الاحتلال يواصل عدوانه على جنين ومخيمها: اعتقالات وتجريف محيط مستشفيي جنين الحكومي وابن سينا    الخليل: استشهاد مواطنة من سعير بعد أن أعاق الاحتلال نقلها إلى المستشفى    الاحتلال يطلق الرصاص على شاطئ مدينة غزة ومحور صلاح الدين    الاحتلال يشدد من اجراءاته العسكرية ويعرقل تنقل المواطنين في محافظات الضفة    الرجوب ينفي تصريحات منسوبة إليه حول "مغربية الصحراء"    الاحتلال يوقف عدوانه على غزة: أكثر من 157 ألف شهيد وجريح و11 ألف مفقود ودمار هائل    الأحمد يلتقي ممثل اليابان لدى فلسطين    هيئة الأسرى ونادي الأسير يستعرضان أبرز عمليات تبادل الأسرى مع الاحتلال    الاحتلال يشدد إجراءاته العسكرية على حاجزي تياسير والحمرا في الاغوار وينصب بوابة حديدية على حاجز جبع    حكومة الاحتلال تصادق على اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة    استشهاد مواطن وزوجته وأطفالهم الثلاثة في قصف للاحتلال جنوب قطاع غزة    رئيس وزراء قطر يعلن التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة    "التربية": 12,329 طالبا استُشهدوا و574 مدرسة وجامعة تعرضت للقصف والتخريب والتدمي    الاحتلال يُصدر ويجدد أوامر الاعتقال الإداري بحق 59 معتقلا    "فتح" بذكرى استشهاد القادة أبو إياد وأبو الهول والعمري: سنحافظ على إرث الشهداء ونجسد تضحياتهم بإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس  

"فتح" بذكرى استشهاد القادة أبو إياد وأبو الهول والعمري: سنحافظ على إرث الشهداء ونجسد تضحياتهم بإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس

الآن

خربة قيس.. صوت العصافير يُسمع صافيا

 يامن نوباني

يمر الانسان بخربة قيس، بطيئاً، أو يتوقف، لأنه لا بد أن يتوقف، ليأخذ قسطاً من الهدوء والصفاء، ويُمتع عينيه ببساطة الحياة وتضاريس الطبيعة، وليسمع صوت العصافير صافياً.

ثلاث طرق تصل إلى قرية خربة قيس، 3 كيلومتر جنوب مدينة سلفيت، والبالغ عدد سكانها "266" نسمة، وفيها 44 بيتا ومنشأة، ودكان واحد صغير جدا. ويُقدر عدد سكانها في الخارج بنحو 1500 نسمة، ويتركز أغلبهم في محافظة الزرقاء في الأردن، وفي مدينة سلفيت، فرغم جمالها وهدوئها إلا أن بُعدها وعزلتها جعلت منها مكانا يهجره أصحابه.

واحدة من تلك الطرق ما زالت منذ عشرات السنين طريقا ترابية وعرة، لكنها أيضاً مهمة، فذات مرحلة صعبة (بين أعوام 2006-2008) لم يكن سواها لدخول وخروج أهالي سلفيت لمدينتهم، بعدما أغلق الاحتلال مدخلها الرئيسي.

الطريق الثانية، طريق سلفيت – خربة قيس، والتي تم استصلاحها وتعبيدها بعد قدوم السلطة الفلسطينية في العام 1994، الطريق الثالثة، هي طريق مزارع النوباني – خربة قيس وهي أيضا مُعبدة منذ زمن ليس بالبعيد.

في القسم القديم من خربة قيس، يُصارع اللوز ليبقى شاهداً على جمال المكان، ناثرا نواره في منتصف شباط، على الأرض والطرقات الترابية القديمة المحيطة. عشرات الأشجار اختفت، بفعل العوامل الجوية وسوء العناية البشرية، فيما ظلت عشرات أخرى تُتُحف زائر الخربة بمشهدها الخلاب.

يُعوض الزيتون المنتشر بكثافة، تقلص عدد أشجار اللوز، فآلاف شجرات الزيتون تُحيط بالخربة، وتعتبر مصدرا رئيسيا لزيت الزيتون في محافظة سلفيت، ومصدر دخل مهم لأهالي الخربة، اضافة للسرو والصنوبر والعنب والتين وعشرات الأنواع من الأشجار والنباتات البرية.

تصلح خربة قيس للزيارات العائلية والشبابية الترفيهية، للتجوال والمسارات السياحية، للرحلات المدرسية، وللذهاب منفردا، طمعا في هواء نقي تماما، وماء يخرج من بطن الأرض، وخضرة مكتملة من جميع الجهات، وتأمل في حُب البلاد.

قبل ثلاثين عاما، كان حسن نوباني من مزارع النوباني، يجول الخربة بحماره المحمل بمواد تموينية وأدوات منزلية وصحية وقماش، إضافة لتاجر آخر كان يأتي من سنجل، فيما تعتمد الخربة اليوم بشكل شبه كلي على المحال التجارية في سلفيت.

في مدرستها الوحيدة والمختلطة، 35 طالب/ة، يكملون بعد الصف السادس الابتدائي تعليمهم في مدارس سلفيت.

تحيط بالقرية تجمعات سكانية عدة وهي "سلفيت وفرخه" من الشمال، و"عمورية" / نابلس من الشرق و" عارورة ومزارع النوباني " /رام الله من الجنوب، ومن الغرب " قراوة بني زيد"/ رام الله .. وتقدر مساحتها السكنية بـ" 100 " دونم، بينما تبلغ مساحتها الاجمالية: 3400  دونم، منها 1253 دونما مزروعة بالزيتون و642 دونما مزروعة بالفواكه خاصة "التين والعنب والتفاح ".

الخربة محاطة من كل الجهات بالجبال، وكأنها الفراغ المُعد ليكون الأرض اللينة والمنبسطة بين كتل الصخور والأحراش الملتفة من حولها. وهي تقع على تلة مرتفعة قليلاً تحيط بها الجبال من كل جانب: فمن الشرق جبل راس مقحار ومن الشمال جبل راس القرينعة ومن الشمال الشرقي جبل راس زيد ومن  الشمال الغربي جبال قرية فرخة ومن الغرب جبال قرية قراوة بني زيد ومن الجنوب الغربي جبال قرية مزارع النوباني ومن الجنوب الغربي جبال قرية عارورة ومن الجنوب الشرقي جبال قرية عبوين.

الحاج خالد طه، قال ل"وفا": نسبة التعليم عالية جدا في الخربة، ولدينا طلبة من كافة التخصصات في الجامعات، والحياة في الخربة زراعية بامتياز، والحياة اليوم افضل من السابق، بعد تحسن أحوال الناس المادية، ووجود الموظفين والسيارات والمهن المختلفة.

الحاج قاسم عبد الله، قال ل"وفا": قريتنا لا تكبر لأن السكان يخرجون منها لصالح مناطق فيها كافة مستلزماتها الحياتية، ويشتكي قاسم من سوء أحوال الطرق الداخلية، والتي ما زالت ترابية ووعرة.

معالم الخربة الأثرية

 "حيط البدّ" وهو كهف تحت سطح الأرض يقع فوقه عدد من بيوت القرية القديمة والمهدمة ويقع في المنطقة الغربية القديمة من القرية وجزء من سقف هذا الكهف معقود بحجارة كبيرة له مدخل واحد وبدون نوافذ وهو عبارة عن معصرة زيت قديمة كانت تعمل في القرن التاسع عشر حيث يوجد به فرش حجري مستدير ويوجد  في منتصفه عامود خشبي يسند حجرا آخر يتعامد على هذا الفرش ويدور عليه بواسطة الدواب وهو حجر مستدير يقوم بدرس الزيتون ومن ثم يوضع الزيتون المدروس في حفر صخرية داخل هذا المكان فيها ماء ساخن ويقوم العمال بأخذ الزيت الذي يطفو على وجه الماء الساخن .

كما يوجد في الخربة "مغارة التبن"،  وهي كهف أثري وتجويف في الصخر يوجد فيه حجر مستدير قطره حوالي مترين وفيه حوض صخري كان يستعمل على ما يبدو لدرس وعصر الزيتون كما كان يستعمل كملجأ في وقت الحروب، ولتخزين التبن، ومن هنا جاءت التسمية.

وفيها "بئر الدرج" وهو بئر ماء يقع شمال القرية حفر بطريقة دقيقة على شكل بيت درج فيه حوالي 14 درجة حفرت في الصخر وقد يرجع تاريخه للعهد البيزنطي وفي نهاية الدرج من الأسفل مغارة يقع في نهاية قاعها تجويف مصطنع حفر بعناية وبه نزاز ماء نبع ويمتلئ البئر بأكمله في فصل الشتاء.

وتحتوي الخربة على "مسجد قديم" يقال أنه من العهد العمري وفيه حجارة يصل وزنها نصف طن ويتكون من غرفة واحدة وبقي منذ القدم مسجدا للقرية حتّى بناء المسجد الجديد عام 1994 وتمّ الاستغناء عنه، كذلك يوجد في القرية عدد من الكهوف والآبار الأثرية أهمها كهوف منطقة الحبايل غرب القرية وبئر العصفور، ومقام قيس الأنصاري، الذي سميت الخربة باسمه.

خرب وينابيع

 تحتوي خربة قيس على عدد من الخرب الأثرية، أبرزها خربة فقيس: وتقع شمال القرية وبحسب ما يرويه كبار السن في القرية أنها كانت قرية وتم تدميرها في إحدى الغزوات الصليبية وهجرها سكانها بعد أن قتل معظمهم وفيها أساسات بيوت وحجارة بيوت منثورة مربعة ومستطيلة بالإضافة لعدد من الكهوف والآبار ومعاصر الخمر والزيتون القديمة ، وخربة " أجور البطيخ " وتقع شمال القرية وتحتوي على عدد من الأبنية المهدمة وتجويفات صخرية على شكل آبار صغيرة أو صهاريج منحوتة في الصخر وأكوام حجارة مقطوعة بدقة متناهية وعدد من الكهوف والآثار .

كما تضم القرية، "خربة راس مقحار"، وتقع شرق القرية وفيها آثار منحوتة في الصخر وكهوف . و"خربة راس زيد"،  وتقع شرق القرية وفيها عدد من الكهوف المنحوتة في الصخر.

ويوجد في محيط القرية ثلاثة ينابيع وعيون ماء شكلت سابقاً مصادر المياه الرئيسية للسكان، وهي :عين عادي، شمال القرية، وكانت النساء قديماً تذهب لها وتملأ جرار الفخار منها وتحملها على الرؤوس الى القرية وكثيراً ما كُنَ يتعثرن نتيجة الطرق الوعرة وتكسر الجرار ، وبقي الحال كذلك حتى عام 1956 عندما حصر نبع عين عادي في حاووز وتم مد أنابيب من هذا الحاووز الى وسط القرية، وكانت مياه الحاووز تُقسم على بيوت القرية حسب عدد الأفراد.

وبئر المرج،  ويقع شرق القرية وهو حفرة في الأرض تخرج المياه من قاعها وتتجمع وتجري ببطء في قناة ليست طويلة ولم يتم حصر مياه هذا النبع حتّى الآن علماً أن هذا النبع ينتقل أحيانا من مكانه الى مكان آخر قريب بضعة امتار عن المكان الأصلي وعليه طريق زراعي يصل بين قرية عمورية وخربة قيس .

وبئر الدرج، وكان يعتمد عليه سابقاً وخصوصا في فصل الصيف عندما تشح المياه في عين عادي، وكان الناس يضطرون للسهر عليه وتقسيم مياهه بين العائلات وعلى الدور حسب عدد الأنفار في كل عائلة.

نضال وآثار الخربة

جميل عبود، في مقاله (خربة قيس جغرافيا وتاريخ) المنشور في مدونته "عن بلدي احكيلي" عام 2014، يقول: تحيط بها الوديان من ثلاث جهات فيفصلها عن مدينة سلفيت وقرية فرخة (وادي الشاعر) ويفصلها عن قرية عارورة وقرية مزارع النوباني وقرية عبوين (وادي الكوب) ويلتقي هذان الواديان في منطقة (الطبيل) وبهذا تصبح هذه القرية في فصل الشتاء منطقة شبه مغلقة إلا من جهة واحدة وهي جهة الشرق باتجاه قرية عمورية فقط.

وهذا الموقع الجغرافي الفريد كان قد أكسبها ميزة هامة في الماضي البعيد وهي أن المُقيم فيها يستطيع أن يرى القادم إليها قبل أن يراه وبهذا يفقد القادم إليها عنصر المفاجأة لأن المقيم يستطيع أن يراه من بعيد ويستطيع على ضوء ذلك أن يميز قدومه إن كان خيراً فيُرحب به وإن كان شراَ فيقوم بالاحتياطات اللازمة ويساعده في ذلك عنصر الوقت فالوقت المستغرق للوصول إليها بعد رؤية القادم طويل جداً مما يعطيه فرصة أكبر للهرب أو التخفي.

واستفاد سكان هذه القرية من هذه الميّزة في العصر التركي فكانوا يهربون من القرية عند رؤيتهم لـجامع الضرائب "تحصيلدار" كما استفاد الثوار في العصر البريطاني، فكانوا يتخذونها دار إقامة لهم خاصة في ثورة سنة 1936 وما قبلها وما بعدها فمثلاً كان قد اتخذها المناضل محمد عمر النوباني من قرية مزارع النوباني وفصيله مقراً له فكان يقيم فيها إقامة شبه دائمة وكان يزورهم بين الحين والآخر المناضل الكبير عبدالقادر الحسيني وقد روت لي جدتي لأمي أنها رأت هذا القائد مراراً في جبل (القُرنة) الواقع شرق هذه القرية.

وفي زمن الاحتلال الاسرائيلي اتخذها المقاومون مقرا لهم، بعد أن احتضنهم أهل القرية، وخاصة في الانتفاضتين الأولى والثانية، لكن هذه القرية ليس لها حظاً منذ القدم لأن الناس لا يتذكروها إلا في الأزمات وبعد زوال هذه الأزمات ينسوها تماماً لكن هذا الكلام لم ينطبق في عصر السلطة الفلسطينية فقد اتخذتها قيادة الأمن الوطني لتكون أحد مقراتهم وأحترمهم لما قدموه من خدمات وخاصة المواصلات، وكان وادي الشاعر المار من الخربة طريقا رئيسيا يربط  جنوب فلسطين بشمالها .

أما لماذا سميت هذه القرية بهذا الاسم؟ فلأنها كانت في عهد الخلافة التركية مزدهرة وعامرة لكنها خربت بعد رحيل الأتراك عن فلسطين فقد كانت هذه القرية في الماضي تقع على الطريق الرئيس الذي كان يربط جنوب فلسطين بشمالها وهو طريق وادي الشاعر وكان هذا الطريق طريقاً عسكرياً عامراً في الليل وفي النهار بالقوافل العسكرية التركية التي كانت تشغله على مدار الساعة، زد على ذلك أنه كان طريقاً تجارياً لنقل البضائع والمحاصيل الزراعية بين قرى جنوب فلسطين وشمالها.

وكانت هذه القوافل التركية قد اتخذت من هذه القرية نقطة استراحة لها نظراً لوجود نبع بير الدرج في منتصف هذا الطريق ومن ثم نقطة نقاهة للمرضى الأتراك وهناك شجرة زيتون معمرة كان الأتراك العثمانيون يضعون مرضاهم تحتها وسموها زيتونة الكرنتينا أي غرفة العناية المركزة في هذه الأيام، ولا زالت هذه الزيتونة موجودة حتى الآن، وبنفس الاسم التركي، ثم اتخذوا من هذا المكان نقطة تدريب لمرضاهم على إصابة الهدف في المنطقة التي تقع شمال بير الدرج ولا زال اسمها حتى الآن (مِقْيَم العَلام). ونبع بير الدرج المصدر الأول لمياه الشرب حتى سنة 1957 وكانت البيادر مركز القرية.

أما المقطع الثاني من اسم القرية وهو قيس فيوجد مقام لأحد الأولياء الصالحين يدعى قيس الأنصاري في الطرف الشمالي من القرية كان إلى عهد قريب تقصده النساء اللواتي لهن طلبات خاصة ويردن تحقيقها بسرعة أكبر فكانت كل امرأة تطلب طلباً من الله وتريد تحقيقه كانت تنظف هذا المكان وتشعل السراج الدائم الموجود في مدخله وتطلب من هذا الولي ما تريد تحقيقه.

ومن معالم الخربة الدينية والأثرية، مقام الولي (علاء الدين) ويقع في الطرف الشرقي للقرية ومقام (الشيخ أحمد) ويقع في الطرف الغربي للقرية وهو على هيئة مسجد قديم مكون من غرفة واحدة وقيل أنه بُني في العهد العمري وكانت بيوت هذه القرية في الماضي تنتشر حول هذا المسجد وبعد أن تهدمت هذه البيوت بفعل الزمن بدأت القرية تزحف إلى الشرق وبقي هذا المسجد مكانه وفي هذه الأيام بني مسجد حديث على البيادر بدلاً منه. وهناك شجرة زيتون كبيرة الحجم من العهد الروماني قديمة جداً وضخمة ساقها مجوفة تتسع لجلسة عائلية تسمى (زيتونة الواوي).

ومن معالم الخربة أيضا، المضافة، وهي مبنى قديم جدا بني في العهد العثماني يقع في الطرف الشمالي من القرية، وكانت هذه المضافة تستعمل فيما مضى لاستقبال الضيوف الرسميين والمدنيين ثم تحولت  لمدرسة ابتدائية لأطفال القرية وتقع أمام هذه المضافة شجرة فلفل برّية قديمة جداً تسمى (الفلفلة) كان الناس يجلسون تحتها في فصل الصيف لأنها وارفة الظلال من جهة وتصلح أن تكون نقطة مراقبة للذاهبين والقادمين إلى مدينة سلفيت.

وفي عام 2004 تم ربط القرية بشبكة الكهرباء القطرية من قبل مدينة سلفيت، وتوفير الخدمات العامة للقرية من ماء وكهرباء ونفايات، وذلك بعد دمجها في المدينة، واعتبارها ضاحية تابعة لها.

_

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2025