صراع المال والنفوذ داخل حماس.. كلمة السر وراء غياب السنوار الـ"قسري"
غزةـ الحياة الجديدة- أثيرت في الآونة الأخيرة مجموعة من التساؤلات والتخمينات حول غيابه "القسري" لأكثر من ثلاثة أشهر، واختفائه عن الأنظار بعد أن تغنى البعض باندفاعه وجديته في إجبار حركة "حماس" على التوجه لتحقيق المصالحة، فكانت محاولة "اغتيال" المسؤول الأمني الأول التابع لحركة حماس توفيق أبو نعيم نهاية شهر تشرين الاول من العام الماضي، القشة التي قسمت ظهر يحيى السنوار ودعته لاعادة حساباته ومواقفه السابقة بشأن المصالحة.
وكان السنوار الذي يعتبر رئيسا لحركة حماس في قطاع غزة، هدد في لحظات اندفاعه نحو تحقيق المصالحة بالضرب بيد من حديد على يد كل "حمساوي" يحاول افشال المصالحة، فكانت محاولة اغتيال ابو نعيم التي خلطت الأوراق، كون الأخير هو المسؤول الأمني الأول الذي يتبع للسنوار.
مصادر مطلعة وذات شأن في قضايا الحركات الإسلامية قالت لـ"الحياة الجديدة": "إن التجاذبات في مراكز القوى داخل حركة حماس، هي السبب الرئيس في اختفاء السنوار خلال الأشهر الماضية عن الساحة الإعلامية"، مردفة: "الهيمنة الأمنية بما تعنيه من سيطرة "العسكر" على مركز اتخاذ القرار، لم تعد كما هي خاصة في الفترة الحالية التي تعاني منها الحركة من مشاكل مادية وأمنية كبيرة".
وبعد الإفراج عن السنوار تولى منصبا قياديا في حماس وأسندت إليه مهمة التنسيق بين المكتب السياسي لحماس وقيادة كتائب عز الدين القسام، بصفته "ممثلا للكتائب" في المكتب السياسي. وتلمح المصادر إلى أن ظهور قوى "رجال الأعمال" أو ما يسميها البعض "قيادات المال والبزنس" داخل الحركة والتي جمعت أموالا تقدر بالملايين خلال الفترة السابقة، أصبح لها دور مهم في حسم الكثير من القضايا الداخلية والخارجية المتعلقة بالحركة كونها تمتلك المال والتمويل وهو الأمر الذي غير معادلة "الولاءات" لكثير من القيادات الفاعلة داخل الحركة.
وتمر حركة "حماس" التي تحكم قطاع غزة بالقوة منذ 11 عاما، بأزمة مالية خانقة، وصراعات خفية حول أصول الأموال التي تحصل عليها عدد كبير من القيادات، مع الإشارة إلى أن الأزمة المالية امتدت إلى معظم مؤسسات الحركة بما فيها الإعلامية والخيرية بمعدل تناقص في التمويل يقدر بحوالي 70% كعجز في الموازنات التشغيلية والتمويلية.
وتشير المصادر المطلعة داخل حماس إلى أن قوى البزنس والمال داخل الحركة مارست خلال الفترة الماضية ضغوطات على السنوار متزامنة مع الضغوط الأمنية ومحاولة اغتيال أبو نعيم، فكانت الرسالة واضحة بأن معظم المكاسب المالية لهؤلاء القيادات لن يسمح بأن تذهب دون ثمن، مؤكدة أن مزارع الأبقار والدواجن والفواكه والخضراوات إضافة إلى المجمعات التجارية ومحطات الوقود والأبراج التي يملكها الكثير من قيادات الحركة في غزة لا يمكن التنازل عنها بأي حال من الأحوال".
وأشارت المصادر إلى أن قضية الأراضي الحكومية والمزارع والمشاريع التي استولت عليها حماس هي من أهم المسائل الخلافية داخل الحركة، إضافة إلى قضية النصب الأكبر في تاريخ غزة "الروبي والكردي" والتي تقدر بحوالي 140 مليون دولار، ويطالب أصحابها من المواطنين والبسطاء باستردادها من الوسطاء الذين جمعوها تحت غطاء من الحركة.
وأعلن رئيس حكومة الوفاق الوطني الدكتور رامي الحمد الله قبل أيام أن تمكين الحكومة من ممارسة عملها في قطاع غزة ليست شروطا بل هي متطلبات لإنقاذ القطاع، مشددا على ضرورة تسليم الجباية المالية التي تجمعها حماس من المواطنين، واعادة الأراضي الحكومية التي تم الاستيلاء عليها في الفترة الماضية.
ومنحت حماس مئات الدونمات من الأراضي الحكومية لموظفيها الذين لا يتقاضون رواتب كاملة منذ ثلاث سنوات، إضافة إلى عشرات الدونمات التي تم فرزها للمشاريع الاستثمارية الخاصة بالحركة وقياداتها في قطاع غزة.
وترفض حماس تنفيذ الالتزامات الخاصة بموضوع الجباية وتمكين الحكومة في موضوعي الأمن والقضاء رغم التوقيع على تلك الاتفاقات برعاية مصرية، وتصر حركة حماس على إعطائها ضمانات بشأن موظفيها الذين يقدر عددهم بحوالي 42 ألف تم توظيفهم وفقا للانتماء التنظيمي وبعيدا عن قوانين السلطة الوطنية الخاصة بتعيين الكادر في مؤسساتها.