عيبال.. سفح المقابر الأثرية
بدوية السامري
على امتداد سفح جبل عيبال الجبل الشمالي في مدينة نابلس، تمتد مئات المقابر الأثرية.
مقابر من العهد البرونزي وأخرى رومانية، وبيزنطية تعكس تاريخ التسلسل الحضاري في المدينة التي مرت بالكثير من العصور، ابتداء من مدينة تل بلاطة "شكيم" الكنعانية في الألف الرابع قبل الميلاد.
قبل أيام، أعلنت وزارة السياحة والآثار عن اكتشاف مقبرة أثرية تعود الى الفترة البيزنطية، الى الغرب من مدينة نابلس.
وقال مدير عام التنقيبات والحفريات الأثرية في وزارة السياحة جهاد ياسين لـ "وفـا"، إن أعمال التنقيب أظهرت وجود مقبرة منحوتة في الصخر بطول أربعة أمتار، وعرض أربعة أمتار، وتحتوي على تسع حجرات دفن، وساحة وسطى، و"تابوت" حجري متوسط الحجم.
وأوضح أنه تم العثور في المقبرة على مجموعة من الهياكل العظمية داخل حجرات الدفن، تعود لأشخاص من أعمار مختلفة، ومجموعة من المواد الأثرية، منها زجاجية وفخارية ومعدنية، استخدمت في التقديمات الجنائزية التي شاعت في تلك الفترة.
وأشار مدير دائرة تطوير المواقع في وزارة السياحة في نابلس عبد الرحيم عواد، إلى أنه لا يوجد عدد محدد للمقابر الأثرية في مدينة نابلس، لكنها تقدر بالمئات، ومعظمها يقع على سفح جبل عيبال.
ويعزو عواد السبب، الى وجود جميع المقابر المكتشفة على سفح جبل عيبال الشمالي وامتداده، وليس في الجهة الجنوبية على سفح جرزيم، لقدسية الأخير بالنسبة لطائفة السامريين، وللرطوبة العالية للتربة في جرزيم، فهي غير مناسبة لعمليات الدفن.
في فترة العصر البرونزي، كانت مدافن المدينة عبارة عن مقابر بئرية على شكل بئر، أو مقابر دهليزية وهي عبارة عن مدافن بشكل البئر وهي جماعية، وامتدت من الألف الرابع قبل الميلاد حتى نهاية العصر الحديدي، الألف الأول قبل الميلاد.
وفي كل مرة كانت تكتشف مقابر جديدة، كان يكتشف معها مجموعة من كبيرة من بقايا الجماجم والمخلفات الفخارية، تمثل كل عصر من العصور.
وقال عواد إن أولى المقابر في المدينة تقع في تل بلاطة "شكيم" القديمة شرق نابلس، على سفح جبل عيبال وجميعها محفورة بالصخر الطبيعي.
وأوضح أنه عندما انتقلت المدينة الى الوادي بين الجبلين، تطورت أنظمة الدفن والعادات الجنائزية لتنسجم مع الأسلوب الروماني والعقيدة الرومانية في الدفن، حيث أصبحت طريقة الدفن تعتمد على أساس الطبقة السياسية أو الاجتماعية والاقتصادية التي ينتمي إليها المتوفى.
وهناك المقابر الدهليزية العائلية وهي مقابر جماعية في الصخر داخل مغارة، وهناك عدة حجرات تحتوي كل منها من 3 الى 11 قبرا. وكانت تستخدم لعدة سنوات يتم فيها دفن أفراد العائلات المتوسطة، وتنتشر عشرات المقابر منها على سفح عيبال أيضا.
أما أبناء الطبقة الغنية فكانوا يدفنون بذات المغارة، لكن في توابيت حجرية مقطوعة في الصخر تتفاوت من حيث نوع الصخر، وهناك رسمت الزخارف الهندسية عليها لكنها محدودة، وعليها غطاء وهي متنقلة.
وتتنوع المرفقات الجنائزية بين أوانٍ فخارية وزجاجية للعطور، وفي كثير من الأحيان هناك مقتنيات لها علاقة باللباس.
والطراز الثالث هو المقابر التذكارية، وهي نمطان من المقابر، واكتشف منها مقبرتان: الأولى الرومانية الشرقية على مدخل عسكر، وتضم 13 تابوتا حجريا بزخارف متنوعة وجميلة. وغرف يتقدمها مدخل مزخرف وواجهة مزخرفة بالأعمدة من الأنماط الجميلة للمدافن واكتشفت في العام 1978م.
والثانية هي المقبرة الرومانية الغربية، التي تتكون من ثلاث حجرات للمدافن مزودة بأبواب حجرية مزخرفة.
ولأن نابلس كانت طريقا للقوافل من المناطق الأخرى، من منطقة الباذان شرقا حتى بيت إيبا غربا، كان من يموت هناك، يتم دفنه على عجل في أي مقبرة قريبة.
وخلال الفترة البيزنطية امتد استخدام المقابر الرومانية لدفن موتى تلك الفترة.
وأشار عواد إلى أنه خلال الفترة المسيحية والإسلامية لاحقا، لم تعتمد المقابر نظاما معينا، لكن هناك الكثير من المقابر التاريخية التي تضمها المدينة، ومعروف تاريخيا من هم المدفونون فيها، كمقبرة السامريين في حي رأس العين.
وقال عواد إن المقابر مهمة، لأنها توثق تاريخا بمساحة محدودة ولا تحتاج لتكاليف باهظة في اكتشافها، كما أنها تحوي قطعا أثرية ومواد تكون صالحة للعرض المتحفي ولها دلالاتها وإشاراتها.