الفلسطينية في يومها
كتب: رئيس تحرير صحيفة "الحياة الجديدة"
لها في القلب ايام العمر كلها، وقد ترعرع على يديها، بنين وبنات، وأسرة تهندم بالحب النبيل والحنو المقدس، شؤون الحياة، لها ظلال التينة في حجرات البيت، وسكر حبتها المفتونة بطعم الجنة، ولها وقفة الزيتونة، صلابتها، زيتها الذي يضيء "ولو لم تمسسه نار"، ولها اعتراف الواقع بجدارة صبرها، وبلاغة تفانيها، حارسة وراعية وبانية، ولا دور يوازي دورها او يساويه، عطف وحزم، قوة ولين، وكلما فلسطين تفتحت وردتها قصيدة تفوح بعطر التحدي.
هي السيدة، في ربوع سيدة الارض، نكتمل بمعانيها، ونزهوا بحضورها، ونمتثل لسلطتها الناعمة التي تربت على اكتاف ايامنا، وتيسر دروبها، هي السيدة: امنا واختنا وبنتنا، وبهجة البيت زوجة تسند، ورحما يؤثث مطارح العائلة.
هي السيدة كلما نحن، وحيث لا ينبغي ان نفرق او ان نجدول الطبيعة الانسانية بأصولية التقسيم التعسفي، فلا الذكورة تستقيم وحدها، ولا الانوثة، وهذا ما تريد فلسطين، وهي تسطر اصدق ملاحم البطولة في النضال ضد الاحتلال حتى دحره التام، لتبني دولتها الحرة المستقلة، دولة العدل والكرامة والمساواة، دولة السلام على ارض السلام.
لن يقرأ العالم عن المرأة، كما هي في كتاب فلسطين، منذ "عناة" السيدة الاولى التي دارت بالزوادة على عاصرات الزيت، وحتى بنتنا البهية "عهد التميمي" الطفلة السيدة، وقد باتت ايقونة لمعنى الطفولة التي تتحدى بالبراءة، خبث القوة وعدوانيتها دون خوف ولا تردد.
ولن يجد العالم سيدة تحتضن جذع زيتونتها مثلما تحتضن ابنها، لتقاوم جرافات الاحتلال التي تريد قلعها، كما عندنا في صور كثيرة، ولن يقرأ عن زغاريد تزف الشهيد تحديا للاحتلال بعيدا عن كتابنا، ولن يقرأ ابدا عن ثياب ورسائل تعطرها الام بالحنو والمحبة لابنها، او البنت لأبيها، او الزوجة لزوجها، او الاخت لأخيها، الاسرى في سجون الاحتلال، اذا لم يقرا كتاب فلسطين والذي ما زال يكتب بسير الصمود الملحمية والمتوجة اليوم بأشجع لاءات التحدي التي اشهرها الرئيس الزعيم ابو مازن من اجل سلام العدل والحق والجمال.
في الثامن من اذار وفي كل يوم من ايام السنة ليتنا نستطيع نصا ابعد من هذا النص وأوضح محبة وتقديرا واعتزازا بالمرأة الفلسطينية الحارسة والراعية والبانية، كل عام وسيدة الروح والقلب والدرب بألف خير ومحبة، كل عام ونحن الانسان الفلسطيني، امرأة ورجلا، سوية على طريق الحرية حتى القدس العاصمة.
والمجد والخلود لشهيداتنا الباسلات، كلهن نجمات سماوات فلسطين الحرة...