الاحتلال يشدد من إجراءاته العسكرية شمال القدس    تحقيق لـ"هآرتس": ربع الأسرى أصيبوا بمرض الجرب مؤخرا    الاحتلال يشدد إجراءاته العسكرية على حاجز تياسير شرق طوباس    شهداء ومصابون في قصف الاحتلال لمنزل في رفح جنوب قطاع غزة    الاحتلال يواصل اقتحام المغير شرق رام الله لليوم الثاني    جلسة لمجلس الأمن اليوم حول القضية الفلسطينية    شهيدان أحدهما طفل برصاص الاحتلال في بلدة يعبد    مستعمرون يقطعون عشرات الأشجار جنوب نابلس ويهاجمون منازل في بلدة بيت فوريك    نائب سويسري: جلسة مرتقبة للبرلمان للمطالبة بوقف الحرب على الشعب الفلسطيني    الأمم المتحدة: الاحتلال منع وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لقطاع غزة الأسبوع الماضي    الاحتلال ينذر بإخلاء مناطق في ضاحية بيروت الجنوبية    بيروت: شهداء وجرحى في غارة إسرائيلية على عمارة سكنية    الاحتلال يقتحم عددا من قرى الكفريات جنوب طولكرم    شهداء ومصابون في قصف للاحتلال على مناطق متفرقة من قطاع غزة    "فتح" تنعى المناضل محمد صبري صيدم  

"فتح" تنعى المناضل محمد صبري صيدم

الآن

ياسمين وراد... صوت التراث الباقي

 إيهاب الريماوي

قبل 54 عاماً، عاد باسم وراد حاملاً شهادة تخرجه من الثانوية العامة، من مدرسة الرشيدية بمدينة القدس، وفور وصوله بيته في قرية بيتين شرق مدينة البيرة، استقبله والده جميل وراد الذي كان شاعراً شعبياً وقال: "على راسك يا باسم طير السعادة.. من وسط القدس جبت الشهادة".

ياسمين شقيقة باسم تأثرت بشعر والدها، وبدأت بترديده منذ أن خطت خطواتها الأولى، وتعلمت منه الغناء التراثي والشعبي الذي يقال في المناسبات السعيدة والحزينة على حدٍ سواء.

تصف ياسمين نفسها، وهي التي تحتفل بعيد ميلادها السابع والستين في الحادي والعشرين من شهر نيسان/ابريل المقبل، بأنها من أهل الغناء التراثي والشعبي، ولا يخلو فرح في القرية إلا وتكون في مقدمة الصفوف.

"أنا من عائلة فنية، كان جدي يعزف على الربابة ويغني المواويل، ونحن عائلة وراد معروفين بأننا أهل للفن، جدي كان مختار القرية، وكانت مضافته تشهد ليالي السمر، ومن هنا تأثرت وتشبعت وتربيت على الأغاني التراثية الفلسطينية"، تقول ياسمين.

لا تترك ياسمين مناسبة إلا وتغني بها، ومنها مثلا في خرجة (خروج) العروس من بيت والدها: "يا مميتي وش جاب المدلل عندنا بدو يناسبنا، ويوخذ بنتنا ويعز النسب"، وتقول أيضاً: "الطير هدى على حطبنا يا هلابا يا هلابا.. المدلل بدو نسبنا أهلا وسهلا ومرحبابا".

في بيتين كما معظم القرى الشرقية لمحافظة رام الله والبيرة، طابع خاص لحفل الحناء الذي يسبق عادة حفل الزفاف بيوم واحد أو يومين، حيث ترتدي النساء اللباس المطرز يدويا، وتتزين قاعات الأفراح بالفرش التراثي، وفي هذا اليوم تقول ياسمين: "عادتنا نلبس مخامل.. عادتنا يما عادتنا ..عادتنا نناسب أكارم أهل البلاد يعرفونا".

" هي (ياسمين) سكر الفرح في بيتين، لولاها لما حافظت بيتين على موروث الأجداد، جعلت أفراحنا ذات طابع جمالي خاص، فأول المدعوين هي دائماً، وهي أول من يخطر في البال"، تقول صديقتها أم جابر.

ياسمين تأسف على اندثار الأغاني التراثية في معظم المناطق والقرى الفلسطينية، وتحول الأفراح إلى أبواق للموضة والأغاني الهابطة التي تخلو من أي معنى ذي قيمة، عكس الأغاني الشعبية التي تحمل رسائل جميلة ولطيفة.

كما غنت للفرح، غنت للحزن، وفي عام النكسة نزح فلسطينيون جدد إلى أقطار عربية مختلفة، وعقد جميل وراد والد ياسمين العزم على عدم الرحيل مهما كلفه الأمر، وخير زوجته البقاء معه والرحيل مع عدم العودة، وفي تلك الفترة انتشرت شائعات حول المذابح التي ترتكبها العصابات الصهيونية، ودب الخوف في نفوس الأهالي، لكن هناك من غادر وآثر الرحيل، وغنت ياسمين: "ما ودعونا شالوا الخيم في الليل ما ودعونا .. كنك حنونة هيلي يا دعمة العين.. كنك حنونة".

أكثر من 3000 مغترب في بيتين يتركّز تواجدهم في ولايات سانت لويس، وملواكي، وكاليفورنيا، وأوهايو الأميركية، أبتدأ اغترابهم منذ سنوات الخمسينيات، قبلها كانوا يقصدون البرازيل والمكسيك والأرجنتين وفنزويلا.

ووفق رئيس مجلس قروي بيتين ذياب ياسين فإن هناك أكثر من 100 منزل فارغ في القرية، وفلل خاوية من الساكنين، وهذا ما يزعج ياسمين التي ترى بأن ما كسبه المغتربون سوا  بناء "حجرين"، وخسروا لمة العائلة والاجتماع على مائدة واحدة، والجلوس تحت ظل شجرة في فصل ربيعي.

وغنت باكية عن حال بيتين الخالية شوارعها من شبانها، "هي يلي لبستي الكرفتة... راحت ما تفظي الحارة الوسطة"، وقالت "يلي سافرتي في يوم الجمعة... يلي هواك طفالي الشمعة... تحرم علي يا ظو الشمعة تحرم علي ما دام المدلل مش موجود".

ترى ياسمين نفسها محظوظة لأنها بقيت ولم تهاجر، حيث إن شقيقها هاجر لـ9 سنوات فقط، ولم يحتمل الغربة وعاد وتزوج وهو في سن الأربعين، وأنجب مولوده الوحيد بعد 16 عاماً من الزواج، كما أنه تشرب من والده الشعر ويحفظ ويردد الأبيات الشعرية.

في نهاية ستينيات القرن الماضي كانت عائلة وراد مشهورة بزراعة "الإجاص"، وكانت تصدر لعدد من الدول حتى أن محصولهم وصل إلى الكويت، وذاع صيت "وراد يا انجاص" في تلك الفترة، لكن تفتت العائلة واغتراب معظمها جعل جني المحصول أكثر صعوبة، كونه بحاجة إلى عناية دائمة، فلم يبق في "الدار" إلا ياسمين فقررت استبدال شجر الإجاص بشجر الزيتون.

تعتاش ياسمين على بيع التين من أرضها، كما تجففه وتصنع منه "القطين"، وتبيعه في أسواق رام الله.

تستعد ياسمين لبداية فصل الصيف، حيث تكثر الأفراح والأعراس، "هذا أكسجين أتنفسه، أفرح كثيراً بقدوم الصيف، فسأطرب آذان الفارحين".

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024