أرض الأفوكادو الخصبة
عيد ياسين
تتربع قلقيلية على عرش زراعة الأفوكادو في فلسطين، وتحتل المركز الأول في انتاجه، إذ تنتج (70%) من إجمالي محصول الوطن الآخذ بالازدياد سنويا .
ويبلغ عدد المزارعين الممتهنين لزراعة الأفوكادو في قلقيلية (400) مزارع، فيما تتراوح مساحة الأراضي المزروعة بهذا المحصول من (2000-2300) دونم تتركز في الشريط الغربي للمحافظة، حيث يبلغ عدد الأشجار المثمرة (100) الف شجرة.
وتساهم هذه الزراعة في تخفيف نسبة البطالة في محافظة قلقيلية، والتي تجاوزت الـ (20%) عن طريق توفير آلاف فرص العمل اليومية، حسب مديرية زراعة قلقيلية.
المهندس الزراعي احمد عيد مدير دائرة زراعة قلقيلية قال: بدأت تجربة زراعة الأفوكادو في قلقيلية منذ 30 عاما، وكانت محصورة حينها بعدد قليل من المزارعين، وعلى مساحة لا تتجاوز 25 دونما، وأخذت بالتطور يوما بعد يوم حتى وصل هذا الصنف الى كميات تجارية في وقتنا الحالي.
وأشار إلى دور وزارة الزراعة بتطوير هذا النوع من الزراعة منذ 13 عاما، حيث عملت على إنشاء مشاريع قطع نموذجية بمساحة (5) دونمات، وزودت أصحابها بالأشتال، والسياج وشبكات الري، بالتعاون مع البنك الإسلامي، مشيرا الى أن هذا الأمر لاقى عدم تقبل في حينها من قبل المزارعين لتخوفهم من مشاكل التسويق في المستقبل، إلا أننا نجحنا فترتها بإعداد 10 قطع نموذجية .
وأضاف عيد، من اجل تشجيع المزارعين على تقبل المشروع، قامت وزارة الزراعة، بفتح التسويق للخارج أمام تصدير هذه المنتجات خصوصا الأردن الشقيق، ومنذ العام 2009، بدأ التصدير بكميات قليلة حتى سنوات (2012-2013)، التي سجلت عملية التصدير الحقيقية والفعلية.
وتابع، قمنا بتدريب كوادر مختصة لمتابعة المحصول من حيث الاحتياجات الكاملة إلى أن أصبح لدينا ولمهندسينا خبرة وفيرة بهذه الزراعة.
وقال عيد، قمنا بإدخال آليات عمل حديثة وإدخال أصناف جديدة، وتحويل الصنف تجاريا، في الوقت الذي نقوم فيه بمتابعته بعدة أمور من حيث الأصناف الجديدة وملاءمتها للبيئة الفلسطينية ومدى مقاومتها وتحملها للأمراض ومدى تقبلها للمستهلك.
ويزرع في قلقيلية أربعة أنواع من الأفوكادو، أشهرها الهاس (الخشن)، والتنجر (الملس الكبير)، فيما اتجهت وزارة الزراعة إلى إنتاج صنف ثالث (فورتا) قبل سنتين، إلا أنه لم يلق نجاحا في ذوق المستهلك، وتم إلغاء التعامل معه، واستبدل حاليا بصنف جديد رابع باسم (بنجرتون )، الذي لاقى استحسانا من حيث الجودة والانتاج.
ويبلغ انتاج قلقيلية من هذا المحصول سنويا ستة آلاف طن تستهلك محليا، ويصدر منه (15%).
يقول عيد، في هذا الموسم تم تصدير كميات اقل، بلغت (400) طن بمعدل (8%) من الإنتاج المحلي، بسبب الأسعار المناسبة للمزارع، والإقبال على المنتوج محليا.
وما يميز قلقيلية عن غيرها من محافظات الوطن والتي تتصدر قمة الهرم في هذه الزراعة، هو مناخها المعتدل المناسب لهذا الصنف شبه الاستوائي، والذي يحتاج إلى حرارة ورطوبة عالية، إضافة إلى توفير المياه الجوفية بكثرة، مما جعلها ارض خصبة لزراعة هذا الصنف.
وترى وزارة الزراعة ومن خلال عدة توصيات قامت بإعدادها، بضرورة تأطير مزارعي الأفوكادو في جمعية زراعية تعاونية، وإنشاء مختبر للأفوكادو خاص بالمزارعين، بحيث يقوموا بالتسويق المباشر لتحقيق هدفين، الاول زيادة العائد المالي، وتوفر على المستهلك بعد تقليل النفقات، إلى جانب إدخال أصناف جديدة من الأفوكادو تدر دخلا لتقبل المزارع والمستهلك لها.
المزارع احمد رشاد سلمي، ويملك مزرعة أفوكادو مساحتها 15 دونما، قال: باشرت بزراعة الافوكادو عام 2000 بجهود ذاتية وتوجيهات من مديرية الزراعة في قلقيلية في حينها، والتي وفرت لنا الاشتال بأسعار رمزية، وبعد أربع سنوات وتدريجيا، تحول إنتاجنا إلى تجاري لدرجة أننا أصبحنا نصدر للأسواق الخارجية من نوع "التنجر والهاس والبنجرتون".
وأشار سلمي إلى ان المردود الايجابي، والطلب على المنتوج محليا وعالميا قرر مضاعفة زراعته للأفوكادو، وتخصيص مساحات أخرى، مطالبا وزارة الزراعة والسلطة الوطنية حماية هذا النوع من الزراعة ذات المردود الاقتصادي الجيد.
نائب رئيس الغرفة التجارية في قلقيلية حسن شقير، قال بدوره إن مناخ قلقيلية ووقوعها على ساحل البحر المتوسط الاستوائي، والذي يمتاز بالرطوبة العالية ووفرة المياه العذبة، احد أهم ركائز نجاح الزراعة، خصوصا الافوكادو استوائي المنشأ.
وأضاف، تزداد مساحة زراعة الأفوكادو في محافظة قلقيلية يوما بعد يوم لارتفاع الطلب عليه، ما جعله محط أنظار مزارعي قلقيلية، ولدرجة انه أصبح المحصول الأول قبل الحمضيات والجوافة التي تشتهر بها قلقيلية، والتي تراجع سعرها بسبب اتجاه الأقطار المستوردة الى زراعة الحمضيات خصوصا الأردن الشقيق.
وبين شقير دور الغرفة التجارية تجاه هذا النوع من الزراعة المتمثل بفتح الاسواق الخارجية امام المنتج المحلي واصدار شهادات المنشأ بالتعاون مع مديرية الزراعة وحماية المنتج الفلسطيني، وعدم إدخال البضائع الإسرائيلية المنافسة، إضافة إلى عقد ورشات عمل وتدريب للمزارعين، وتنظيم معارض محلية وخارجية، ودعوة الوفود الخارجية لزيارة فلسطين، وخصوصا محافظة قلقيلية التي تتعرض لهجمة استيطانية شرسة على يد الاحتلال الإسرائيلي.