جمرورة: استثمارات بمئات الملايين بانتظار توصيات اللجنة الوزارية
ساهر عمرو
لقد كان لتأخر انشاء منطقة صناعية تحتضن صناعات مدينة الخليل، جملة من الآثار السلبية، أبرزها ظهور التجمعات الصناعية العشوائية، وما يرافقها من مشاكل لكافة الاطراف، منطقة جمرورة والتي تقع غرب مدينة الخليل هي مثال حي على ذلك.
مدير عام الاقتصاد الوطني في محافظة الخليل ماهر القيسي، يشير إلى أن هذا التجمع ظهر منذ ما يزيد على عشرة أعوام، ويضم نحو 30 مصنعا من أكبر المصانع على مستوى الوطن، ومنها الصناعات البلاستيكية والمفروشات والنايلون، وتقدر حجم الاستثمارات في تلك المنطقة بمئات الملايين من الدولارات، ويعمل فيها ما يقرب من 2500 عامل من سكان المنطقة.
واعتبر ظهورها نتيجة طبيعية لعدم وجود منطقة صناعية خاصة في محافظة الخليل، حيث كانت هذه المنطقة تعتبر من المناطق المرشحة لإقامة منطقة صناعية، الأمر الذي دفع أصحاب هذه المصانع لإنشاء مصانعهم بها دون الرجوع إلى أي جهة رسمية ذات علاقة أملا بإقامة تلك المنطقة كما كان متوقعا.
واستدرك، علما أن المنطقة التي يتم الحديث عنها في الوقت الحاضر لإنشاء تلك المنطقة تقع بجانب هذا التجمع العشوائي في منطقة جمرورة، وقد بات هذا التجمع يشكل مشكلة كبيرة أمام الجهات الرسمية وأمام أصحاب هذه المصانع، تتعلق بالوضع القانوني لها، وحصولها على التراخيص اللازمة للعمل في تلك المنطقة، وقد تصاعدت وتيرتها بشكل كبير خلال العامين الماضيين بسبب الحاجة الملحة لبعض هذه المصانع للتوسع، بالإضافة إلى حرمانها مما يقدمه قانون تشجيع الاستثمار من ميزات وحقوق افتقدتها هذه المصانع بسبب عدم تحقيقها للشروط الخاصة، وأهمها الحصول على التراخيص اللازمة.
وقال القيسي إن المشكلة تقسم لثلاثة مستويات، الأول، المصانع المستوفية لكافة الشروط والحاصلة على التراخيص اللازمة من جميع الجهات ذات العلاقة، والتي تمارس نشاطها الصناعي بالكامل دون مشاكل ويبلغ عدها 6 مصانع.
أما المستوى الثاني فيتمثل في أن الجزء الأكبر من هذه المنشآت، نحو 20 مصنعا، جميعها مرخص من قبل البلدية، في حين أن صلاحيات منح مثل هذه التراخيص في تلك المنطقة يقع ضمن صلاحيات وزارة الحكم المحلي وليس البلدية، الأمر الذي جعل من تراخيص هذه المصانع غير قانونية، أي أن الاشكالية في هذا المستوى هي ادارية ناتجة عن نزاع صلاحيات بين وزارة الحكم المحلي والبلديات، ولا وجود لأي سبب اخر يمنع حصول هذه المصانع على التراخيص اللازمة.
وأضاف أنه يتم العمل على حل هذه المشكلة من قبل وزارة الحكم المحلي والبلديات، ومن المتوقع أن ينتهي أصحاب هذه المصانع من إجراءات التراخيص قريبا.
أما المستوى الثالث فيتمثل في المصانع غير المرخصة، وهي المشكلة الرئيسية، والتي لا يمكن ترخيصها في الظروف القائمة حاليا، لكون سبب عدم حصولها على التراخيص اللازمة يرتبط بطبيعة الأرض التي تقام عليها هذه المصانع والمصنفة بكونها أراض عالية القيمة من الناحية الزراعية، والذي يمنع القانون من إقامة أي نوع من الانشاءات الثابتة عليها، ويبلغ عددها 6 مصانع وهي من أكبر المصانع على مستوى الوطن، وبحجم استثمار يقدر بمئات الملايين من الدولارات، وتعمل في مجال البلاستك والنايلون والمفروشات ويخصص ما يقارب 80% من إنتاج هذه المصانع لأغراض التصدير.
ويقول فضل المحاريق من وزارة الزراعة إنه تم تصنيف منطقة الوادي في جمرورة على أنها منطقة عالية القيمة اعتمادا على المخطط الوطني للحماية منذ عام 2014، مشيرا إلى أن طواقم وزارة الزراعة رصدت خلال الفترة السابقة اعتداءات على هذه الأراضي وأن هنالك عددا من المصانع قد أقيمت عليها، وتم مراسلة الجهات ذات الاختصاص بضرورة وقف مثل هذه الاعتداءات.
ويقول شادي شاور، وهو صاحب أحد المصانع في تلك المنطقة تفاصيل المشكلة، حيث إن مصنعه الرئيسي يقع داخل حدود المدينة، ونظرا لرغبته وحاجته للتوسع وإدخال خطوط إنتاج جديدة، وفي ظل عدم وجود منطقة صناعية بالخليل، ورفض بلدية الخليل منحه ترخيصا بتوسيع المصنع داخل حدود المدينة، لذلك لم يكن أمامه سوى البحث عن مكان خارج المدينة.
وأضاف، "كان الخيار هذه المنطقة، واعتمادا على ما كان شائعا أن هذه المنطقة مرشحة وبشكل كبير لتكون منطقة صناعية، وقمنا بشراء الأرض في شهر 8/2013 وباشرنا بالعمل بمساحة انشاءات تقارب 7000 مترا مربعا".
واعتبر أن ما وصلت إليه الامور ما هو الا نتيجة طبيعية لعدم وجود منطقة صناعية. وطالب الجهات ذات العلاقة بضرورة توفير الحلول اللازمة لضمان استمرارية وتطور الصناعة في المدينة، وفي حال بقاء استمرار الوضع على ما هو عليه فإن المستثمرين سيتوقفون عن التوسع والتطور.
واعتبر محافظ الخليل كامل حميد أن هذه الظاهرة تأتي ضمن التسابق ومحاولة فرض الأمر الواقع من قبل بعض رجال الأعمال، خاصة في ظل ما أشيع عن إقامة منطقة صناعية في تلك المنطقة.
وأشار إلى أن اللائمة في ظهور وتصاعد هذه المشكلة تقع على الجميع، فهنالك تسرع من قبل رجال الاعمال، وعدم اتباعهم للخطوات القانونية للعمل والبناء، وعدم الحصول على التراخيص اللازمة من الجهات ذات الاختصاص، وتوجههم للحصول على تراخيص من جهات ليست ذات علاقة مثل حصول بعض المصانع على تراخيص من قبل البلديات.
وأضاف أنه تم تشكيل لجنة محلية، شملت الوزارات ذات العلاقة وممثلين عن القطاع الخاص، وأوصت أن حل المشكلة يتطلب تدخلا على مستوى أعلى، لكون الحلول الممكنة والمقترحة لا تقع ضمن صلاحيات مثل هذه اللجان، فتم مخاطبة رئيس الوزراء الذي شكل لجنة وزارية برئاسة وزارة الحكم المحلي وعضوية الوزارات ذات العلاقة، والتي قامت بزيارة الموقع والالتقاء بكافة الاطراف، وأصدرت توصياتها بترخيص المصانع والمستودعات والمزارع الموجودة غير المرخصة أو ايجاد حلول لها.
كما أوصت بتغيير صفة الاستخدام لبعض الأراضي والمواقع، ورفع الحصانة عن بعض هذه الاراضي، والتنسيق والتمهيد لإقامة منطقة صناعية رئيسية، بحيث لا تصبح منطقة جمرورة بديلا أو عقبة أمام إنشاء تلك المنطقة.
وأشار إلى أن عملية التنفيذ قد تستغرق بعض الوقت، في ظل الحديث عن تغييرات في طبيعة تصنيف الارض، واعداد مخططات هيكلية، والتي من الممكن أن يجري عليها اعتراضات.
وأكد أن الحلول بدأت ولن تتوقف إلا بانتهاء كامل للمشكلة، حيث يتم العمل ضمن خطين متوازيين، الاول ايجاد الحلول المناسبة والسريعة للتجمعات الصناعية التي ظهرت والمصانع غير المرخصة، والثاني العمل وبشكل حثيث، على انشاء المنطقة الصناعية.
وطالب رجال الأعمال بالتعاون الكامل ووقف العمل بإنشاء مصانع جديدة دون تراخيص، واتباع الإجراءات القانونية للحصول على هذه التراخيص، وبدء العمل بشكل جدي لترخيص ما هو قائم حاليا.