلى الطلبة، لكن سكانه أعدوا خططا مسبقة للتعامل مع الحالات الطارئة، ووفروا البديل، فالصف الرابع الذي هدم، سيكون صالون الحلاقة الذي يبعد 150 مترا عن المدرسة مكانا للطلبة، ومركز التجمع الذي يبعد 130 مترا سيكون للصف الثالث.
ويعتبر تجمع أبو النوار القريب من بلدة العيزرية أكبر التجمعات البدوية في محافظة القدس، ويقع على 500 دونم من أراضي المواطنين من بلدة أبو ديس، ويضم 113 عائلة، بواقع 650 نسمة.
يحيط بالتجمع 3 مستوطنات، وهي: "معالي أدوميم"، و"كيدار 1"، و"كيدار 2"، كما يوجد على مدخله معسكر لما يسمى بحرس الحدود، التجمع محاط من الجهات الأربع بالكتل الاستيطانية ومعسكرات لجيش الاحتلال وكاميرات مراقبة وأنظمة رصد ومراقبة متطورة، عدا عن التصوير من المناطيد التي يطلقها الاحتلال في سماء التجمع.
هذه المنطقة فعليا منذ عام 2009 هي ضمن مخطط استيطاني لإقامة بلوك ما يسمى بـ"E1 ج"، الذي سيقام على أنقاض تجمع أبو النوار، وإذا نجح الاحتلال في تهجير سكان التجمع، سينجح في مخططه ومخطط القدس الكبرى، وفصل شمال الضفة عن جنوبها.
"هذه ضريبة ندفعها في سبيل بقائنا وصمودنا وتشبثنا بأرضنا، رسالتنا للاحتلال أنه لو هدم التجمع كاملا سنبقى على هذه الأرض ولن نرحل ولو افترشنها والتحفنا السماء، لن نسمح بنكبة جديدة بعرب الجهالين وأبو النوار". ختم داوود جهالين.